المجلس الوطني السوري والملف الكوردي

جان كورد، ‏0 3‏ آذار‏، 2012

هناك لعبة أطفال لدى الكورد تدعى “السكين والجبنة”، يقترب فيها طفلان من جهتين مختلفتين خطوة خطوة، أحدهما يمثل السكين والآخر يمثل الجبنة، ومعلوم أن السكين هي القاطعة وهي الأقوى في اللعبة، وقبيل وصول الخصمين إلى نقطة التلاقي تزداد اللعبة هيجاناً، رغم أن النتيجة معروفة وهي أن الجبنة لن تنتصر على السكين. وفي غالب الأحيان يتدخل الحكم ويوقف اللعبة لأن الغاية منها هي تعليم الاطفال أن يرحم الأقوياء الضعفاء وأن لايقطعوا بعضهم بعضاً كما تفعل السكين بالجبنة 

شاء الكورد أم أبوا، فإنهم يمثلون جهة الجبنة في هذه اللعبة السورية، لأنهم أقلية في نظر الكثيرين ممن في المجلس الوطني السوري، الذي يبدو أنه الممثل الأهم حالياً في المعارضة السورية لطموحات الثورة الشعبية، والأقلية تتبع الأغلبية في الديموقراطية، هكذا تعلموا وهكذا سيتصرفون وفق ما تعلموه، في حين أن هناك أقليات سوى الكورد، لها مساند دولية أو اقليمية قوية، لاينطبق عليها هذا البند الديموقراطي، فهي تتمتع بالحقوق التي حرم الكورد منها طوال عقودٍ طويلة من الزمن، في ظل النظام الأسدي، وبعد زواله أيضاً 

أصبح لدى المجلس الوطني السوري “ملف كوردي” ظهر واضحاً باعلان المكون الكوردي، سوى فئة تؤمن بأن بقاءها في المجلس أهم لها من السير مع ممثلي قومها، الإنسحاب من مؤتمر استنبول الأخير، هذا المؤتمر الذي كان مفترضاً فيه أن يظهر السوريين صفاً واحداً أمام أعين العالم الخارجي. وهذا الملف الكوردي قد لايكون هاماً بحجم ملف “الجيش السوري الحر” أو ملف “شراء بعض الأتباع القريبين من الأسد” أو ملف “كسب الطائفتين الدرزية والعلوية إلى صف الثورة كلياً”، إلا أنه ملف لمكون أساسي من مكونات المجتمع السوري، سيكون لاهماله عواقب وخيمة مستقبلاً على مسار الحياة الديموقراطية في سوريا ما بعد حكم آل الأسد 

لو كان الأسد ذكياً لاستطاع الاستفادة الآن من “عنجهية” بعض رموز المعارضة السورية ورجالات المجلس الوطني الذين يتصرفون وكأنهم لايعلمون شيئاً عن القانون الدولي بصدد “حق تقرير المصير للشعوب” أو لم يسمعوا بالنجاح الكبير للنظام الفيدرالي على المستوى العالمي، حيث تتواجد أكثر من قومية في دولةٍ واحدة، وحتى في دولةٍ مثل ألمانيا ليس فيها سوى الشعب الألماني، ومع ذلك فإن النظام السياسي لهذا الشعب قائم على تفتيت السلطة المركزية وتوزيعها بشكل عادل على 16 ولاية متفاوتة في الحجم السكاني، حيث منها على مستوى مدينة واحدة فقط، في حين أن جارتها أكبر من دولتين عربيتين معاً، وأقوى من حيث الامكانات والثروات، ولكنها تملك ذات الحقوق التي تتمتع بها ولاية ضعيفة وصغيرة. نعم لو كان الأسد ذكياً لكسب قلوب الكثيرين من الكورد بمرسوم تشريعي واحد يضمن لهم التمتع بحقهم في إدارة أنفسهم ضمن سوريا واحدة موحدة، إلا أن العقيدة السياسية للنظام الذي تربى ونشأ في ظل الشعارات العنصرية لحزب “البعق” تدفعه باستمرار إلى التظاهر بمظهر المدافع عن “عروبة سوريا 

كان بامكان المجلس الوطني السوري أن يحافظ في ميثاقه الذي اختتم به مؤتمره الأخير في اسطنبول، على ذات الصياغة المتواضعة التي دونها في نهاية مؤتمره في تونس حيال ” الملف الكوردي”، إلا أن اسطنبول غير تونس، من جهة موقعه الجيوبوليتيكي، فهنا تركيا التي يعيش فيها أكثر من 25 مليون نسمة من “الكورد” الذين يطالبون كل يوم بحقهم القومي ويلجأ طرف من أطرافهم السياسية إلى استخدام العنف أيضاً في سبيل نيل تلك الحقوق. وفي تركيا المتاخمة لسوريا من ناحية الشمال – كما نعلم – مدرسة سياسية تقول حرفياً:”لن نسمح بأن تقوم للكورد قائمة حتى ولو على سطح المريخ.” ومعلوم أن الدعوة لمؤتمر المجلس الوطني السوري هذه المرة كانت عبر بوابة وزارتي الخارجية التركية والقطرية. ومصالح تركيا وقطر ومعهما دول وامارات عربية وكذلك بعض الدول الكبرى تقتضي أن لايحلق المجلس الوطني السوري خارج السرب 

طالب المكون الكوردي في المؤتمر أن يتم الاعتراف الدستوري بوجود وحق الشعب الكوردي وحل قضيته القومية على أساس هذا الاعتراف بشكل ديموقراطي عادل، فهل في هذا ما يخالف الشرع الرباني الذي يدعوننا إلى تطبيقه “الإخوان المسلمون” الذين يشكلون الكتلة الأشد تماسكاً في هذا المجلس؟ أم أن هذا مخالف للقانون الدولي الذي يتبجح بالنضال في سبيل احترامه العلمانيون، وهم في غالبيتهم قانونيون ومحامون شهيرون بماضيهم التليد في الدفاع عن الحقوق والمطالبة بالحريات؟

الإدعاء المنسوب للكوردي الوحيد في الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني السوري، الدكتور عبد الباسط سيدا، الذي لم يخرج مع ممثلي شعبه الكوردي من المؤتمر، بأنهم يطالبون بما هو “سقف عالٍ” و”سيأتي بالمشاكل” باطل وخاطىء ويدل على أن هذا الإنسان من أصحاب “النوايا الحسنة”، فيرى حل المشكلة الكبيرة بين ما يريده أبناء جلدته وبين ما يعرضه زملاؤه في المجلس الوطني السوري في المطالبة بالحد الأدنى من الحقوق الكوردية والانتظار حتى إشعارٍ آخر، أي الانتظار حتى ينمو الشعور العام بين الديموقراطيين السوريين بأن الشعب الكوردي يستحق أكثر من ذلك، فيطرحون مبادرات أشد جدية مستقبلاً… إلا أن المؤمن لايلدغ من جحرٍ مرتين، فالكورد شاركوا في الثورة ضد الفرنسيين من قبل، فجاء الدستور السوري بعد الاستقلال ليتناسى وجودهم القومي وحقوقهم التي يقرها القانون الدولي كقومية ثانية إلى جانب القومية العربية والعديد من الأقليات القومية والدينية… وآمل أن لايكون هذا الادعاء من السيد عبد الباسط سيدا نتيجة حسابات شخصية للبقاء في قمة الهرم السوري المعارض 

عدم تناول المجلس الوطني السوري للملف الكوردي بشكل لائق، وانسحاب ممثلي المكون الكوردي من المؤتمر بسبب ذلك، لايعني انسحاب الكورد من المعارضة أو التخلي عن الثورة، وهذا التأكيد جاء على لسان عدة سياسيين كورد، ممن كانوا في المؤتمر وممن لم تتم دعوتهم أصلاً لأسباب عديدة، منها أن اختيار المدعويين كان يتم عبر فلترات فئوية وعقيدية وحزبية وتحت تأثيرات شخصية وعشائرية ومناطقية، بل لايمكن تجاهل الفلترات غير السورية أيضاً. الكورد مستمرون في أداء دورهم في الثورة وفي المعارضة لأنهم على ثقة بأن قضيتهم القومية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتحقيق مجتمع الحرية والديموقراطية، وهي القضية الأساس التي ينطلقون منها، لأن عدم حلها حتى الآن هو سبب شقائهم الكبير. ولايمكن القبول باتهام الشعب الكوردي بالتقصير أو التراجع أو التردد أو الأنانية 

المجلس الوطني السوري لم يهمل شيئاً في وثيقة العهد الوطني التي قرأها علينا السيد جورج صبرة من اسطنبول، حتى أنها لم تهمل قضية الشعب الفلسطيني أيضاً، ولكن هناك من يزعم بأن المجلس في حالة “ثورة” ضد النظام، وطرح الاعتراف الدستوري بالشعب الكوردي وحقوقه القومية الآن سابقٍ لأوانه، فماذا يعني هذا؟ أو ماذا يريدون قوله للكورد بالضبط؟ القضية الفلسطينية أهم من قضيتكم؟ أم أن قضيتكم دون المستوى؟ أم لا دستور ولا بطيخ… نحن هنا الأغلبية وأنتم الأقلية ونحن سنطبق ما نراه حقاً وعدلاً وما عليكم سوى قبوله… فإذا لم يكن هذا وذاك صحيحاً فليعطوناً تبريراً نقنع به الشعب الكوردي الذي لم يعد يقبل بأن يقاد إلى المقصلة دون مقاومة 

هناك من يقول: نحن العرب تخلينا عن “عروبة سوريا” من أجل خاطركم وخاطر الأقليات الأخرى، فلماذا تصرون على كورديتكم وحقكم القومي؟

قبل كل شيء، محاولة البعث لاظهار سوريا “عربية” عقوداً من الزمن فشلت لأن الحقائق على الأرض تثبت بأن سوريا بلد متعدد القوميات. وفي الحقيقة لم يتخلى أحد عن “عروبة سوريا” عندما يؤكد العهد الوطني السوري على دعم القضية الفلسطينية ويتملص من القضية الكوردية التي هي قضية سورية داخلية لأسباب “قومية صرفة”، بل إن الكورد لايجدون حرجاً في أن يقاتل العرب السوريون من اجل وحدتهم القومية فهذا حق لهم كما هو حق لسائر القوميات ومن ضمنها القومية الكوردية بالتأكيد. كما تقول الحقيقة: التخلي عن الشطحات العنصرية أمر جيد، والاعتراف بالحقائق على الأرض كذلك، وهذا لايمكن اعتباره منة على الكورد وسواهم، فسوريا كما هي على الأرض جزء من المنطقة العربية وعضو في الجامعة العربية “مجمد حالياً” ولها حدود مع ثلاث عربية وشعبها في غالبيته يتكلم بالعربية، وأعتقد أن ليس هناك كوردي عاقل ينكر هذا، ولكن أن يصر بعضهم على جعلها سورية عربية ذات جيش عربي، وجمهورية عربية، ومواطنين كلهم عرب، فهذا ما يرفضه ويقاومه الكوردي وغير الكوردي، ولذا لابد من أن يحصل الكورد وسواهم من غير العرب على “ضمانات دستورية” بحقوقهم، وهذه الضمانات مطلوبة من المجلس الوطني السوري، الذي نقدر ظروف عقد مؤتمراته هنا وهناك، ونعلم أن الحوار هو الطريق الأنسب للحصول على هذه الضمانات الضرورية، ولكن بالتأكيد سيكون لاهمال الملف الكوردي تأثير سلبي جداً على المجلس الوطني قبل ان يكون على المكون الكوردي، الذي كان ديدنه البحث عن الحوار منذ أن وجد 

في وحدة المعارضة السورية

  alt

منذ أن خرجت الجماهير السورية مطالبةً بالتغيير الجذري أولاً، ومن ثم باسقاط النظام مع تطور الأحداث وتعاظم الثورة

تعلو أصوات في العالم الخارجي، وبخاصة في بعض الدوائر العربية والدولية الهامة، تطالب باستمرار ب”توحيد صفوف المعارضة السورية” وكأن تواجد فصائل مختلفة فكرياً وسياسياً في رحم هذه الثورة وعدم توحدها في إطارٍ واحدٍ موحد من أكبرالعراقيل أمام دعم هذه الدوائر للمعارضة السورية والاعتراف بها. وفي الحقيقة فإن هذا يثير التساؤل عن السبب الحقيقي وراء هكذا مطلب غير معقول، فالمفترض في المعارضة الديموقراطية أن تكون مختلفة ومتنوعة من حيث الأفكار والسياسات والبرامج والخطط، ولايمكن أن تتطابق في ذلك، كما هو الحال في النظم الشمولية التي تسعى المعارضات الديموقراطية لازالتها واستلام مكانها في مجتمعاتها

لقد ساعدت الولايات المتحدة الشعب الألماني في التخلص من النازية الهتلرية، دون أن تكون هناك معارضة سياسية حقيقية لها على أرض الواقع، بل كان الاشتراكيون الديموقراطيون مشتتين وهاربين ومختفين عن الأنظار، وكانوا القوة الأهم تنظيماً في ألمانيا، كما قامت الولايات المتحدة الشعب العراقي ب”تحرير العراق” من ربقة النظام الصدامي والمعارضة العراقية لم تتوحد في يومٍ من الأيام، لا قبل التحرير ولا بعده، فكانت هناك مجموعات شيعية وسنية ومسيحية وقومية (عربية وكوردية وتركمانية وآشورية) ولا تزال، إلا أنها كانت متفقة فيما بينها كما ظهر في مؤتمري لندن وصلاح الدين على التخلص من النظام الشمولي البعثي ومن دكتاتورية صدام حسين الدموية، وهذا حال السوريين اليوم أيضاً

تتوزع المعارضة السورية بين اتجاهات ليبرالية ديموقراطية وإسلامية ويسارية، ولكنها متفقة على ضرورة إحداث التغيير الجذري الشامل في سوريا، ولا نعلم عن معارضة تسعى للعيش مع حكم العائلة الأسدية التي فاقت في ارتكابها الجرائم ضد الإنسانية كل النظم الاستبدادية في العالم

لقد دعم البريطانيون ومعهم الأمريكان فكرة مؤتمرٍ وطني عراقي كبير للتوصل إلى مشروع واسع للإطاحة بصدام حسين واقامة الدولة العراقية الديموقراطية، فلماذا هذا الحديث المستمر عن ضرورة “توحيد” المعارضة السورية، كضرورة سياسية قصوى، والمشروع السوري أوضح من الشمس بين أيدينا، وهو يتلخص في “اسقاط نظام الأسد” و”بناء سوريا الحرة الديموقراطية” و”تحقيق السلام العادل” في المنطقة؟ ولماذا ليست هناك جهود من قبل الإدارة الأمريكية لتعزيز وحدة المعارضة السورية، إن كانت وحدتها أهم عنصر من عناصرالنجاح في مشروع التغيير السوري؟

طبعاً تختلف الوسائل من معارضة إلى أخرى لتحقيق أهداف الشعب السوري، ويختلف مفهوم “الحرية والديموقراطية” وكذلك السبيل من أجل السلام العادل من فصيل إلى أخر، إلا أن فصائل المعارضة ليست متباعدة في منهاجها ووسائلها إلى درجة القطيعة أو عدم التمكن من تحقيق الاتفاق الأدنى فيما بينها، وطبعاً هناك على الدوام من يحاول التسلط على سواه في إدارة الأزمة وقيادة المعارضة، وهذا طبيعي ووارد، وبخاصة فإن السوريين قد عاشوا في ظل نظامٍ شمولي عقوداً من الزمن، ويحتاجون إلى بعض الوقت لتحرير أنفسهم من أساليب وتفكير النظام الشمولي، ولكن هناك سوريون عاشوا ولا يزالون في الحرية منذ عقود عديدة من الزمن، وصارت لهم خبرات جيدة في مجال التواصل الديموقراطي فيما بين المنظمات وفي التحالفات، وبقليل من الدعم السياسي والمعنوي لهم سيتمكنون من بناء معارضتهم بالشكل اللائق والحضاري، رغم العوائق الكثيرة وقلة امكاناتهم المادية

الحديث المستمر عن “تعقيدات الوضع السوري!” ليس إلا للتغطية على عدم الرغبة في إزالة النظام الأسدي لأسباب استراتيجية متعلقة بالأمن الاسرائيلي من وجوه عديدة، واثارة المخاوف من تفتيت سوريا إلى دويلات بسقوط الأسد، يعني عملياً المحافظة عليه أو على أسلوبه المركزي الشديد في الحكم التعسفي رغم كل جرائمه المستمرة، وقد وصل الأمر إلى حد التمديد العربي والدولي للأسد في إجازته بالقتل والترويع من خلال توالي المبادرات الفاشلة في مجال التعامل معه، والسوريون بدأوا يشكون في جدية وأهمية هكذا مبادرات طالما لاتؤتي ثمارها ولاتردع القاتل عن ارتكاب المزيد من الجرائم

فكيف يمكن للسوريين انتزاع الذريعة بأنهم غير متوحدين من أيادي الدوائر العربية والدولية التي تثير الأحاديث اليومية عن ضرورة توحيد المعارضة وعن تعقيدات الوضع السوري؟

أعتقد أن ما يرفعه الشعب السوري في الشارع المتظاهر هو الذي يفرض نفسه على المعارضة وليس العكس، ولذلك فإن أي معارضة لاتعكس واقع أن الشعب هو الأصل ليست معارضة جادة، ويجب إهمالها تماماً، فلا يعقل أن يطالب الشعب ب”تدخل عسكري” ومع ذلك يخرج من المعارضة على الملأ من يحاول التأكيد على أن طلباً كهذا غير وطني ويضر بالبلاد وبالشعب وبالمعارضة، وعليه يجب أن تكون مطالب الشعب هي أسس المنهج السياسي للمعارضة الحقيقية، وهذا ديموقراطي حقاً

من ناحية أخرى، يجب عقد مؤتمر واسع يضم كل الفرقاء المفترض فيهم أنهم يمثلون الشعب السوري، ويسعون لانهاء الدكتاتورية، ولكن لايعني ذلك جمع كل السوريين المعارضين للنظام في بوتقة واحدة، بل يجب جمع ممثلي الفئات والمكونات المختلفة القادرة على إحداث التغييرات العملية في الشارع السوري وممثلي الذين يقدمون حياتهم رخيصة في سبيل شعبهم كل يوم، وكذلك أقطاب من يساندونهم بقوة في المهاجر، والجمع بين هؤلاء يجب أن يستهدف التوصل إلى برنامج وطني للمعارضة والثورة ذي خطوط أساسية واضحة وملزمة للجميع. وحقيقة فإن بعض المؤتمرات السورية السابقة لم تكن بمستوى المؤتمر الوطني المنشود والضروري عقده في هذه المرحلة

وأخيراً، لابد من الاستعانة بخبرات الديموقراطيين في العالم الحر الديموقراطي لانجاز هكذا مشروع ضخم، ولكن لايستطيع السوريون القيام بهكذا عمل تاريخي دون مساعدة مادية ومعنوية من إخوتهم العرب، وجيرانهم الترك، الذين تهمهم أيضاً قضية تحرير سوريا من قبضة هذا النظام الذي فاق الفاشية والنازية إجراماً واستهتاراً بالحياة الإنسانية، والذي جعل من نفسه مخفراً أمامياً خطيراً للتوسعية الايرانية في المنطقة. ولابأس من القيام بمحاولات جادة لاقناع الايرانيين والروس أيضاً بأن من مصلحتهم المستقبلية الخلاص من هكذا نظام في المنطقة، وبأن بقاءه سيعود بالخسارة على الجميع
ولذلك أرى بأن عقد مؤتمر وطني سوري واسع هو الرد الفعال على من يتذرعون بعدم توحد المعارضة السورية ويترددون في القيام بأي عمل جاد ضد النظام الدموي في سوريا، وسائر المبادرات الفردية والثنائية والجماعية يجب أن تخدم فكرة هكذا مؤتمر

الأسد ونظرية المؤامرة

جان كورد ‏14‏ آذار‏، 2012  

رغم كل التطورات التي شهدتها الساحة السورية من احداث جسام، خلال سنة كاملة من عمر الثورة الكبرى، فإن الأسد وزمرته الحاكمة بقوة السلاح وعن طريق إرهاب الشعب وترويعه بارتكاب المجازر البشعة ونبيحته الإعلامية التي تعيش على فتات المائدة الأسدية يعتقدون بأن ثمة “مؤامرة كونية!” ضدهم، وهم مستمرون على خطى قائدهم الذي عانى من ذات “المؤامرة” في ثمانينات القرن الماضي ولكنه قضى عليها عن طريق العنف الوحشي، على مرأى ومسمع العالم، وبرعاية سوفيتية – صينية وفي ظل صمت عربي مخزي. وبخاصة فإن شخصيات دولية هامة قد دخلوا على الخط بصدد ما يجري في سوريا، منهم العاهل السعودي والأمين العام للأمم المتحدة الحالي والسابق، والسيدة وزيرة الخارجية الأمريكية ومن وراءها وإلى جانبها من رجالات أوروبيين، مثلما دخل على الخط  ضد هتلر الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، والدكتاتور الشيوعي السوفييتي جوزيف ستالين ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، على الرغم من أن الفارق الكبير في التعامل مع النظام بين الحالتين

نظرية المؤامرة هذه قديمة، تعود إلى ما بعد ظهور أول جمعية ألمانية للمثقفين المتنورين “إيلوميناتي”، المعروفين ب “البنائين” في عام 1776، أي قبل الثورة الفرنسية ب 13 عاماً، على أيدي آدام فايسهاوبت، المثقف الذي لايعرف عنه إلا القليل حتى نهاية القرن العشرين، حيث كان لهذه الجمعية السرية دور هام في التفاف المثقفين الفرنسيين حول الثورة التي تحولت إلى “مقصلة كبيرة” في أيدي رجالها فيما بينهم، يقطعون بها رؤوس كل من خالفهم الرأي 

لقد اتهم كثيرون من المؤمنين ب”نظرية المؤامرة” الثورة الفرنسية، ذات المبادىء العالمية الكبرى والقيم الإنسانية العليا، بأنها كانت من نسج القوى الخفية “الشيطانية” الدولية، في أيدي الحركة “اليهودية” للاستيلاء على العالم كله وتسخيره لاهدافها “التخريبية” والمعادية للإنسانية، ولذلك فإن تلك الثورة – حسب اعتقادهم – كانت أداةً للإطاحة بمختلف النظم الملكية والعائلات الحاكمة في أوروبا، وكانت سلاحاً لسفك دماء الملايين من البشر.  كما اتهم هؤلاء الثورة البلشفية، التي كان قائدها لينين عميلاً مدفوعاً له لدى مخابرات القيصرية الألمانية، بذات التهمة إلى حدٍ كبير، في حين أن الدكتاتور ستالين كان يرى أيادي خفية لمنتسبي جمعيات البنائين السرية في الفشل الاقتصادي الشنيع لسياساته الزراعية والصناعية وللانتكاسات المتتالية للشيوعية في بلاده

ولقد اعتبر أدولف هتلر ووزير إعلامه الرهيب غوبلز اليهود سبباً من أسباب الانحطاط الاقتصادي والفشل العسكري لألمانيا، واعتبرا تحالف الشيوعيين مع الولايات المتحدة وبريطانيا ضد النازية “دعوة مفتوحة لابادة اليهود في أوروبا”، على حد قول الكاتب الإخصائي في شأن الجمعيات السرية يوهانس روغالا فون  بيبرشتاين، صاحب كتاب “أسطورة المؤامرة

وهكذا كان كل من آية الله خميني وصدام حسين يعتبران الجمعيات السرية اليهودية العالمية وراء المعارضة ضد حكمهما في كل من ايران والعراق، وكان كل واحد يرى في الاخر أداة لهيمنة “الشيطان الأكبر” على بلادهما، على الرغم من أنهما كانا في حالة حرب مدمرة ضد بعضهما بعضاً، بقرار كل منهما، ومثلهما رأى كل الدكتاتوريين الرافضين لنداءات شعوبهم اليهود وراء الحركات والمعارضات الساعية لاسقاطهم، ومنهم الأسد الأب الذي كاد يبكي خوفاً من السقوط، أثناء ثورة الشعب السوري في بعض المدن، ومنها مدينة حماه الباسلة، التي تعرضت لمذبحة رهيبة على أيدي قواته، وهو يشير بأصابع الاتهام إلى “القوى الامبريالية – الصهيونية” العاملة على التصدي لسياسته “الوطنية التقدمية

تعاظمت النقاشات وتوسعت المداخلات وكثرت المؤلفات عن الجمعيات السرية العالمية على أثر الهجوم الارهابي الشهير في 11 من سبتمبر 2001 على برجي التجارة العالمية والبنتاغون في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى فاق عدد الصفحات المدونة عن هذه الجمعيات والمؤامرات عن ال130.000 صفحة من حجم (آ 4

الأسد وزبانيته المجرمون يتكلمون اليوم ايضاً عن “منظمات سرية مدعومة دولياً” تعمل للإطاحة بنظامهم “العربي الوطني الإنساني التقدمي الديموقراطي العامل على تحرير المقدسات العربية…الطاهر الذي لامثيل له في العدالة والمساواة!!!!”، وذلك دون أن يقدم أي دليل موثوق على عروبته ووطنيته وإنسانيته وتقدميته وديموقراطيته واستعداده للتحرير ولاقامته مجتمع العدالة والمساواة، ودون أن يقنع العالم بوجود تلك المنظمات ومساهمتها في كفاح الشعب السوري، وهذا لايختلف كثيراً عن مزاعم صدام حسين وآية الله خميني وكذلك آية الله خامئني وتابعه محمود أحمقى نجاد وخادمه اللبناني الأمين حسن نصر اللات

نظرية المؤامرة نظرية خطيرة يستغلها كل من هب ودب، من أباطرة وملوك ودكتاتوريين شموليين، فينسجون حولها القصص الخيالية ويستندون إلى وثائق تاريخية مشكوك في أمرها، ومنها بعض الوثائق اليهودية ك”بروتوكولات حكماء صهيون” التي يعتبرها الخبير السياسي السوري الكبير أسامة الطبي في كتابه الشهير من عام 1993عن  بعبع المؤامرة في السياسة العربية أحد أشد المواد “المعادية للسامية” اثارة في العالم، وبخاصة في العالم الإسلامي 

سوريا والعامل الدولي من جون ماكين إلى سيرغي لافروف

جان كورد، ‏ 13‏ آذار‏، 2012

من ملاحظاتنا على مؤتمر هه ولير (أربيل) للجالية الكوردية من خارج البلاد أنه أهمل موضوع البعد الدولي إهمالاً تاماً في محاضراته ومداخلاته العديدة، فالبعد الدولي يخيم بظلاله الوارفة على كل صغيرة وكبيرة في حياتنا السياسية الكوردية، داخل البلاد وخارجها، وهذا لايمكن تناسيه لأسباب متعلقة بأحزابنا أو ظروفنا الذاتية، فالحياة السياسية تكون صحية وناجحة عندما نلم بكل جوانبها، ولاندع أي جانبٍ منها في العتمة، بعيداً عن النقاش والمعالجة

وهكذا هو الوضع العام للمجتمع السياسي السوري، الذي نحن جزء من نسيجه المتعدد الألوان. ولا يمكن معالجة المعضلة السورية الحالية التي صار لها من العمر سنة كاملة، دون التطرق إلى جانب البعد الدولي الهام وتأثيراته فيها، إذ هناك محوران كبيران متناقضان يتمثلان بموقفين متعارضين، الأول هو موقف السيناتور الأمريكي الجمهوري المعروف جداً، جون ماكين، والثاني هو موقف وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، حيال الموضوع السوري هذا. فالموقف المكيني يطالب بصراحة بقصف المواقع والآليات العسكرية السورية من طائرات ودبابات تهاجم الشعب السوري والمتظاهرين المدنيين، وذلك بهدف وضع حد لطغيانه وإزالته من الوجود، في حين أن الموقف اللافروفي يسعى بكل السبل للابقاء على نظام الأسد، رغم كل جرائمه ضد الإنسانية، ورغم المطالبة الدولية بالتخلص منه. وبين الموقفين الصارخين هذين مواقف أقل حدة في الاتجاهين المتعاكسين

يحاول النظام الأسدي على الصعيد إظهار نفسه الدولي بكل ما أوتي من قوة كجدار مانع للإرهاب الدولي، حتى أنه يحاول المستحيل لاتهام المعارضين السوريين بأنهم يرتكبون مذابح رهيبة وكبيرة بحق المدنيين، في حين أن مرتزقته وشبيحته وجنوده هم الذين يفعلون تلك الجرائم الوحشية، وعلى الرغم من أن ليس هناك في العالم الخارجي من هو مقتنع بما يزعمه، فالعالم كله يعلم أن الأحداث السورية ليست إلا حلقة من حلقات الثورات الشعبية التي يطلق عليها اسم “الربيع العربي”، وهي ثورات نجحت الواحدة تلو الأخرى إلى حدٍ كبير، في تونس وليبيا ومصر، والنظام مستعد لارتكاب كل الحماقات بهدف البقاء. وعليه فإن التوجه الدولي للنظام الأسدي خاطئ من الاساس، ولايجدي، بل إن عناده السياسي، رغم كل هذه المظاهرات الواسعة والانشقاقات الكبيرة في صفوف الجيش السوري، ورغم كل التضحيات البشرية التي زادت عن ال8500 مواطن، سيؤدي به إلى مزيد من العزلة على الصعيد الدولي، وقد ترغم جرائمه الجماعية المتتالية المجتمع الدولي أو أطرافاً منه إلى تدخل عسكري مباشر ضده

العامل الدولي للأزمة السورية هو الذي يتحكم في بقاء النظام أو سقوطه، فمن خلاله تتوحد القوى الدولية التي ترغب في الاطاحة بالنظام أو إضعافه أو إرهاقه، كما هو رأي المحور المكيني، أو تختلف على ما يجب القيام به أو تركه على حاله، كما يفكر به المحور اللافروفي حتى الآن، إلا أن الذي يزيد في تفعيل هذا البعد الدولي، إضافة إلى ارتكاب النظام للمجازر، هو استعداد الشارع السوري لتحريك الأجواء الخانقة والمحافل الصامتة في هذا البعد الهام جداً. فالشارع الذي يثور وفق خطة وسياسة تأخذ بعين الاعتبار هذا البعد الدولي هو الأقدر على توظيفه لخدمة أهدافه الوطنية، ومنها هدف اسقاط النظام الذي تسعى المعارضة له، كما يسعى الشارع السوري بأسره

وأعتقد بأن المعارضة السورية تستطيع لعب دورها في توحيد طاقات الشعب وزجها كلها في معركة الحرية، من خلال التنسيق الجيد بين فصائلها الأوعى لأهمية البعد الدولي في صراع السوريين من أجل الانتصار الناجز على نظام المافيا الدموية في بلادهم، أما الحلم بتوحيد كل الفصائل فهذا ضرب من الخيال وتضييع للوقت، إذ أن من سمات الديموقراطية تعددية القوى السياسية في المجتمع الواحد. أما المعارضة التي لاتعي أهمية البعد الدولي، فإنها إما جاهلة بجدلية الثورة والنجاح أو أنها لاتريد ذلك حقيقةً، أو أنها معارضة مندسة من قبل النظام ذانه، وكذلك تلك المعارضة التي تبحث باستمرار عن الأسهل في الأعمال، وتتجنب الصدام مع النظام، وتختار محور لافروف عوضاً عن محور ماكين، رغم كل المذابح والقصف المدفعي الذي يذبح في ظله أطفال سوريا بين أحضان أمهاتهم المغتصبات

Defter a min

Cankurd

02-03-2010

Deftera min tijî kul bû

Mîna kezeba min a reş û…

mîna dil bû.

Têde hebûn gelek şopên birînê

…û pir kevnewarên hezkirin û razangên evînê…

Deftera min ya şahî û geştê bû…

Bihna ku jê dihat

her ya sorgul û zeviyên deştê bû…

Defetra min li ser destan bû

Rostemê Zal bû, pehlewan bû…

Straneke şorişîn a Perwer şivan bû…

Bihna jê dihat,

ya helbestên nazik ên:

Gulê baxê Bohtan û  şebçiraxê Kurdistan”  bû…

Di  zindanê de, li ber seriyê Memê Alan

helbestên Feqê Teyran dikirine lawjan

dikirine stran…

Deftera  min girtiyekî nenas bû

Li gel wan xebatkarên girtî…

yên di zindana „Edra“ de,

û  di  jêrzevînên Şamê de…

Deftera min bi kewan re dikete kewkewiyê

Û herdem û hergav xwe kiri bû qurbana Kurdayetiyê

————————————–

Îro deftera min winda û berşê ye

Nûçeyek ji wê nîne…

û kes nizane ew miriye an li ser lingan û pê ye…

Ew hatiye tar û markirin

talankirin…

…û li ser navê biyaniyan.

deftera min hatiye tomarkirin…

Berê,

min çêrokên xwe yên evînê

Hezkirina xwe ya  bo vê zevînê

…û her çêrokeke xwe ya efsaneyî

di deftera xwe de dinivisand

Min ji tirsa xwendevanan ew dixiste bin balifan

…vedişart û hiltanî…

Îro deftera min ji des t min reviya….

Wekî şalûleke pînik hatiye heriftin

li wan qeracan

Bûye destegîrekî  Cihowan di dema Hitler de

Bûye  xûniyekî Ermeniya…

Deftera min xwe veşart li nav hormanên wan çiya

Kete şikeftan ji ber lomekirinên wan zimandirêjan

û  wan Koyquruciya…

Dibe ku di deftera min de hebû tovek ji jehrê

Jehrê jî kes nade zarowên xwe

Kes nake bin balifê seriyê xwe

…û kesek  defterên wilo belav nake

li tomargeh û „Rûdaw“ ên  xwe…

Lew re  deftera min îro nehane,

Ji gelek hêjayan ve „telqîn“ bi ser de hatiye xwendin

hema ciyê gora wê tew kes nizane…

الفرز الثوري في الحراك السياسي الكوردي

جان كورد، ‏13‏ آذار‏، 2012

أردت تسميته ب”الفرز الحضاري”، ولكن شهر نوروز هذا أدفأ قلبي بمعاني الثورة الحقيقية التي أراها تتفجر كالبركان النشيط أمام عيوني على شاشات التلفزيون في هذه الغربة القاتلة، فكتبت “الفرز الثوري”، وأعتقد أن هناك علاقة وطيدة بين “الحضارة” و”الثورة” في كل الأحوال 

عرف الحراك السياسي الكوردي هذا الفرز الذي كان يتحدث عنه الشيوعيون في حزبهم الأول مثل سائر الحركات السياسية الأخرى، المنظمة والشعبية، وهو فرز طبيعي تحدثه عوامل متعددة في ظروف ملائمة تفرض الافتراق بين مجموعات مختلفة المفاهيم والمعايير والمصالح فيما بينها. وهذا الفرز يحدث على الدوام لأن المجتمعات في تغير وتبدل والإنسان في تطور والظروف في تحول، بل تحدث طفرات ثورية تاريخية تقلب الكثير من المفاهيم التقليدية وتصب حزمات من أنوار الفكر الجديد التي تتأثر بها أجيال جديدة، وهكذا فالنهر يسيل والتاريخ يتمدد في الزمن والمستقبل يحمل لنا المفاجآت على الدوام، والذين لايستطيعون فهم حركة البشرية يجلسون القرفصاء على قارعة الطريق ووجوههم مكفهرة لعدم قدرتهم على استيعاب ما يجري حولهم 

في الفترة الأخيرة لانهيار الامبراطورية العثمانية في الربع الأول من القرن الماضي، لم يتمكن كثيرون من علماء الدين فهم “المشروطية” التي تعني “تقييد سلطان السلطان” بمختصر الكلام، فوقفوا ضدها وحاربوها، في حين أن الأستاذ سعيد النورسي، العلامة الرباني، قد وقف في صفها ضد الاستبداد العثماني، ودعا شعبه الكوردي والمسلمين عامة في رسالته “روجيتة الأكراد” إلى تقبل واستيعاب المشروطية والدفاع عنها والعمل بها، فذاق الهوان على أيدي الطغاة المستبدين وعانى الأمرين من جراء ذلك، وبسبب مواقف أخرى عديدة له في سبيل تحديد الدين وتجديده وتخليصه من الشوائب العالقة به 

واليوم، نرى أن سائر الذين كانوا مع “الفرز الثوري” في السياسة الكوردية، كانوا من ضحايا قياداتنا الكلاسيكية التي لاتزال متمسكة ببعض مواقفها التي تعود إلى عصر “الحرب الباردة”، سواء في مجال القضية الكوردية، أو تجاه الثورة السورية، أو بصدد التغيرات التاريخية الكبرى وموضوع “القرية العالمية” في عصر “العولمة” هذا 

وإذا كانت أهداف “الثورة” في زمن الحرب الباردة هو إنجاز الانتصار الطبقي، فإن أهدافها اليوم تكمن في تجاوز التخلف الحضاري واللحاق بالمسيرة الكبرى للبشرية صوب مجتمع “الحريات المدنية” بالدرجة الأولى، وهذه الحريات لاتصان بشكل أكيد إلا في ظل “العدالة الاجتماعية” وفي حال تطبيق “الديموقراطية” في أشكالها المتطورة. والفارق بين الوضعين ظاهر وكبير. في حين أن أهداف “أعداء الثورة” تتمثل في الدفاع عن المثل والقيم التي أفرزها الصراع الطبقي كعبادة الزعيم، والطاعة المطلقة لأفكاره وفلسفته، وعدم الجرأة على الخروج عن المذهب الستاليني في إدارة الأحزاب ذات النهج الكلاسيكي الذي لايتلاءم مع المتغيرات العالمية في دنيا المعرفة والتطور التكنولوجي، والتمسك الشديد بفلسفة استخدام القوة والعنف حيال المنشقين أو الناقدين، ما يذكرنا بمحاولة حرق سيدنا ابراهيم عليه السلام لرفضه السجود لأصنام قومه، أو دفن قومٍ بأكمله أحياءً في خنادق سكب عليها الزيت المغلي لأنه لم يرضخ لعقيدة طاغوت من الطواغيت.  والفارق بين ما جرى تاريخياً وما يجري اليوم للخارجين على “الياسا” السياسية، التي يعتقد بعضهم أنه لايأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه، هو أنه هؤلاء يحاولون من خلال كم الأفواه وإطلاق التهديدات وشن حرب إعلامية وتسخير “النبيحة” التابعة لهم، تفريق صفوف المتظاهرين ضدهم، والحيلولة دون نشوء معارضة لهم، مهما كانت صغيرة وبسيطة، وإيهام المجتمع بأن من ليس على ما هم عليه من أفكار وفلسفات “خونة” للشعب الكوردي، أو مرضى نفسياً أو أنهم جهلاء… ولكن مع ذلك كله، فإن الفرز الثوري مستمر ولا يتوقف لحظة واحدة، فأعداد المنشقين في تزايد، والثوار في تلاحم، والمعارضون يتجمعون في صفوف متراصة، والقافلة تسير 

الفرز الثوري في قواعد الحركة السياسية الكوردية، المنظمة والمنفلتة، وعلى أطرافها، ضروري كالماء للحياة، كالشعار للمسيرة، كالنشيد للمعركة، لأنه بدون الفرز الثوري تسيطر العفونة على كل الثمار وتصبح الحركة مترهلة وتنطفىء الجمرات المتبقية من نار الحياة فيها، لذا على المثقف الكوردي، أو الكادر الكوردي، دعم وتفعيل وتنشيط هذا الفرز الثوري برسم الخطوط العامة للمستقبل، بحيث يسترشد بها الناشط الشاب ويقارن على ضوئها السياسات المطروحة أمامه من شتى الأطراف، ومن ثم يقرر هو بنفسه على أي خطٍ من خطوط النضال يسير، وهل يبقى مع الماضي أم يتحرك صوب المستقبل 

وإن علينا القبول، ونحن نشدد على ضرورة “دعم الثورة” في نفوس شبابنا وفي الشارع الكوردي إجمالاً، بأنه لابد وأن يبقى هناك – دائماً – من له مصلحة أو مصالح مختلفة في الركض مع أعداء الثورة والتحول إلى شبيحة أو نبيحة أو كليهما في الوقت ذاته، وأن الذين يتجرأون على منازعة أعداء الثورة قد يدفعون الثمن غالياً، إذ ليس هناك ثورة انتصرت في التاريخ بدون تضحيات جسام، بل بدون انتكاسات… والطريق صوب الحرية والنصر لايزال طويلاً وشاقاً ومحفوفاً بالمخاطر، وعليه يحدث الفرز الثوري بين الثوار الحقيقيين والمتخاذلين، بين الذين صمموا على استنشاق نسيم الحرية وضعفاء النفوس المترددين… ومن خلال ذلك تتجدد الحياة في التنظيم السياسي الكوردي وفي حياتنا السياسية بشكل عام 

لا تجديد في حركة تريد السير صوب الأمام بدون فرز ثوري، ولا فرز ثوري ناجز دون تضحيات 

الوطنية الرخيصة والتدخل الخارجي

جان كورد، ‏07‏ آذار‏، 2012

في مجال الرد على ناقدي السيد صالح مسلم وحزبه، وأنا أحد الذين انتقدوه، زعم بعضهم بأن الذين يطالبون بالتدخل الخارجي لكبح جماح النظام الدموي في سوريا خارجون عن دائرة الوطنية، وأنهم يخدمون مصالح الأجنبي، ويريدون لبلادهم الشر…وذلك بذريعة أن بلادنا ستتعرض للخراب وأن دماء شعبنا ستسيل وأن الأجنبي سيحتل بلادنا 

لذا لابد من التوضيح بأن “الوطنية الرخيصة” لاترى بحر الدماء السورية المسفوكة حتى الآن ومشاهد المدن المدمرة وآثار التعذيب الوحشي على وجوه وظهورالأطفال والفتيان السوريين، دون وجود أي قوات تدخل خارجي في بلادنا، ولاتتألم لعشرات الألوف من المعتقلين والمهانين والجائعين في معتقلات النظام، وكذلك فإن قتل أكثر من 8500 إنسان حتى اليوم لايحرك ضمائرهم الإنسانية، بل يستطيعون تحمل المزيد من سفك دماء السوريين، حتى يقولوا “يجب القيام بشيء عملي!” وهذا الشيء العملي يجب أن يكون في حدود ” المعقول الوطني 

بل إن بعضهم قارن مقارنة غير مناسبة بين رسالة القائد الكوردي الخالد مصطفى البارزاني للرؤساء العرب يوم دخلوا الحرب ضد اسرائيل في عام 1973، قائلاً لهم بأنه يوقف قتاله من أجل تحرير الكورد وكوردستان طالما هم في حالة حرب مع أعدائهم. وكأن نظام الأسد السوري اليوم في حالة حرب مع أعداء سوريا وليس في حالة ابادة بمعدل 45-150 مواطن يومياً من مختلف المكونات الإنسانية. ولهؤلاء نقول: هذه وطنية مبتذلة حقاً. ولو قاتل النظام عدواً محتلاً لسوريا لما طالب الشعب السوري في مظاهراته بالتدخل الخارجي بالتأكيد 

الشعب السوري في تظاهراته اليومية، وفي كل أنحاء البلاد، وخارجها، يطالب ب”حماية دولية” والحماية لاتكون دون تدخل خارجي، ولا تتحقق دون وجود قوات تحمل السلاح، ولكن قد تعود هذه القوات للأمم المتحدة أو للجامعة العربية (وضع قوات لدول عربية في خدمتها) أو تكون قوات لحلف الناتو، المرشح الوحيد لهكذا تدخل من خارج القرارات الدولية أو القرار العربي إن وجد. فطلب التدخل الخارجي لايعني بأي حالٍ من الأحوال قصف المدن السورية أو سائر المواقع الحربية السورية، كما فعل الأمريكان وحلفاؤهم مع صدام حسين وجيوشه، حيث الوضعان مختلفان تماماً. الشعب السوري يطالب بحمايته من هجمات وحشية يومية لقوات النظام الأسدي على المدن والأرياف بالدبابات وفرق الموت الرهيبة، في حين أن الحرب على صدام حسين كانت بدوافع عديدة، منها متعلقة بالعراق ومنها بالمنطقة ومنها بالدول التي شنت تلك الحرب 

فهل يملك هؤلاء “الوطنيون!” حلاً عملياً وحقيقياً لايقاف المجزرة الإنسانية التي تفتح أبوابها كأي مجزرة للحيوانات كل يوم، من الساعات المبكرة إلى أعماق الليل الداجي، ينحر فيها الأطفال والنساء والشيوخ، بذريعة أن النظام يحارب “عصابات مسلحة!”، على الرغم من أن أي تنظيم مسلح في العالم لم يعلن حتى اليوم عن مسؤوليته بصدد ما يجري في سوريا من تقتيل وتدمير، في حين أن البيانات بالصورة والصوت في العراق كانت تصدر يومياً ومن تنظيمات مسلحة مختلفة، كانت تتباهى بذبح الناس أمام الكاميرات. فهل على السوريين تصديق مزاعم النظام، وهم يرون بأعينهم قصف الحارات والأسواق والمدارس والمساجد والمستشفيات، ويكفوا عن المطالبة بأن يحميهم المجتمع الدولي من وحشية المستبدين برقابهم، والزاعمين بأنهم يدافعون عن “الوطن” الحر 

الشعب السوري يؤنب معارضته السياسية كل يوم لأنها فشلت حتى الآن عن اقناع العالم بضرورة “التدخل” لوقف المجرمين عن الاستمرار في جرائمهم ضد الإنسانية، ولكن أصحاب “الوطنية الرخيصة” مستعدون للانتظار وتحمل كل شيء، حتى لاتقصف قصور المجرمين وأركان قواتهم المهاجمة على الشعب، لأنهم مجرمو الوطن وقواتهم التي تسفك دماء المواطنين هي قوات “وطنية!” فيدعون لحوار غير متكافىء بين النظام والشعب المذبوح، ويريدونها معارضة سلمية تضع خدها على الأرض ليدوسها شبيحة النظام ونبيحته من الذين يتباكون عليه في التلفزيونات والمواقع الانترنتية 

هناك فارق بين المطالبة بالتدخل بقصد استعمار البلاد وتقسيمها ووضعها تحت تصرف الأجنبي، وهذه خيانة للوطن بالتأكيد، وبين المطالبة بالتدخل لوقف حمام الدم وإنقاذ المواطنين السلميين في فعالياتهم الديموقراطية وكف أذى النظام المتوحش، الذي لم يعد أقل جرائماً عن بينوشيت وبول بوت وميلوزوفيتش وصدام حسين. ونحن مع تدخل يوقف المجرم عن ارتكاب مزيد من الجرائم، لا مع تدخل واحتلال واستغلال ونهب لخيرات بلادنا، المنهوبة بشكل سافر دون أي تدخل حتى اليوم 

لو كان نظام الأسد يحكم في بلدٍ آخر غير سوريا لأطاح به “التدخل الخارجي” بسرعة تكنيس غرفة صغيرة، مثلما حدث في العراق وصربيا وليبيا، ولكن الموقع الحساس لسوريا على حدود اسرائيل يجعل بعض الناس في العالم الخارجي مترددين إزاء التخلص منه، إضافة إلى أنه ملتزم بأوامر تفرض عليه سياسات معينة، وهذا ما يمنحه القوة للاستمرار في فتح أبواب مجزرته حيناً من الزمن، إلا أن إرادة الشعب السوري أقوى من أن يتمكن منها النظام، وهو أيل للزوال والسقوط، ومعه شبيحته المجرمة ونبيحته التي لاتقل إجرامياً بما تسطره من شجون وأحزان ووطنية زائفة ورخيصة 

بصدد الحملة الاعلامية على حزب الاتحاد الديموقراطي

جان كورد، ‏07‏ آذار‏، 2012

يقول السيد صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي، في مقابلته مع صحيفة الانتقاد الباريسية مؤخراً، من جملة ما يقول 

الشجرة المثمرة ترمى بالحجر. نعم نحن نتعرض لحملة إعلامية شرسة لكثرة أعدائنا، فكل من يعادي فلسفة وفكر القائد أوجالان يعادينا، باعتبارنا نتمسك بفكر وفلسفة القائد آبو. وكل من يعادي الفكر والنهج الوطني السوري يعادينا أيضاً، لأننا من مؤسسي هيئة التنسيق الوطنية التي تتكون من قوى وطنية ديموقراطية بامتياز وترفض التدخل الخارجي في الشأن السوري، وكل من يعادي الشعب الكردي وحل القضية الكردية يعادينا أيضاً لأننا القوة الكردية الأكبر والأكثر قدرة على الدفاع عن القضية الكردية وحلها

وباعتبارنا من المواطنين الكورد الذين يتحدث السيد صالح مسلم باسمهم للصحافة الباريسية وغيرها، ويحاور عنهم هنا وهناك، فإن لنا الحق حسب اللائحة العالمية لحقوق الإنسان التساؤل عما إذا كان ما يقوله صحيح أو أنه يجانب الحقيقة

بداية، برأيي إن “الشجرة المثمرة ترمى بالحجر” مثال بدائي بسيط لا ينطبق على وضع حزبه، الذي يستحي حتى الآن، من حيث التسمية، الانتساب رسمياً للشعب الكوردي أو لكوردستان. وفي الحقيقة فإن الشجرة المثمرة التي يقطف منها حزب الاتحاد الديموقراطي الثمار هو الشعب الكوردي، الذي تم زج الالاف من أبنائه وبناته في الحرب خارج الحدود السورية، بذريعة أنهم يكافحون من أجل “استقلال الشعب الكوردي” ثم تبين للجميع فيما بعد بأن شبابنا الكوردي السوري قد قدموا أرواحهم في سبيل “مواطنة كوردية متواضعة ضمن وحدة الدولة الأتاتوركية وديموقراطيتها” ومنهم من  راح  ضحية الحرب التي أعلنها حزب العمال الكوردستاني على الأحزاب الكوردستانية في جنوب كوردستان بهدف تصفيتها وإزالتها من الوجود والسيطرة على مراكزها وقواعدها بين الشعب الكوردي في تسعينات القرن الماضي، يوم كان السيد أوجلان يصول ويجول بين دمشق وبعلبك، أو كانوا من ضحايا التصفيات الجسدية والسياسية على أيدي مسؤوليهم في حزب العمال الكوردستاني، ومنهم من اشتهر بلقب “جزار كورد سوريا” مثل جميل بايق وعثمان أوجلان ودوران كالكان… وهذه حقائق يثبتها كل المنشقين عن هذا الحزب، من كوردٍ سوريين وغير سوريين… كما تثبتها أدبيات وإعلاميات حزب العمال الكوردستاني نفسه من تلك الحقبة

إضافة إلى أن الشجرة المثمرة في غرب كوردستان هي التي قدمت الأموال والمواد التموينية والذهب ومختلف الامدادات التي لاتعد ولا تحصى لحزب العمال الكوردستاني منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، وليس العكس، ولايزال يقدمها شعبنا المرهق ضريبياً لحزب الاتحاد الديموقراطي الخارج من أكمام المعطف الأوجلاني، مثلما خرجت سائر الروايات من “معطف” غوغول الروسي. فرمى السيد أوجلان الشجرة المثمرة بالحجارة قبل سواه، عندما أنكر معظم ما يتعلق بغرب كوردستان في الكتاب الشهير “سبعة أيام مع القائد أوجلان” لنبيل الملحم

يقول السيد صالح مسلم بأن حزبه يتعرض لحملة إعلامية شرسة ل”كثرة أعدائنا”، فهل يقصد بالاعلام الشرس ما يكتبه الناقدون الكورد عن أخطاء حزبه وتصريحاته الدونكيشوتية المتتالية، ويصفهم ب”الأعداء” على غرار وصف الشيوعيين الكلاسيكيين لكل من انتقد شيوعيتهم أو سياستهم بالأعداء الطبقيين، أم يقصد الاعلام العالمي الذي لانرى فيه شيئاً هاماً عن حزب الاتحاد الديموقراطي؟ وقوله بأن تمسكه ب”فكر وفلسفة القائد آبو!” هو سبب عداء الكثيرين له، فليسأل نفسه لماذا أعداء هذا الفكر وهذه الفلسفة كثيرون. فالمعلوم أن السيد أوجلان – فك الله أسره – كان شيوعي الفكر وأممي الفلسفة، وطالب على الدوام باقامة كونفدرالية أممية شرق أوسطية، وهذا الفكر لاينطبق على واقع أن المنطقة مسكونة من قبل شعوب مسلمة ومسيحية ويهودية وغيرها ترفض الشيوعية والفلسفة الالحادية، على الرغم من نضالاتها العظيمة في سبيل تحقيق المجتمعات العادلة اجتماعياً والمتآلفة قومياً، فالسيد أوجلان ومن خلال متابعتنا لكتاباته ومراقبتنا لتدريب كوادره الحزبيين والمقاتلين، أراده نظاماً شيوعياً لفظته سائرالشعوب السوفيتية والأوروبية الشرقية بعد تجارب مريرة عادت عليها بالفقر والدكتاتوريات الحزبية والشمولية والعسكرة اللامجدية. ولا ينفع التبرؤ من فكر وفلسفة السيد أوجلان المتسمة بالشيوعية والالحادية لأن كل أفكاره منشورة في كتبه وهي منتشرة بكثرة بين شعبنا الكوردي بلغات مختلفة

كما يقول السيد صالح مسلم بأن الكثيرين يعادون الفكر والنهج الوطني السوري لأن حزبه من مؤسسي هيئة التنسيق الوطنية، فأقول بأن هذه الهيئة لاتمثل إلا جزءاً صغيراً من مجموع الحراك الشعبي السوري، بدليل أن لافتات كبيرة للعديد من المظاهرات في المدن السورية تقول:”هيئة التنسيق الوطنية لاتمثلني” أو “هيئة التنسيق الوطنية عميلة للنظام”، وبالامكان العودة إلى أرشيفات الأقنية التلفزيونية العربية، ومنها الجزيرة والعربية وأورينت وسواها للتأكد مما نقوله، كما نعلم بأن ليس في هذه الهيئة الآن أي حزب كوردي، ووجود حزب الاتحاد الديموقراطي فيه لايعني أن على الكورد الولاء لهذه الهيئة التي من رموزها من رفض علناً تمتع الكورد بأي لون من ألوان الإدارة الذاتية في سوريا. وفي الحقيقة لايعادي أحد حزب الاتحاد الديموقراطي لمجرد أنه من مؤسسي هذه الهيئة السورية، إذ هناك اتفاق بينه وبين المجلس الوطني الكوردي الذي من مكوناته معظم الأحزاب الكوردية السورية كما نعلم، ولا يعقل أن تكون كل هذه الأحزاب – ما عدا حزب الاتحاد الديموقراطي – بدون أعضاء ومنتسبين، وبدون جماهير مؤيدة لها، أو أنها عدوة للفكر والنهج الوطني السوري، فنحن على علمٍ بتاريخها وممارساتها ومناهجها، وكلها تؤكد على فكرها ونهجها الوطني السوري، سابقاً واليوم وغداً بالتأكيد، فهي أحزاب كوردية، وطنية وسورية بامتياز، لايستطيع حتى النظام الشمولي انكار ذلك

هنا نقطة خطيرة يتطرق إليها السيد صالح مسلم، ألا وهي رفضه الصارخ للتدخل الأجنبي في الشأن السوري، على الرغم من أن مختلف الأحزاب السورية، والمنضوية منها تحت لواء المجلس الوطني السوري أيضاً، وكذلك كل تنسيقيات الشباب الثائر، ولفيف من علماء الأديان المختلفة في سوريا، والجيش السوري الحر، وجزء هام من الشارع الكوردي، يطالبون بالاسراع بهذا التدخل الخارجي في الشأن السوري، عن طريق الأمم المتحدة أو بدون تكليف منها… فهل غاب ذلك عن السيد صالح مسلم أو أنه يتناسى مطالب المتظاهرين السوريين الذين يعانون الأمرين على أيدي النظام وشبيحته المجرمين ونبيحته الاعلاميين؟ فإذا كان موقف حزبه غير مستساغٍ بسبب هذه النقطة فليراجع سياسة حزبه أو هيئته التنسيقية التي تبدو وكأنها تضرب على الأوتار التي يحبها النظام، ومن أهمها “عدم التدخل” في شأن المذابح الدموية التي يرتكبها بصورة تذكرنا بما جرى في رواندا وفي حرب الأنفال الصدامية

وبرأيي إن السيد صالح مسلم لم يوفق أبداً في قوله بأن الذين لايتفقون مع حزبه هم أعداء الشعب الكوردي وأعداء حل القضية الكوردية ولأن حزبه هو الأقوى بين الشعب الكوردي… فقبل كل شيء عليه الاستناد في هكذا مزاعم على إحصائيات دقيقة، وهي غير متوافرة في سوريا اليوم، ومن ثم عليه الإجابة عن هذه الأسئلة للتأكد من أن سياسات حزب الاتحاد الديموقراطي تخدم الشعب الكوردي حقاً

– هل يحق لحزبٍ واحد إقامة “مجلس شعب” يمثل كل الشعب؟ كيف تم هذا؟ وهل هو عمل دستوري؟ أم أنه حصل على رخصة سرية من نظام الأسد لمجلس الشعب المؤسس من قبل حزبه فقط؟

– ما سر هذه السيطرات العسكرية، إن كان فعلاً ينكر وجود تنظيم مسلح لحزبه في المناطق الكوردية؟ وهل هذه السيطرات المسلحة قانونية سمح بها النظام أم أنها سرية لايعلم عنها النظام شيئاً؟ بل ما الهدف منها؟ هل هي حقاً لمنع تسرب أعضاء القاعدة والسلفيين الآخرين عبر المناطق الكوردية، كما تحاولون إظهار ذلك للغربيين؟ أم أنها نصبت لعرقلة تحرك الجيش السوري الحر في شمال البلاد؟

– كما نعلم فإن المجلس الوطني الكوردي يطالب أيضاً بحل سلمي وديموقراطي عادل للقصية الكوردية في غرب كوردستان، فلماذا لاتنضمون إليه لتجعلوه أقوى مما هو عليه الآن، وتجعلوا منه قوة ضاغطة هامة على المعارضة السورية؟ أو لماذا لايساهم معكم المجلس الوطني الكوردي في تنظيم أعمال سيطراتكم هذه؟

– كيف سيحارب حزب الاتحاد الديموقراطي تركيا في حال دخولها عسكرياً إلى المعترك السوري؟ عن طريق مساعدة النظام السوري المترنح أم عن طريق قواكم العسكرية التي ينكر السيد صالح مسلم وجودها في مقابلته مع صحيفة الانتقاد؟

وهناك أسئلة وأسئلة لا أعتقد بأن السيد صالح مسلم ، الذي احترم نضاله وشخصه، قادرعلى الإجابة عنها لأسباب عديدة لامجال للتطرق إليها في هكذا مقال متواضع وقصير

غوص في الحركة الكوردية

جان كورد، ‏06‏ آذار‏، 2012

بعد أيامٍ قلائل، يكون قد مضى عام كامل على انطلاقة الثورة السورية المباركة، هذه الثورة التي تعكس رفض شعبٍ كامل، بمختلف مكوناته القومية والدينية واتجاهاته الفكرية والسياسية لاستمرار سيطرة ذهنية استفرادية، اقصائية، وفئوية، في حكم البلاد وفرض سياسات متخلفة عليه، وفي الوقت ذاته، فإن هذه الثورة تعكس التعبير الشعبي عن رفض شعبنا للقوالب الجامدة في التفكير والتخطيط والممارسة السياسية لدى المعارضة السورية ذاتها، ومنها المعارضة الكوردية أيضاً، شاء المحنطون فكرأ وسياسة أم لم يشأوا، فإن جيل الشباب الثائر، سواءً أكان في جنوب دمشق أو شمال حلب، في الجزيرة أو في الساحل السوري، قد انطلق في مسيرته العظيمة هذه ليبني لنفسه مستقبلاً غير الماضي الذي عاش فيه آباؤه وأجداده، لأنه مخلوق في عصرٍ مختلف عن عصرهم، ولأنه رافق بدايات “العولمة” وتأسيس نظام عالمي جديد، والواعون من الأجيال التي خلقت في غير هذا العصر، وبخاصة بعض الأذكياء الذين نشؤوا وتربوا في ظل النظم القمعية وعاصروا الشمولية السياسية، ولكنهم كانوا في الخندق المعارض لها باستمرار، يدركون الفارق الكبير في أنماط التفكير التي تفرزها اختلافات الزمن، أما المحنطون منهم فهم قابعون في الظلمة التي ولدوا فيها وعاشوا ضمنها، وهم الغالبية – مع الأسف –  في صفوف حركتنا السياسية المعارضة، كرديةً كانت او غير كوردية، ومنهم من ظل عقوداُ من الزمن حول الحركة، نصيراً أو مؤيداً، إلا أنه كان طوال عمره أشد محافظة على سلوك الترهل والقنفذة والخوف من الجديد على الدوام، فاجتماعاتهم رتيبة ومملة، ومؤتمراتهم تبدأ بتصفيق شديد للسيد الأمين العام، الذي يعتبر الأب الذي لايخطىء في العائلة، ولايجوز للأبناء منازعته في منصبٍ أو مخاصمته في رأي، ثم تأتي تلك المؤتمرات بتصفيق أشد للسيد الأمين العام، وتأكيد على صحة السياسة المتبعة قبل المؤتمر من قبل القيادة المحنطة أيضاً كتابعيها، وتترك المسائل الساخنة الملحة للمؤتمر القادم وللأمين العام التالي، الذي قد يتسلم مهامه الحزبية بعد عقدٍ أو عقدين من الزمن، في حالة رحيل الزعيم الحالي أو تخليه عن منصبه لأسباب صحية

وفي الحقيقة، فإن بعضهم أراد لمؤتمر هه ولير (أربيل) للجالية الكوردية من خارج البلاد، المنعقد قبل فترة وجيزة، أن يكون على صورتهم تماماً، تصفيق وتكريس للسياسات السابقة ووضع المشاكل جانباً وصد السبل في وجه الأفكار الجديدة، ووقف الشباب عن مزاحمتهم للعجائز، بمعنى عقد مؤتمر (لاجديد فيه، ولاانتخابات ولا وضع خطة عمل ولا مناقشة ميزانية ولا محاسبة أحد، ولا قبول مقترح من أحد)، وانما الظهور بمظهر المتفقين على كل شيء، من قبل عقد المؤتمر ومن بعده، وبخاصة ما يراه الآباء صحيحاً ومناسباً وهاماً، وهم في الحقيقة من أشد الناس اختلافا وتنازعاً فيما بينهم، والأغرب من كل هذا هو الحرص الشديد لبعضهم على تلاوة “البيان الختامي” للمؤتمر، قبل أخذ مقترحات وتوصيات المؤتمرين بعين الاعتبار، أو حتى بدون قراءتها، ومنها اقتراح خطي مذيل بأسماء أصحابها، جاء من طرف “الشباب” وموقع من قبل غالبية الحاضرين جميعاً (أكثر من 150 من أصل 250 مشارك)، طالب فيه المقترحون المؤتمر بالإعلان عن “الفيدرالية” تفسيراً لمبدأ “حق تقرير المصير للشعب الكوردي في غرب كوردستان”. فقيل لهؤلاء بأن التوصيات ليست لهذا المؤتمر (مؤتمر الجالية!) وإنما لقيادات الحركة الكوردية في داخل البلاد، حيث عقدت مؤتمراً شبيهاً قبل الآن، إن أخذت بها كان خيراً وإن لم تأخذ بها، فليست نتائج هذا المؤتمر ملزمة لها

مع الأسف، تبدو المطالبات غير المقترحة من قبل السادة مديري المؤتمرات الكوردية وكأنها محاولات تخريبية للهدوء العام الذي يجب أن يسود لقاءاتهم واجتماعاتهم، وكأن المؤتمرات التي هي قاطرات الأحزاب والحركات، ليس لها هدف سوى تهدئة أهل البيت وتنويمهم، سواءً أكانت في غرفة شبه مظلمة تحت قمع النظم الارهابية أو في دنيا الحرية في العالم المتقدم، أو في مغارات كوردستان، حيث تخفق رايات الثورة فوق رؤوس المؤتمرين، أو في قاعات الجزء المحرر من كوردستان. والذين يحاولون “مقاطعة!” السادة عمالقة المؤتمرات، بابداء “ملاحظة تنظيمية” أو “لفت نظر إلى خرق ظاهر لأسس المؤتمرات”، وأنا أحد هؤلاء – والحمد لله – فإنه يعتبر في نظر المحنطين فكرياً والتابعين سياسياً لحضرات الأمناء العامين “رقبقجي” بمعنى “مثير القلاقل!”، ولو لم ينضم هؤلاء الرقبقجية إلى المؤتمر – حسب رأي بعض العجائز المصفقين للسيد الأمين العام دون تصفيق – لكان المؤتمر “ناجحاً” مائة بالمائة بلا شك

في هكذا حركة، أو في هكذا ثورة، أو في هكذا معارضة، حيث لامجال للنقد والنقد الذاتي، لا مجال لسماع الرأي الآخر، ولا مجال لتبني التجديد، يقل عدد الأعضاء والمساهمين باستمرار، لدرجة أن هناك أحزاباً لم يزدد عدد منتسبيها منذ عدة سنوات ولو بخمسة أعضاء مع الأسف، وهناك أحزاب كوردية ذات طلاء براق لايكفي عدد أعضائها لدفع عربة توقف محركها عن العمل. أما الأتباع المحنطون عقلاً وفكراً فهم سائرون خلف السيد الأمين العام، منتظمين أو موالين، حتى يوم النزول إلى اللحد، وكأن الشرط الأول للوطنية الصادقة هو عدم منازعة القيادة والبقاء خلفها حتى الموت، وهذه في الحقيقة تربية الأحزاب الشمولية، وفي مقدمتها الشيوعية منها، وكذلك التربية الصوفية التي تملي الولاء المطلق للشيخ حتى سمي التابع “مريد” بمعنى “الميت” بين يدي الغسال

في مثل هذه الأوضاع، لابد من شرح خطورة هكذا “تعفيس” و”تحنيط” و”تقزيم” لمفاهيم التجديد والثورة والتغيير، من قبل المحنطين العجائز وتابعيهم الذين منهم من يجد مجرد القائه كلمةً في المؤتمر “انتصاراً تاريخياً” لأنه لم يكن صاحب رصيد في الحركة الكوردية أو هو دخيل عليها، جاء من خارجها، أو أنه أصبح عميداً للفكر السياسي الكوردي “عن طريق الواسطة” أو “عن طريق الوراثة

بل يجب عقد مؤتمرات تصبح مثالاً في ترتيب شؤونها والاعداد لها، في أطروحاتها الجادة والمتنوعة، وفي قدرتها على قبول الجديد وإيمانها بالتجديد والتغيير الحقيقي، وهذا ضروري لحركتنا الوطنية الكوردية، لمعارضتنا السورية، ولثورتنا العارمة المظفرة أيضاً. وباعتقادي إن شبابنا مؤهل لحمل الأمانة المستقبلية ومدرك لدوره في الحركة السياسية الكوردية والمعارضة الوطنية الديموقراطية والثورة الشعبية، كما أنه يعلم متى عليه السير في مظاهرات سلمية حاشدة ومتى عليه حمل السلاح للدفاع عن دماء المواطنين وممتلكاتهم وأعراضهم

Udîpûs û Sifînks (Sphinx)

Cankurd, 23. Januar 2012

Yek ji efsaneyên cîhanî yên navdar û temenê wê ne kêmtir e ji 3000 sal, efsaneya Odîpûs e, ku bi piraniya zimanên șaristanî hatiye nivîsandin an wergerandin. Ta niha bi cîh bûye, ku ji 2500 sal de, ev efsane, bi șêweyekî nivîskî di deftera çandî ya mirovatiyê de heye. Di vê efsaneyê de jî, sira jinekê diyar e, wekî di hemî efsaneyên ku me div ê pirtûkê de ji we re bi Kurdî, kurt û kin, amade kirine

 Çi hebû, çi tun bû

Berî niha bi hezaran sal, li bajêrê Dêlfî (Delphî), pîrejineka ku ji mirovan re pașeroja wan dixund û bi wê yekê gelek navdar bûbû, hemî padișah, serleșker, pîrên olî û cadobaz ji wê ditirsîn, û bo dilxweșkirina wê, jê re pir qurbaniyên mezin didan, ji padișahê Têbê re, ku bi navê Layos bû, rojekê got, ku ewê bi destê kurê xwe bite kuștin, paș ku ji jina wî Lokaste kurek ji wî re pêda bibe

Demek derbas bû, jina padișahê xemgîn kurek hanî. Bi fermana wî, pêyên mindal, ê ku taze rohniya cîhanê dîtiye, hatin qulkirin, û ji ber wê yekê navê wî bû Udîpus. Nehêlan ew di hembêza dayîka xwe de bijî, ew dane destê peyrewekî, da wî bibe û bavêje çolê, ku bibe xwarina ajal û lawiran

Xwedê kir, ku șivanekî wingewing û qîjeqîja mindalê tazî û birçî bihîst, ew rakir û bi xwe re bire welatê xwe Korînth, ku padișahê wî Polybos û șahjina wî Meropê bê zarok bûn

Udîpus di mala șahanî de mezin bû, û di pevçûneke lawikan de hate guhên wî, ku ew ne kurê padișahê Korinth e, ew ji aliyê malbata șahanî ve hatiye xwedîkirin, hema ew ji welatekî dî ye. Gava ew diçe ba cadobaza navdara Dêlfî, cadobaz ji wî re dibêje, ku ewê bavê xwe bikuje û dayîka xwe li xwe marbike. Udîpus wekî mirovekî șêt bi çolan dikeve, xwe bi xwe rêwinda dike, da nizanibe ew ku ve diçe û di kijan welatî re derdikeve

 Paș gereke mezin û fireh, Udîpus tê bajêrê Têbê. Di rê de, berî ku bigihe bajêr, pêrgî obeke mêrên çekdar tê, ku li pêș û paș mezinekî xwe ketibûn rê. Yekî ji wan deng li Udîpus kir û jê pirsiya, ka bo çi seriyê xwe ji mezinê wan re neçemand. Peyvek ji wî, yek ji Udîpus, rabûn bi hev çûn û Udîpus ew kușt. Ewên dî hêriș ser wî kirin, da tola hevalê xwe hildin, hema nikanî bûn zora Udîpus bibin, wî giș kuștin, û bi ser ve jî mezinê wan, ku mêrekî navsalî û jar bû. Udîpus hîngê nizanî bû, ku ew padișahê Têbê Layos bû. Layos bavê rastîn ê Udîpus bû

Berî wê bi demekê, dêwekî pir bi hêz, ku bi Sifînîks dihate navkirin, di dergahê bajêrê Têbê de, rê girtibû û nedihêla kesek bê dayîna qurbaniyekê di ber wî re derbas bibe. Nîvê wî dêwî bazekî bi basikên mezin bû û nîvê dî jî șêrek bû. Ew dota Tîfon û Eșîdna bû. Eșîdna bi terzê marekî tofan ê gelek bi girs û hêzdar bû û xanga segê dojehî Kêrbêros bû, ewê ku ji pișta Heyderê Lêrna û agiravêja navdar Șîmêra bû. Sifînîks li ser zinarekî palda bû, kî di ber wî re dihat jê pirsek dikir, gava yekî bersîva wê pirsê dizanî, Sifînîks dihêla bersîvdar derbas bibe nav bajêr, lê gava nedizanî bersîv çiye, bi wî digirt, ew kerker dikir û davête devê xwe. Ev dêw bûbû belayeke mezin a ku bi ser rûniștvanên Têbê de hatibû, çare jê re tune bû

Paș ku padișahê bajêrê Têbê Layos bi destê Udîpus hate kuștin, birayê jina padișah, ku bi navê Kirêon bû, deselatî stand û ciyê xwe di nav gelê Têbê de wekî padișah bir, lê ji ber ku Sifînîks pirsek ji kurê wî jî kiri bû û kurê wî bersîva dêw neda bû, ew jî wekî gelek ciwanên Têbê hatibû kuștin û xwardin. Dilê Kirêon ji deselatdariyê sar bû, û fermanek li nav bajêr û li derdora bajêr da belavkirinê, ku kî dêw bikuje, wê bibe padișah û wê xanga wî Jokastê li xwe mar bike

Di wê navê de, Udîpus giha bû dergahên bajêrê Têbê, wekî dixuya, qedera wî ew gihande wir, bê ku bizane çi di rêya wî de heye û çi wê bi seriyê wî bê. Hema wî ji xwe re delîveyeka mirinê di wê fermanê de dît, ji ber ku dilê wî her xemgîn bû, ji tirsa ku qedera wî rast wî bi ser kuștina bavê wî de bi ser markirina dayîka wî de bibe. Wî tew nizanî bû, ku berî wê bi kurtedemekê, di rêya Têbê de, bavê xwe bi destê xwe kuștiye û parek ji pêșnasîna cadobaza Dêlfî, ku ji wî re gotibû, bi cîh hatiye. Udîpus di dilê xwe de hîvî dikir, ku Sifînîks wî dikuje û parçeyên wî li pey hev davêje devê xwe, ew bi wê șêweyê ji jîna xwe ya bê eger rizgar dibe

Udîpus çû milê xwe da zinarê ku Sifînîks li ser daniștiye, û bi seriyê çovê xwe li zinarê da. Sifînîks dît ku dûrwelatiyek hatiye û qerezê ji wî dike. Paș ku piçekî hizirî, got

Çiye, ewê ku bi beyanî re li ser çar lingan e, nîvro li ser du lingan e û bi êvarê re li ser sê lingane? Ew bi livandina çar lingan jartir e ji livandina du lingan

 Mirov e“. Udîpus wilo got û berken bû, ji ber ku bersîva pirsê gelek asan bû. „Mirov di zarotiya xwe de, li ser du destan û du lingan dilive. Gava piçekî mezin dibe ew li ser du lingan digere, lê gava pîr dibe bi herdu lingan û çoyekî digere

Dema Dêw ev bersiv bihîstiye, ji xeyda dilê xwe û ji ber ku li pirsa xwe ya asan poșman bû, gerdon di dora serî re geriya, dest û kab lê sist bûn, û ji ser zinarê ve hate xarê. Udîpus șûrê xwe ji ber nava kișand û da histoyê Sifînîks û ew kușt.

Ji ber zanîn û kanîna Udîpus di paqijkirina dergahê bajêrê Têbê de, gelê bajêr ew ji xwe re kir padișah û jina padișahê kuștî li wî mar kirin, hema kesekî nedizanî, ku ew jin, Yokastê bû, ew dayîka Udîpus bû

Xwedê çar zarok ji Yokastê dane Udîpusê tew nedizanî ku zarokên wî xang û birayêd wî ne. Navê zarokan jî wilo bûn: Birayê mezin Etêoklês, û yê piçûk Polînaykês, xanga mezin jî Antîgonê û ya piçûk Ismênê
Sal hatin û derbas bûn, û gelek nexweșî li pey hev pêda bûn, di serî de pirka reș û wêran, bi ser ve jî bad û bahozên gelek xort, lehî û û hêrișa kulî û maran

Gelê Têbê  șandiyên xwe șandin ba cadobaza Dêlfî, ku egerên van xișim û ziyanên mezin, ku bi ser wan de hatîne, binasin. Cadobaza Dêlfî ji wan xwest, ku kușterê padișahê xwe Layos binasin û wî tawanbar bikin. Udîpus hîngê li xwe hișyar bû, ku wî ew padișah di rê de kuștibû. Bi ser ve jî, ew têgiha rastiya xwe, ew rastiya ku ji wî ve nediyar bû, û lew re seriyê xwe rakiribû û ji ber qedera xwe direviya, nedizanî ku ve diçe. Ew têgiha ku wî dayîka xwe li xwe markiriye û zarokêd wî ji dayîka wî ne. Di vir de jin bûye dayîk û dayîk bûye jin, ma kî dikane xwe li ber vê yekê bigire. Udîpus bi du derziyên dirêjên fistanê dayîk-jina xwe herdu çavêd xwe kûr dike, û zarokên wî li wî tên hev, wî didin ber xwe û ji nav bajêr qorî dikin, hema dota wî Antîgonê, ya ku pir ji bavê xwe hezdikir, çoyekî dide destê wî û bi wî re diçe, jê re parsê li nav gundan dike, da ew ji nêza re nemire.