مأساة الكورد… والأحزاب

‏ جان كورد، ‏22‏ كانون الثاني‏، 2012

لا يمكن في هذا اليوم المجيد بالذات من تاريخ الأمة الكوردية إنكار دور الحزب السياسي في دفع قضيتنا القومية العادلة صوب الأمام، وبخاصة فإن رجلاً عظيماً هو الرئيس الشهيد، القاضي محمد، المثقف السياسي والعالم الورع، كان قد أختير من قبل خيرة رجال الكورد ليقود الحزب الديموقراطي الكوردستاني، الذي أسس جمهورية كوردستان في هذا اليوم الذي سيبقى شعلةً وضاءة على مدى العصور لكل أحرار الكورد ومناضليهم
ولكن، مثلما ترتبط انتصارات الكورد بنجاح أحزابهم السياسية في تحقيق مشاريعها وتنفيذ خططها وبرامجها، فإنها في الوقت ذاته أحد أهم أسباب المآسي المتتالية لهذه الأمة، وهذه حقيقة يجب الاقتراب منها والتأكد منها بدراساتٍ ونقاشات. فهل ينكر أحد أن الانشقاق الخطير في الحزب الديموقراطي الكوردستاني (العراق) في ستينيات القرن الماضي قد مهد لصراعٍ سياسي – عسكري شرس في ثورة أيلول المباركة، استغله النظام العراقي لالحاق أكبر الاضرار بالشعب الكوردي في اقليم جنوب كوردستان، وبالتالي فقد كان لذلك تأثيرات سلبية عميقة على سائر أنحاء كوردستان وعلى كفاح الأمة الكوردية جمعاء، وهل يمكن لأحد إنكار الدور السلبي الخطير للاقتتال “الأخوي!”  بين الأحزاب الكوردستانية الكبيرة، حزب العمال الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديموقراطي الكوردستاني والحركة الإسلامية في كوردستان العراق، بعد طرد المحتل البعثي من الاقليم وتحرير معظم أرجائه، في تسعينيات القرن الماضي أيضاً، على مجمل نضالاتنا التحررية؟

لندع أقاليم كوردستان الأخرى الآن، ولنركز اهتمامنا على الجزء الغربي منها فقط، فسنرى الأحزاب في تكاثر وتقاطر وتفاخر، على الرغم من تقاربها في الاسماء والمضامين والمطالب والتراكيب التنظيمية، وسنرى أنها عجزت حتى اليوم عن تحقيق أيٍ من أهدافها السياسية المعلنة في مناهجها وبرامجها، ولكنها مع ذلك مصرة على أن مصير الشعب الكوردي مرتبط بها وفي يديها قرار هذا الشعب المذبوح حقاً. بل إنها صارت عالةً على قيادات الأجزاء الأخرى من كوردستان، وتأخذ من وقتها الكثير، بسبب عمق خلافاتها أو ابتذال بعض المجموعات المفترض فيها أن تتصرف حيال بعضها بعضاً بشكل أرفع مدنيةً ورفاقية ومثالية

إن عمق واستمرار المأساة الكوردية “السورية” من عمق واستمرار المأساة التنظيمية لأحزاب الشعب الكوردي، فهل يعقل أن يكون لشعبٍ صغير بلا مؤسسات قوية، بلا ميزانية مالية، بلا سيادة على أرضه التي يعيش عليها، وبلا انتخابات بين مواطنيه، أن تكون له كل هذه “القيادات!”؟
بعضهم يقول:”شعب اسرائيل أيضاً له العديد من الأحزاب!” وهذا صحيح، ولكن من يخلط بين واقع شعبين مثل الشعب الكوردي “السوري” والشعب الاسرائيلي، لا يحتاج أن يجيبه المرء عن تصوراته البسيطة، فشتان ما بين الواقعين من مختلف الوجوه. وهذا أيضاً في حال عقد مقارنة بين الشعبين اللبناني، الذي له دولة مستقلة ويعيش في حرية وديموقراطية والكوردي السوري

في غرب كوردستان لا يستطيع حزب من الأحزاب الكوردية حل مشاكله المالية مع عائلة صغيرة، دون أن تحدث مشاكل أكبر، وفي غرب كوردستان يشكل حزب من الأحزاب بمفرده “مجلس الشعب!” وكأن كل الأحزاب الأخرى ميتة أو لا وجود لها، وفي غرب كوردستان لاتستطيع ممثليات كل الأحزاب مجتمعة في قرية من القرى النائية وضعٍ حد لتصرفات المختار الذي يعمل عميلاً للدولة أو يكلف من يراه مناسباً للتجسس على الأحزاب وأنصارها من الفلاحين… أليست هذه الأوضاع مأساوية؟

هذا يجري في ظل القمع المتواصل للنظام الدموي في البلاد، فلندع ذلك ولننظر إلى حال هذه الأحزاب خارج البلاد

في مدينة ألمانية صغيرة، مثل بون التي كانت في الماضي عاصمة للبلاد، كانت جمعية المغتربين السوريين الموالية للنظام قادرة قبل سنواتٍ قلائل، على دعوة مئات من الكورد السوريين إلى اجتماعاتها وسلخ جلودهم مالياً بتبرعاتٍ واشتراكات، في حين أن كل ممثليات الأحزاب الكوردية السورية لم تكن قادرة على ملء باصٍ واحد من البشر لنقلهم إلى مظاهرة تندد بالسياسات الشوفينية التي يمارسها النظام ضد الشعب الكوردي. وفي ألمانيا التي فيها آلاف وآلاف من الكورد السوريين حاول بعضهم الانتساب إلى حزبٍ كوردي عريق فلم يجدوا سوى المسؤول الحزبي وحده وأرشيفه في ألمانيا، بدون أعضاء، وبدون أي أثر لوجود تنظيم بهذا الاسم الكبير للحزب. كما في ألمانيا هذه التي تعج بالكورد الناشطين يتمكن كوردي، ينتقل بين سوريا وكوردستان وأوروبا، من الوصول إلى أعلى المراتب الحزبية في تنظيم سياسي كوردي حداثوي، بعد انضمامه للحزب، في أقل من 3 سنوات فقط، بناءً على نصيحة له للانتساب إلى هذا الحزب بالذات من صديقٍ له من خارج الحركة السياسية الكوردية، بل ويمثل الآن حزبه في مؤتمرات المعارضة السورية على مستويات رفيعة إلى جانب كوادر لهم أكثر من خمسين سنة في أحزابهم الكوردية… وقد يجلس إلى جانب أمينه العام في المؤتمرات الكوردية لينافسه على منصبه وهو يقول له من باب المزاح الرفاقي: أنا أكثر منك مالاً وعددا

أليست هذه بماساة سببها كثرة الأحزاب وتوالي انشقاقاتها وتسيب بعض شرائحها وزعاماتها وكوادرها المفصلية؟ وبسبب ذلك لاتوجد لهم قواعد تنظيمية أو أنها ضعيفة غير قادرة على منافسة جمعية مغتربين معادية للشعب الكوردي

أليست مأساة أن لاتوجد قاعدة ما لاختيار المندوبين المستقلين إلى المؤتمرات الكوردية، ومنها المؤتمر المزمع عقده قريباص؟ وإنما يتم ذلك على قاعدة: من مع حزبي ومن أشياع سياستي فهو الوطني والمثقف والمناضل، ومن ليس معي فهو ضد الكورد وكوردستان؟ وأن يتم رفض مساهمة مناضلين سياسيين أو مثقفين معروفين بتفانيهم في سبيل قضية شعبهم لعقودٍ من الزمن في هذه المؤتمرات، في حين يتوسل بعض زعماء حركتنا وكوادرهم لمن ثبت تعاونهم مع النظام لحضورها معهم معززين مكرمين؟

فما العمل لانهاء هذا الوضع المأساوي؟

بالتأكيد لا توجد “روجتة” طبية أو سياسية كالتي كتبها الأستاذ القدير والعالم الرباني سعيد النورسي تحت عنوان “روجتة الأكراد”، ولكن بالتأكيد هذه المؤتمرات ليست نهاية التاريخ، والطريق الكفاحي لا زال طويلاً، وهذه التصرفات الخرقاء بأشكال مختلفة لروح التنظيم السياسي، الذي كان مقدساً في يومٍ من الأيام، لن تدوم إلى الأبد، وبخاصة فإن وعي شعبنا في نمو وانتعاش على الدوام، والشباب الكوردي يحدق في هذا المشهد الماساوي بعيون ناقدة
وبرأيي، إن الفرصة مؤاتية، وبخاصة في المؤتمر الكوردي السوري القريب عقده، على نفقة الإخوة الكوردستانيين وتحت رعايتهم الكريمة، أن يتم حل كل هذه الأحزاب المشاركة فيه، واعادة بناء تنظيم سياسي واسع وقائم على أسس متينة شاملة على غرار حزب المؤتمر الهندي ينهض بالحركة السياسية من خلال “الوحدة التنظيمية التي تحترم الاختلافات الفكرية” في هذه المرحلة التي نخر الانشقاق جسدها وأجهز على قواها، وأوصلها إلى هذا الوضع المأساوي

نعم، عندما لايتحدث أحد عن ضرورة الوحدة التنظيمية للعديد من الأحزاب المتقاربة سياسياً وتركيبةً اجتماعية، يجب طرح هذه الضرورة على بساط النقاش في هكذا مؤتمر مفترض فيه وضع الاصبع على الجرح النازف في جسد الحركة. ولكن كيف يمكن تحقيق مشروع كبير، دون مساهمة تامة لجميع فصائل هذه الحركة، دون استثناءات، في أهم مؤتمراتها؟

أنا شخصياً غير متفق في كثير من سياسات “حزب الاتحاد الديموقراطي” مثلاً، ولكنني لا أستطيع انكار حقه التام في حضور مؤتمرٍ كوردستاني سوري أو غير سوري… وهذا ينطبق على أحزابٍ أعتبرها مجرد أدوات تنفيذية لسياسات لا أقبل بها. وأتذكر أن بعض الأحزاب جاءت إلى المؤتمر التأسيسي للمجلس الوطني الكوردستاني – سوريا في بلجيكا قبل أعوامٍ عديدة، ورفضت المساهمة في أعماله واختارت أن تبقى فيه كضيوف أو كمراقبين، وكان هذا أفضل بكثير من أن لاتحضر، فلربما ستشارك في مؤتمر آخر، وتستفيد من تجربتها الأولى في ذلك المجال. وفي الحقيقة لم يجد أحد من مؤسسي المجلس آنذاك حرجاً في تلك الضيافة أو الرقابة

وهذا النقص أيضاً في التعامل الكوردي العام أوالتشارك الجماعي الضروري، جانب من جوانب المأساة الكوردية بسبب الأحزاب ورداءة إدارتها للأزمة المستفحلة في حركتها، ولا بد من وضع حدٍ لسطوتها وارغامها على التوحد والاتحاد، لأن الأحزاب وسيلة يصل بها الشعب إلى أهدافه وليست هدفاً قائماً بنفسه لنفسه

آمل أن لا أكون مجانباً الحقيقة… واستميحكم العذر إن كنت قد جنيت بكلامي هذا على أحد… فكل امرئ خطاء، وخير الخطائين التوابون

Keça ciwan a bêdest (*)

Cankurd, 14. Januar 2012

Çi hebû, çi tune bû…
Di kûraniya daristanekê de, mirovekî hejar ê hêzingvan, ji mala xwe re, pîkinên darên șikestî, dibirrîn û dicivandin ser hev, da wan di roj û șevên sar ên zivistanê de, bavêje nav agirê pixarê û bisotîne. Karê wî giran bû û lew re rojên wî yên berê dihatin bîra wî, dema ew xudanê așekî bû, li ber çemekî, û gelek gundiyan genimên xwe dihanîn așê wî, bi xwe jî wan genimên xwe dihêran û ew di nav wan de wekî kesekî xanedan dixuya, tew pêdiviya wî bi pare tune bû, malbata wî ya ku ji jinekê û dotekê bû, jîneke têr û tijî li ber wê avê, di maleke mezin de, derbas dikir. Pișt re çerxa felekê ters geriya, li nav her gundekî nanpijekî nanfiroș pêda bû, ku di dikana wî de așekî agirî yê piçûk hebû, û pêdiviya gundiyan bi așê ber avê, ku ji gundan gișan ve dûr bû, nema bû.
Ji nișka ve, mirovekî nenas û bi șêweyeke nenas ji paș koka dareke navbilind derket û deng li wî kir, got:
“-Qey tu wilo li xwe zordikî? Ez dikanim te bi zûkî bikime xudan gelek zêr û zîv, ku çi caran pêdiviya te bi kar nemîne, tu wekî berê maldar bibî, û xanima te jî herdem xweșiyar û têr bijî.”
Mêrik dîna xwe da wî kesî, ku tew ne wekî gundiyên wan deran e, ew bi cil in giranbiha ye û diyar e, ku destêd wî çi rojan kar nekirîne û rûyê wî jî wekî kundirekî hilîskirî, ku tew li ber rohniya royê nemaye. Gote wî:
“-Hêja, ez te nanasim, û tu amadeyî min bikî xudan zêr û zîv?”
“-Erê, tu min nanasî, lê em ê bazarekê bi hev re bikin, ku herdu alî dilșad û xweșiyar bibin.”
“-De bila.”
Ew kesê nenas piçekî berken bû, gavekê ji mêrikê hêzingvan nêzîktir bû û got:
„-Tu yê tiștê xwe, yê ku niha li paș așê te heye, bidî min û ez ê jî te bikime xudan zêr û zîv.“
Mêrik çû li ser koka dareke șikestî rûnișt, palteyê xwe li darê da, ku nîvê tîjka wê di darê de winda bû, destên xwe li hev hêștin, tiliyêd xwe misdan û di dilê xwe de pirsiya:
„-Ma ji dara sêvê pê ve, li paș așê min, çi heye?“
Seriyê xwe rakir û gote wî kesî:
„-Bila her tiștê min yê te be, ewê ku niha li paș așê min e.“
„-Baș e, bazara me teva bû. Ez ê paș demekê bêm tiștê xwe bibim û heta wê demê tu yê bibî xudan gelek zêr û zîv.”
Wilo got û ji wir çû, di çavlêdanekê de ji ber çavên mêrikê hêzingvan winda bû.
Mêrik kurtedemekê hizirî, pașiya seriyê xwe xurand, rabû hêzingên xwe wekî șelekekî giran girêda, ew șelek Hilda ser pișta xwe, bi destekî bi benê girêdanê girt û bi destê dî palteyê xwe ji ser koka dara șikestî rakir û ber bi mala xwe ve çû û di rêya vegerê de bi dengekî nizim ji xwe pirsiya:”-Ev çi bazar bû!”
Gava gihaye mal, dît ku jina wî di deriyê malê de çavrêya wî dike. Di dilê xwe de pirsiya:”-Çi heye? Qey dota me nexweș e, an bûyerek çêbûye!”
Șelekê hêzingan ji ser pișta xwe avêt aliyekî perjîna ‘hewșa’ malê, palteyê xwe jî danî ser sewkiyekê ku li ber deriyê malê bû, ber bi jina xwe ve çû û pirs kir:
“-Çi heye?”
“-Ez çi bibêjim? Teviya tișt û pertalên mala me yekser hatîne guhartin.”
“-GUHARTIN?”
Wilo got û li pey jina xwe çû hindirê xaniyê ku wekî rohniyekê jê dihat. Çi bibîne! Hemî çemberên sendeliyan, kenefeyan û ya maseyê, ku berê ji tûc û cexcexe bûn, bûne zêr û vedibirîsin, kevçî û defir, qazik û tewik û legan bûne zîvî, û her tîștek di mala wî de hatiye nûkirin, textê wî yê razanê wekî yê padișahekî dixuye, jina wî yek û berê wekî pîrekî dixuya, di xemla xwe de, êdî wekî qumriyeka çeleng bûye, ji berê sipehîtir û jîndartir bûye.
Ew pirsiya:
“-Kî hate mala me, ku evqas guhartin, tê de hatiye pêdakirin? Evqas zêr û zîv, evqas tiștên giranbiha!”
“-Ne kesek hat û ne kesek çû. Berî niha bi demekê, hîn tu li nav daristanê bû, ev guhartin ji xwe berê pêda bû.“
Mêrikê hêzingvan zanî, ku bazara wî bi mirovê nenas re bi ser ketiye, teva bûye. Gote jina xwe:
„-Hevjîna min a giranbiha, mirovekî nenas hate ba min û me bi hev re bazarek danî, ez tiștê ku li paș așê me ye, bidime wî û ew jî min zengîn û maldar bike. Ma li paș așê me ji dara sêvê pê ve çi heye? Ew dar jî êdî pîr bûye û hema çi sêv jî nakevinê.“
„-Hey malwêran, te çi kir? Ev çi bazar bû, û te bi kê re bazar kir? Qey te ji bîr kir, ku „Șeytan“ xwe wekî mirovan dike û mirovan dixapîne? Ne Șeytan em hejar kirin?“
„-Jinê, van gilî û gazincan bihêle, ka dota me li ku ye, bila ji min re firavînê amade bike.“
„-Dota me li paș așê me, ew bin dara sêvê dimale, ku em li wir șalekê rêxînin û danê xwe yê salê li ser wê șalê vebirêjin.“
„-Li paș aș e?“
„-Erê…Ew ji zû de li wir e.“
„-Heywax, min çi kir!“
Wilo got û di cîh de li ser sendeliyekê rûnișt. Jina wî, ya ku sîngê wê ji xeydê hildihat û dadihat, bi milê wî girt û got:
„-Li gorî bazara te bi wî șeytanî re, dota me bû dêrîna wî.“
„-Erê.“
„-Tevî ku em nizanin ew kî ye, ew ji ku hatiye, mebesta wî ji vê bazarê çiye.“
„-Rast e. Hema wî histobariya xwe bi cîh aniye, û divê em jî histobariya xwe bi cîh bînin. Bazar bazar e.“
„-Qey tew mafê dota me nîne, ku ew destxwezekî bipejirîne an nepejirîne?”
“-Jinê, soz soz e. Binêre, wî çi daye me. Di mala șahekî de evqas zêr û zîv nîne.”
“-Qey dota me wilo erzan e, an jî kew e, mehîn e, deban e, an jî baxeke, ku em bi zêr û zîvan bifiroșin?“
„-Jinê, dema min bazar bi wî nenasî re kiriye, min nizanî bû, ku dota me li paș aș e, tenha dara sêvê hate bîra min. Lê niha, ez ji xwe dipirsim, ka wî kesî çewa dizanî, ku dota me li wir e!“
„-Mêro, min gote te, ku ew Șeytan e.“
Demek di ser wê rojê re derbas bû. Mêrikê nenas bi cilin reș, li ser pișta hespekî reș, hat bi perjîna mala hêzingvanê xudan pir zêr û zîv ket. Ji hespê xwe peya bû û gote hêzingvan û jina wî ya dilșikestî:
„-Ez hatî me, bo standina tiștê xwe, yê ku gava me bazara xwe kiriye, li paș așê we bû.”
Dota wan a panzdehsalî li aliyekî perjîna fireh rawest bû û guhdariya kesê nenas dikir. Dayîk û bavê wê li hev nêriyan, nizanîn çi bersîvê bidin. Dawî mêrik got:
“-Here bi çepilê dota me bigir û li hespê xwe suwar bike û ji vir biçe.”
Mêrê nenas berken bû û ber bi keçika tirsiyayî ve gav kir, çirqeçirqa nalêd hespê wî li pey wî hat.
Keçikê ji berê zû da, ji dayîka xwe efsaneyek bihîstibû, ku gava mirov di dora xwe re xêzekê bi hewrikê an bi rejiyê an jî bi soringê pêda bike, ên Gonê û Șeytan nikanin di ser wê xêzê an wê giloverkê re derbas bibin û ziyanê bigihînin mirov, ewana têne sotin, lew re ji tirsa sotandinê newêrin xwe ji wê xêzê nêz bikin. Wê yekser di dora xwe re xêzeke gilover bi hewrikê di ser tehtê kevirî re kișand, ewê ku li ser rawesta bû. Ew kesê nenas di cîh de rawesta û bi çavin ku çîkêd agirî jê dibarin li wê nêriya. Dawî ew vegeriya ba dayîk û bavê keçikê û got:
“-Eve tiștekî nebaș bû, ku hûn bi min dikin. Ez ê biçim, lê ez ê dîsa vegerim, da ez tiștê xwe yê ku dêrîna min e, bibim. Hema haj dota xwe bikin, bila ew çi caran seriyê xwe neșû, bila cilên xwe paqij neke û bila porê seriyê xwe șeh neke. Ez nikanim keçeka wilo paqij ji xwe re wekî jinekê bistînim.”
Wilo got û li hespê xwe suwar bû û hespê xwe ber bi daristana nêz ve bezand û çû, yekser ew ji ber çavên wan winda bû.
Keça ciwan nema seriyê xwe an cilê xwe dișușt, û nema porê xwe șeh dikir, ew her roj belengaztir, jartir û rewșwêrantir dibû, lê ji ber ku pir digiriya û hêstirên çavan bi ser destên wê de dirijîn, herdem destên wê paqij ma bûn, weku wê herroj destên xwe șuștine.
Demek wilo derbas bû, suwarê hespê reș dîsa hat, ku bûka xwe bistîne. Gava çavêd wî li destên wê yên paqij ketin, ew gelek xeyidî, tew ji hespê xwe peya nebû û bi ser dayîk û bavê keçikê de qîriya û ji wan xwest, ku ewana destêd dota xwe yekser bibirrin. Bi ser de jî gef û gurr dane wan û got:
“-Heger hûn destên wê nebirrin, ez ê cara dî bêm û we hersêyan bikujim, ne tenê wilo, ez ê hemî mirovên di van gundên li derdora daristanê jî bikujim.“
Keçikê guhdariya wî dikir û dizanî, ku rewșa wan wêran e, lew re gote bavê xwe, gava ew bi dilekî xemgîn hate ba wê û jê pirsiya, ka çi bikin:
„-Bavo, ez dota te me, te çewa biryar da, bila wilo be.“
Bavê wê palteyê xwe anî û bi lêdana herdu destên wê re teviya daristanê bi qîrîna keçik û bavê wê re hejiya û hiș di seriyên wan de tevizî. Dayîka keçikê bi zûkî destên wê pir bi hêz girêdan, da xûn pir jê neçe, û bi merhemên ku ji geyayên çolê amadekirî birînên destên keçikê pêçan û seriyê wê hembêz kir û li mêrê xwe nêriya, ew ê ku wekî lașeyekî bê can li ber lingêd wê, li ser axa perjîna malê bêhiș dirêj bûbû.
Paș çend rojan, bi hêvarê re, ku roj diçû ava, suwarê hespê reș vegeriya, hat ku bûka xwe bistîne. Gava wî keçika bêdest li ber deriyê malê dîtiye, ew berken bû, ji hespê xwe peya bû, diranêd wî wekî yên gurekî çile, zikbirçî û dev bi xûn, di devê wî yê reș û șîn de qîç bûn û çavêd wî ji destêd keçikê nehatin birrîn, wî bi lez gav kir, ku bi çepilê keçikê bigire û bavêje ser pișta hespê xwe, yê ku wekî hirçekî dixuya, lê wî tew nedît, ku keçikê li dora xwe dîsa xêzek pêda kiribû, hema vê carê bi rejiyê bû ne bi hewrikê bû, û ji ber ku roj diçû ava, ew xêza gilover tew ji wî ve nehate dîtin. Ji nișka ve qîrîniyek ji wî hat û agir bi cil û govdeyê wî ket. Ji ber êș û tirsê, wî xwe avêt ser pișta hespê xwe û ji wir baz da, alava agirî ji pișta wî bilind dibû, gava wî hespê xwe ber bi daristanê ve dibezand.
Paș wê bûyerê, nema ew „Șeytan“ careke dî vegere mala wan. Bav û dayîka keçikê, ku êdî gelek zêr û zîvên wan hebûn, gotine dota xwe, ku ewana amadene ji wê re koçkeke maldaran bikirrin, gelek baș bixemilînin, da ew tê de bijî, hema wê nepejirand û tenha ji wan xwest, ku destên wê yên jêkirî jê re têxînin tûrekî, da ew biçe li nav gundan parsê bike, ji ber ku ew ne amade ye, bi zêr û zîvên șeytanekî debara jiyana xwe bike.
Keçika bêdest li vir û li wir geriya, ji ber wê serpêhatiyê di nav gundiyan de navdar bû, lê jiyana mirovekî bêdest her bi êș û keser e… Rojekê ew bi șev giha ber koçka padișahekî, dît ku baxçeyekî sêv û hurmiyan li wir heye, wan sêv û hurmî zêrî ne, lew re di dora wan daran re coyekî avê, yê kûr û fireh, hatibû kolan, da kesek nikanibe di ser wê coyê re gav bike û sêv û hurmiyan jêbike. Dilê keçikê kete hurmiyekê û nizanî bû çewa wê bistîne û bixuwe. Pîremêrekî rûpak, bejinbilind û bi kirasekî sipî, ku ji aliyekî ve li wê dinêriya, çoyê xwe gihand coyê ava ku dixulxulî, av di cîh de zuwa bû, weku ew co pir ji zû ve bê av bû. Keçik derbas bû, bê ku sola wê ya çirrî șil bibe û di nav baxçeyê re geriya, lê ji ber ku ew bêdest bû, nedizanî çewa wê hurmiyê jêbike. Gava ew giha bin dara hurmiyê, dît ku pîkinê wê ji xwe berê daket, heta ew hurmî giha ber devê wê û bihneke xweș jê hat. Keçikê devê xwe avêt hurmiyê û çend gez li pey hev lêxistin, heta piraniya wê xwar. Pîremêrê rûsipî li wê temașa kir û berken bû, bi wê dîtinê dilșad bû. Lê wan herdukan nedizanî, ku baxvanê w baxçeyî bi dizîka li wan temașe dikir.
Roja dî, padișah hate nav baxçeyê xwe û dît, ku hurmiyeke zêrîn hatiye dizîn. Bang li baxvanê xwe kir û pirsiya, ka çi bûye, baxvan jê re  got, ku pîremêrekî av ji coyê zuwa kir û keçeka bêdest hurmî xwar. Padișah hizirî û gote cadobazê ‚sihirbazê‘ xwe:
„- Eve tiștekî seyr e. Baxvanê min çi caran derewan li min nake. Tu çi dibêjî?“
„-Padișahê min, ewê ji van sêv û hurmiyan carekê bixuwe, wê bêguman dîsa bizava xwe bike, ku wan bistîne.“
Bi șev, padișah û cadobazê wî, xwe di nav baxçe de veșartin, dîtin ku dîsa pîremêr ava di coyê re dixulxulî zuwa kir, keçika bêdest derbas nav baxçe, dara hurmiyê pîkinê xwe jê re daxist û wê devê xwe avête hurmiyekê. Cadobaz ji paș koka darekê ve deng li keçikê kir:
„-Qey tu mirovî ji vê cîhanê yî, an tu ji cîhaneke dî yî?“
Keçikê bersîv da:
„-Ez berê ji va cîhana we bûm, hema niha ez ji cîhaneke dî me.“
Padișah nema xwe digire, ji paș darê derket û gote keçikê:
„- Bi salan û mehan e, ez li keçeka wekî te digerim. Were bi min re, ez padișah im û ez ê te li xwe marbikim.“
Padișah keçika bêdest li xwe markir, û çend salekê jiyaneke baș bi wê re teva kir. Hem padișah û hem jî dayîka wî gelek ji bûkê hez kirin. Padișah ji wê re du dest ji tûc û zêr û çermê bazan çêkirin, ku wekî du destin mirovî dixuyan. Hema Șeytan ne raza bû, çavdêrî dikir, kîn û nevîna wî ji berê bêtir û bi hêztir bû.
Padișah binzor bû ku biçe aliyekî dûr ê memleketa xwe ya fît û fireh, ji ber ku li wir ceng hebû. Jina wî li mal ma, ji ber ku bi du canan bû. Dayîka wî pir hajê dikir. Gava Xwedê kurekî kubar da padișah, dayîka wî namyek, bi rêya șandiyekî suwar, ji wî re hinart û di nameyê de nivîsand, ku jin û neviyê wê pir xweșiyar in û li hîviya vegera wî ne. Xwedê kurekî pir sax û çeleng dayî wî.
Șandiyê suwar teviya rojê ji ser pișta hespê xwe danehat, û tew nedizanî, ku suwarekî bi cilin reș û li hespekî reș pișthesp bûye, ji dûr ve li pey wî tê. Bi hêvarê re șandiyê șahanî westa, ew ji ser pișta hespê xwe dahat, da hesp piçekî vehese û têr av vexu, ji coyekî, ku di nav daristanekê re dixulxulî. Pișta xwe da koka dareke mezin û pêlên bayekî germik li rûyê wî dan, ew di xew ve çû. Suwarê hespê reș giha wir û ji hespê xwe peya bû, destê xwe avêt tûrê çermî, yê ku bi milê wî ve bû, vekir û name jê derxist. Name bi mûmê nehatibû șeqlekirin, ji ber ku nameyên dayîka padișah ne nameyên fermî bûn. Bi dizîka û hajêkirin name ji hev kir. Paș ku ew xwend, puf ser nivîsa li ser kaxedê kir, ew nivîs sîl bû û li șûna wa nûçeya baș, a ku ji padișah re diçû, wilo nivîsand:
„-Kurê min î bextreș, bûka te û neviyê min li hîviya te ne, hema ez çi bibêjim, ew ji navê bi jor ve mirov, lê ji navê û bi jêr ve seg e. Min dizanî, ku ev keça ku te li xwe markiriye, ne mîna mirovên rast û dirist e, hema min newêrî bû ji te re bibêjim û dilê te neșikînim.“
Șeytan name dîsa da hev, bi rîbana wê ya sor girêda û ji nû ve xiste tûrikê șandiyê, ku dikire xurexur.
Name giha padișahê, ku di nav kar û barê cengê de bû, ew bêtir ji kuștina peya û suwaran xemgîntir bû. Wî nizanî bû çi bike û çi bersîvê bide dayîka xwe. Li dawî, bê ku ew kaxedeke fermî bi kar bîne, hema li ser çermekî nerm nivîsand, ku bila dayîka wî bêtir hajê jin û kurê wî bike, heta ew vedigere, ew çerm da hev, bi rîbaneke sipî girêda û da șandiyê xwe. Ew șandî li hespê xwe suwar bû û bi aliyê keleha șahanî ve zîvirî. Hema Șeytan li benda wî bû, û rîhên xwe yên belek dixurandin. Di nîva rê de, șandî dîsa ji hespê xwe peya bû û dîsa pișta xwe da koka darekê û di xew ve çû. Șeytan bi asanî ew name jî derxist, puf ser nivîsa wê kir û li ciyê wê nivîsand:
„-Dayê, ez pir xemgîn bûm. Ez di cengê de me, lew re ez nikanim niha bêm. Kurê min î nîvê wî seg e, yekser bikuje, çavêd bûka min derxîne, zimanê wê bibirre û wê ji kelehê bavêje, bila kesek nizanibe çi bûye û ew jî nikanibe bo kesekî tiștekî bibêje.“
Șeytan, ê ku ew nameya guhartî, ji nû ve xistiye tûrikê șandiyê șahanî, guman kir ku bi wê șêweyê wî tola xwe ji keçika bêdest hilanî. Dayîka padișahê xemgîn, wê fermana kurê xwe tavilkê bi cîh bîne. Lew re ew berken bû û wekî lawekî çiyayî pișthesp bû û bi nav daristanê de wekî bayekî tunde lez kir.
Dayîka padișah, ê ku dûr bû ji kelehê, gava nameya kurê xwe xwend, guman kir ku nameya wê çewt hatiye têgihîștin, heta ku kurê wê bersîveke wilo daye. Lê ji ber ku ew tirsiya bû, ku kurê wê ji nișka ve vegere mal û berî her tiștekî bike jin û kurê xwe bikuje, wê nameya kurê xwe avête nav agirê, șand pey nêçîrvanekî û ji wî xwest, ku ew bi zûkî biçe nav çiyan û ji wê re koviyekê bikuje û bîne. Bê ku kesek bibîne, bi tenê xwe, wê parek ji zimanê koviya kuștî jê kir û herdu çavêd wê derxistin û xistin qutiyeke zîvî û di bin balifê xwe de ew qutîk veșart. Bang li bûka xwe kir, çiqineke tijî zêr jê re amade kir û gote wê, ku jiyana wê û ya kurê wê di bivebûnê ‚telezgehê‘ de ye, divê ew ji kelehê bi dizîka derkeve, û bila kesek nebîne ku wê kurê xwe bi xwe re biriye, berî ku mêrê wê vedigere û wan herdukan dikuje. Bûka ku dilê wê ji tirsa leriziye dizanî, ku xasûya wê pir ji wê û ji kurê wê hezdike, lê nedizanî ji çi re mêrê wê ji wê sîv hatiye û amade ye wê û kurê wê jî bikuje. Di tariya șevê de, ew bi dizîka di rêyeke binzevînî re, bi harîkariya xasûya xwe, ji kelehê reviya û li ser pișta kerekê, wekî jineka hejar a gundiyan, kurê xwe bi sîngê xwe ve guvaștibû.
Roj çûn û șev derbas bûn, jina bêdest giha ber xanekê, ku di orta daristanekê de bû û pir hindik rêwî û mêvan li wir ji rê diketin. Lê gava bizava xwe kiriye, da zêrekî ji berîka xwe derxîne û bide xudana wê xanê, tiliyên wê yên çêkirî baș kar nekirin û xudana xanê yekser tê derxist, ku ew jina padișahekî ye, ji ber ku çêroka markirina wê gelek navdar bûbû. Xudana xanê bi șev ji mêrê xwe re hewalda, wî gotê:
„-Jinê, bila tew kesek nizanibe, ku ev jin li ba me ye. Rojekê em ê binasin egera hatina wê vê xanê çî ye, û dibe ku em gelek pare ji ber wê yekê bistînin. Hema devê xwe li ser wê ji kesekî re veneke. Dibe jî gava em vê mijarê vekin, seriyê me pir bêșe, an jî hinek me bikujin. Pareyên wê hene an nînin, niha ev ne giring e.“
Padișahê xemgîn, gava vegeriya keleha xwe û bi dayîka xwe re peyivî û ziman û çavêd koviyê li ba wê dîtin, hîn xemgîntir bû, lê gava naskir ku nameyên wan herdukan hatîne guhartin, ferman yekser da, bo girtina șandiyê ku di navbera wî û dayîka wî de çûye û hatiye. Șandî ji wan re hewalda, ku wî du vehes dane xwe, herdu li bin darekê, li çûyînê û hatinê, ji ber ku rêya pir dirêj bû. Padișah dît ku tew gunahê wî xortî nîne, lew re ew ji ba xwe der kir, bê ku wî tawanbar bike, an bihêle ew xort bizane, ka ji ber çi ew hate girtin û ji çi re padișah pirsê wilo ji wî dike.
Padișahê dil tijî guman bûye, ji diya xwe pirs kir, ka bûye! Dayîka wî gotê, ku ev karê cadobazan û Șeytanan e, ev tew ne karê mirovan e. Ji wê rojê de, padișah dest bi lêgerîneke fireh kir, da jin û kurê xwe bibîne û wan li mala xwe vegerîne, û her roj ji dayîka xwe dipirsî, ka kurê wî wekî wî dixuye an ne, çav û dev û bejmêra wî çewa ye, ew çewa dikene û dest û pêyêd wî çone. Dayîka wî, ya ku ne kêmtir ji wî hezdikir, bûk û neviyê xwe careke dî bibîne, ji wî re her tiștek hewaldida û di ber hewaldanê re hêstir ji rûyê xwe dimaliștin.
Heft salan derbas bûn. Jina bêdest, a ku wan herdu destên çêkirî avêtibûn sandiqekê di odeya xwe de li qatê jorîn ê wê xanê, bi xûngermî bizava xwe dikir bo fêrkirin û mezinkirina kurê xwe. Roj bi roj destên wê bêtir xuriyan û ji wê re destin piçûk di șûna yên jêkirî de pêda bûn û roj bi roj mezintir bûn. Wê ji Xwedayê xwe xwestibû ku ji wê re destên wê ji nû ve pêda bike, da ew bi xwe berdestiya kurê xwe bike, û Xwedê axaza wê bi cîh anî.
Rojekê, padișah bi xwe, û bi wî re komek ji peyrewên suwar, ku ji welatekî dûr vedigerîn, hatin bûn mêvanên wê xanê. Xudana xanê ji mêrê xwe re got, ku wekî wê ji gelek mêvanan bihîstiye, ev padișah mêrê wê jinê ye, ku heft salin mêvana wan e û kesek pê nizane. Mêrê wê gotê:
„-Ka bihêle, ez bi șêweyekî neyekser, bizanim, ka ev padișah çi li ser jin û kurê xwe dibêje.“
Xudanê xanê, wê șevê, gelek mey da mêvanêd xwe, yên ku padișah di nêv wan de, bi dilekî xemgîn daniștibû û tew mey venedixwar. Paș ku peyrewên padișahê westiyayî serxweș bûn, xudanê xanê, bi lawazî û zanayî, pirsek li pey pirsekê kir, șor ji wan derxistin û wan jî bi asanî bersîv dane wî. Padișah li xudanê xanê hoșyar bû, ku dixaze agahiyan li ser jin û kurê wî bibihîse, lew re gotê:
„-Were ba min, ez ji te re teviya rastiyê bibêjim.“
Wilo got û ji xudanê xanê xwest, ku rêya razanga wî șanî wî bide. Jina xudanê xanê, ku li paș seriyê padișahê xemgîn rawesta bû û guhdariya wan dikir, gote mêrê xwe:
„-Dem hatiye em jî rastiyê bibêjin. Ne wilo ye?“
Mêrê wê bi hejandina seriyê xwe jê re erê kir. Herduka bi çepilêd padișahî girtin û birin gihandin ber deriyê odeya jina wî, ku di tenișta kurê xwe de raza bû û çarîkeke șevînî di ser xwe û kurê xwe re rêxistibû. Padișah derbas bû odeya, ku rohniya mûmeke mezin hindirê wê piçekî dida xuyakirin. Derî li paș xwe girt û ber bi textê razanê çû, dît ku kesek di bin çarîka șevînê de raketiye û diyare zarokek jî di hembêzê de ye. Padișah bi dizîka çarîk ji ser rûyê wî kesî veda, dît ku jineka dêmdurreyî, wekî jina wî ya windayî ye, lê herdu destên wê hene, û di hembêza wê de jî kurekî rû wekî sêvekê raketiye. Wî nizanî çi bibêje an çi bike. Jinik li wî hișyar bû, hem bi tirs û hem jî bi hîvî li wî nêriya û xwest, ku berî her tiștekî, kurê xwe ji lêdana șûrê wî biparize. Nizanî bû çi bike, lew re tenha gotê:
„-Erê ez jina te me û ev jî kurê me ye. Dilovaniyê li me bike, me nekuje. Me tiștekî nebaș nekiriye, Xwedê dîdarê min e.“
Padișah çû cîhaneke dî û vegera, dest li wî sist bûn û li ser keviya textê razanê rûnișt, dilê wî hate girtin û xwîdan bi ser eniya wî ket. Carekê li bejmêra kurê xwe nêriya, dît ku her pareke wî wekî ya mirovan e, segê çi û derewa çi! Lê gava li destêd jinikê nêriye, di dilê xwe de got:
“-Dibe ev jin wekî jina min a berê be, an ji min ve wilo dixuye. Hema destêd vê hene. Qey eve tew ne jina min e? Ev kur jî dibe kurekî dî be, ji ber ku min kurê xwe tew nedîtibû.“
Jina wî çû, ji sandiqa xwe, wan herdu destên çêkirî anîn, û çêroka xwe û ya jêkirina hurmiyan ji baxçeyê wî anî bîra wî, û bi ser de jî, hinek bûyer ji wî re hewaldan, ku padișah baș dizanî, ji wan herdukan pê ve kesek nizane. Kela dilê wî dahat û wî zanî, ku ew jin jina wî ye û ew kur kurê wî ye, herdu hembêz kirin, ew û jina xwe bi ser hev de giriyan.
Roja dî, padișah dest bi șahiyeke gelek mezin kir, nûçe ji dayîka xwe re hinart, û heft roj û heft șevan dewateke mezin çêbû… Padișah bi jina xwe re vegeriya kelehê û bi hev re jiyaneke dirêj û xweșiyar derbas kirin û gelek zarokên wan pêda bûn.
Çêroka me teva bû, gewriya me ji hewaldanê zuwa bû… Selewat û silava li peyxemberê ummetê bikin, û ji me re xewaneke dagirtî amade bikin.

وماذا بعد….أيها الاسديون؟ ‏

 جان كورد، ‏21‏ كانون الثاني‏، 2012

دأب النظام الأسدي، منذ اندلاع ثورة الشعوب العربية في تونس الخضراء، على انتهاج سياسة “الإنكار” الشاملة، سياسياً وإعلامياً، وعلى كافة المستويات الرسمية والديبلوماسية، لاحتمالات أن يمتد لهيب هذه الثورة إلى سوريا، وهذا الانكار بحد ذاته كان نابعاً عن قناعة لدى مؤسسات النظام الأمنية بأنها قوية، يهاب السوريون من الخروج عليها، أو تحديها، وهي قادرة على سحق أشد الاحتجاجات إن حدثت، ولخوف المواطنين  من وحشيتها وسعة انتشارها في البلاد، ونتذكر كيف أكد الذي لا يزال – مع الأسف – رئيساً لسوريا، رغم كل الدماء التي أريقت في عهده “الازدهاري الإصلاحي!”، على أن “سوريا ليست تونس أو سواها!” دون أن يبين لماذا سوريا ليست مثل تونس، إلا أن الشعب السوري كان مدركاً للأسباب التي يعتمد عليها هذا الذي يحكمها دون انتخاب وإنما عن طريق وراثي، ومن أهمها امتلاكه لأسباب القوة الأمنية الإرهابية والقوى العسكرية والمالية والإعلامية كلها
ولكن على الرغم من ذلك، فقد ثار الشعب السوري، في البداية هنا وهناك، في أيام الجمعة، ومن ثم في سائر الأيام، وشعر النظام بأن سياسة “الانكار” قد أخفقت، فشرع في ممارسة سياسة “الاتهام”، وأمر مرتزقته الاعلاميين ومندسيه في صفوف المعارضة وجواسيسه في الشارع السوري، إلى تبرير العنف الواسع والشنيع الذي يقوم به ب”إرهاب السلفيين وأنصار القاعدة” وسواها من الأسماء الممقوتة دولياً، والتأكيد على أن عنف النظام هو مجرد “رد فعل نظام وطني” على تخريب وارهاب مدعوم من الخارج لتحريفه عن “سياسته العربية المعادية للامبريالية والرجعية والصهيونية”، وبأن هؤلاء المنفلتين المتظاهرين يحاولون “ضرب الوحدة الوطنية والتآلف الطائفي في سوريا
ولكن الشعب كان لسياسة “الاتهام والتشويه” هذه بالمرصاد، فانطلقت الحناجر القاشوشية في سائر أنحاء البلاد مرددة “ثورة حرية وديموقراطية… ثورة سلمية” فرددت الجماهير وراء تلك الاصوات الصداحة “واحد…واحد… الشعب السوري واحد” بمعنى أن لامكان للطائفيين فيها، كما أكدت الجماهير على أن الذي “باع الجولان” هو النظام ذاته، وأنه حول المعركة السورية الحقيقية إلى معركة مع الشعب في درعا وحمص وحماه ودير الزور واللاذقية وكل المدن السورية وأريافها… وبلك فشل النظام في انتهاج سياسة “الاتهام والتشويه” رغم استمراره حتى الآن فيها لعدم امتلاكه بديلاً عنها
زج النظام الجيش السوري في الشارع لقمع المدنيين المتظاهرينن فجلب له هذا مشكلة أخرى هي “انشقاقات الجيش”، وانقسام الجيش السوري فيما بعد إلى جيشين، أحدهما يسمى ب”الجيش السوري الحر” الذي فضح منتسبوه، الواحد تلو الآخر، بشجاعةٍ نادرة، ما يرتكبه النظام من فظائع، لايستطيع تنفيذها من أقسم اليمين على حماية الشعب السوري وليس على ابادته، كما أدت هذه الخطوة إلى التهاب الرأي العام العالمي وتشكل ما يمكن تسميته بالجبهة المعارضة لوحشية النظام، في حين اتضح للعالم كله أن ايران وحزب الله يدعمانه لأسباب طائفية بحتة، والدليل على ذلك أنهما كانا يعتبران الثورات العربية صدىً لأفكارهما الخمينية، في حين أنهما يتهمان الثورة السورية بأسوأ التهم التي تكيلها طهران لأعداء الخمينية… وتبين بذلك للشعب السوري أنه يواجه عصابات طائفية مزودة بدعم ايراني وليس نظاماً سياسياً يمكن تغييره عن طريق التظاهر السلمي وحده، فشرعت فصائل عديدة في المعارضة الوطنية والديموقراطية السورية في التفكير في إزالة هذا النظام عن طريق القوة، لأنه مستمر بفظاعةٍ لامثيل لها في تدمير البلاد وسفك الدماء وفي ممارسة شتى وسائل التعذيب والجرائم ضد الإنسانية
أضطر النظام إلى توسيع دائرة “الالتفاف على الثورة” وتنشيط سياسة “المراوغة”، فأظهر نفسه راضياً عن أي مبادرة عربية تصون “سيادة البلاد السورية” وتكون على “اتصال” مع النظام، مالك البيت ومديره. فوجد – مع الاسف- من تجار السياسة العربية من يقبل بالتعاون مع هكذا نظام مجرم للتأكد من خلال ارسال موظفين للجامعة العربية و للحكومات العربية مما يجري في سوريا، وكأن سياسة الذبح والتعذيب والتقتيل وقصف المدن التي يعرضها الإعلام العربي صباح مساء لايكفي لاقتناع هؤلاء بأن ما يجري في سوريا مناقض لميثاق الجامعة وميثاق الأمم المتحدة ودستور سوريا وكذلك لائحة حقوق الإنسان، وقبل كل شيئ مخالف للشرع الرباني الذي يزعم هؤلاء السادة العرب إيمانهم به وممارسة طقوسه العبادية في قصورهم الفارهة كل يوم
ومن ناحية أخرى، فإن النظام راوغ بشكل جيد بإظهاراستعداده ل”الحوار مع المعارضة” التي رفضها منذ وجوده، ومارس بحقها القمع والاعتقال والاقصاء ولم يصغ يوماً لنداءاتها الوطنية المستمرة بضرورة الانفتاح السياسي كمخرج من أزمات البلاد. فجند آلاف العملاء والمرتزقة والجحوش، تحت إشراف الأجهزة الأمنية لاظهاره وكأنه هو الذي يسعى للحوار، والرافضون هم في المعارضة. وأراد بذلك شق صفوف المعارضة العاملة على التغيير الجذري، وكسب بعض النفوس الضعيفة إلى صفه، وايهام العالم الخارجي بأنه ليس معانداً كما يتصور البعض، وحاول كسب مزيدٍ من الأصدقاء بذلك، وأعطى بمرونة حبائله وطولها سلاحاً قوياً لحلفائه الروس الذين لايهمهم سفك الدماء السورية وانما وجود نظامٍ يحفظ لهم مصالحهم على ساحل البحر الأبيض المتوسط ويشتري منهم السلاح باستمرار، ولايهمهم من يقتل النظام بتلك الاسلحة. فوقف الروس حتى اليوم وقوفاً مخزياً وعائقاً أمام ممارسة مجلس الأمن الدولي صلاحياته الدولية في مواجهة هذا الارهاب الأسدي الذي لم يعد الأمين العام للأمم المتحدة يطيقه
ربما استفاد النظام من انتهاج هذه السياسات “الانكارية، التشويهية، الاحتيالية” وبخاصة استفادته من “المبادرة العربية”، إلا أن الشارع السوري وانتفاضة الأحرار في الجيش السوري، واتساع رقعة العمل السياسي والتنظيمي المعارض، داخلياً عن طريق تنسيقيات الشباب، وخارجياً عن طريق الاحتجاجات المتتالية، في سائر بلدان العالم، ونشوء معارضة منظمة وواسعة ومتعددة المكونات، من أبرزها المؤتمرات التي نجم عنها المجلس الوطني السوري، قد فرض قواعد جديدة على لعبة النظام الدموية مع الشعب السوري، اضطرته إلى تقديم تنازلات عديدة لدول الجيران، واتباع لهجة أشد مرونة مع اسرائيل بالذات، لدرجة أن بعض السوريين صاروا يتندرون على التناقض التام في السياسة الاعلامية للنظام، البادي استعداده من جهة للالتزام بكل ما تمليه اسرائيل من شروط لانقاذه دولياً والمؤكد من جهة على مواقفه الحاسمة المعادية لها
لم يتمكن النظام من دحر المعارضة رغم التلون والتقلب الدائم في ممارساته وسياساته، التي يبدو أنها فاشلة تماماً في النهاية لاعادة المياه إلى مجاريها، فالتوازن السياسي أو توازن القوى في سوريا لم يعد كما كانت عليه الأوضاع قبل بدء الثورة في آذار عام 2011، وامكانات المعارضة الإعلامية والديبلوماسية والعسكرية والشعبية ترغم النظام على سلوك أحد الأمرين هذين الأمرين:
– الحرب الشاملة على الشعب، بالاستعانة الفاضحة بقوات حزب الله وحركة أمل اللبنانية وبمليشيات الصدر العراقية والدعم العلني للباسداران الايرانية، بعد الفشل الذريع للنظام في القضاء على الثورة في مدن استخدم فيها كل وسائل القمع والارهاب والتجويع والتعذيب، بل والقصف العشوائي وقطع الماء والكهرباء ومنع المواد الغذائية والتداوي في المستشفيات، كما في درعا وحمص وحماه وادلب خاصة، وهذا يعني التمهيد لجر سوريا إلى حربٍ طائفية لايعرف أحد عقباها، وستكون لها تأثيرات سلبية لكل المنطقة، في لبنان والأردن والعراق واسرائيل
– اللجوء إلى حل أسهل من ذلك، ألا وهو هروب النظام بكامل عتاده العسكري وأمواله وأزلامه وشبيحته الدموية إلى مناطق جبال العلويين، وتأسيس دويلة علوية كانت على الدوام حلماً لبعض شيوخها، والتفاوض من أجل بقائها على الصعيد العربي والدولي، وحتى طرح مشروع ضم تلك المناطق السورية إلى لبنان، تماماً مثلما ورد ذلك في الأيام الأخيرة لعهد الاستعمار الفرنسي على سوريا في أربعينيات القرن الماضي، وبذلك سيتحقق حلم حزب الله وزعيمه حسن نصر الله في جعل أهل السنة اللبنانيين بين فكي كماشة شيعية – علوية. وهذا يعني عملياً تقسيم سوريا. وهذا يذكرنا بهروب صدام حسين تحت ضغط الهجمات العسكرية الأمريكية إلى منطقة الفلوجة السنية التي جاء منها
لم يبق أمام النظام سوى أحد هذين الأمرين لأن ايغاله في القمع وممارسة الارهاب واعلان الحرب على مناطق واسعة من البلاد، ورفضه مطالب الشارع السوري العادلة، جعلته يضيع كل الفرص المتاحة له عربياً ودولياً، واغلاق سائر السبل المعقولة والواقعية وحشر نفسه في مأزق لاخروج له منه إلا بموته أواستسلامه، بعد أن ضاق المجتمع الدولي ذرعاً بهكذا نظام، وبعد كل ما رأيناه من تصميم وعزم في الشارع السوري على التخلص من هذا الجور الشامل
ولكن يبق هناك مجال ضيق لانقاذ رقاب بعض رجالات النظام من مقصلة التاريخ العادلة، ألا وهو حدوث تغير مفاجىء في استراتيجية الزمرة الحاكمة، حيث هي استراتيجية الحفظ على المصالح الشخصية والعائلية والطائفية، كالقيام بانقلاب عسكري يطيح ببشار الأسد ويخفف من وطأة قبضة أمه المستبدة به على مقاليد الأمور، ووضع حدٍ  لاجرام ماهر الأسد وفرقته الرابعة التي لها باع طويل في الاجرام ضد الشعب السوري، وبالتالي استعداد الانقلابيين لتسليم السلطة في فترة زمنية متفق عليها، تحت اشراف دولي أو عربي، لممثلي الشعب المنتخبين واعادة برمجة النظام السياسي السوري بالكامل وتسليم مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب إلى القضاء السوري أو الدولي. ولكن هذا الاحتمال يبدو ضعيفاُ لأن القادة العلويين الذين يدعمون النظام لايزالون غير متفقين على القيام بهكذا عملية جراحية ذاتية، وهم خائفون من القيام بمغامرة إنقلابية ربما لن تنجح
أما بالنسبة للكورد، الذين حاول النظام ولا يزال يحاول تحييدهم سياسياً، بطرق مباشرة وملتوية، فإن عليهم عدم الانخداع بمحاولات النظام تسليم المناطق الحدودية مع تركيا (ما يقارب الألف كيلومتر طولاً) لبعض أحزابهم المتحالفة مع الأجهزة الأمنية للنظام منذ عهد حافظ الأسد، بهدف عرقلة انتشار وحدات الجيش السوري الحر، وعلى أحزابهم الوطنية كلها يقع واجب الانخراط في صفوف الثورة السورية الكبرى، وذلك على أسس من الاتفاق القومي الراسخ على نقاط تتعلق بالحق القومي الكوردي العادل في سوريا المستقبل، يمكن عرضها على مختلف فصائل الثورة والمعارضة السورية، والتوصل معها إلى عهد سياسي جديد، يضمن “الإدارة السياسية اللامركزية” في البلاد، وحق الشعب الكوردي في “فيدرالية قومية” باعتباره شعب لا يمكن استثناءه من حق تقرير المصير، المعترف به دولياً لكل الشعوب، ويعيش على أرضه التاريخية، وليس مجرد جاليات اثنية منتشرة في البلاد كبعض الأقليات الأخرى التي يجب ضمان حقوقها كاملة أيضاً
إن مؤامرات الزمرة الحاكمة وتكتيكاتها تنفضح كل يوم، وسياستها تفشل واحدة بعد الأخرى، وكما قالت الغارديان البريطانية مؤخراً فإن هذا النظام زائل لامحالة، ومشاريع هذه الزمرة وتحريكات بيادقها على رقعة الشطرنج الدامية باتت مفضوحة، لذلك فليس عجيباً أن يطلق الفرنسيون على هذا الوضع السوري اسم “الفضيحة السورية

لنتحاور كإخوة دون شتائم أيها الاتحاديون الديموقراطيون

جان كورد، 17.01.2012

بدايةً يجدر بنا الاعتراف بأن هذا الحزب (الاتحاد الديموقراطي) هو أحد أكثر التنظيمات الكوردية السورية حيوية وفتوة وقدرة على تحريك الشارع الكوردي إن شاء ذلك، وهذه حقيقة يعترف بها الواقعيون في الحراك السياسي – الثقافي الكوردي عموماً… وقد نعود – بإذنه تعالى – إلى جذور هذه القضية في مقالٍ آخر
اعتاد بعض أنصار حزب الاتحاد الديموقراطي (تنظيم حزب العمال الكوردستاني في سوريا) من الكتاب والناشطين الاعلاميين، أن يتهموا كل من يخالفهم الرأي بأنه “عميل للدولة التركية وللمخابرات السورية على حدٍ سواء!” وبأنه من الكونترا غريلا المقاتلة ضد حزبهم وبأنه رجعي يتلقى الأموال من الشخصية التركية الشهيرة فتح الله كولان، وبأنه مدسوس من مخابرات دولية، أمريكية – اسرائيلية – سعودية، فيجعلون من غالبية كتاب وناشطي الشعب الكوردي عملاء، جهلاء، وخونة، ولكن الشعب الكوردي بأسره يعلم بأن هؤلاء الذين ينزلون إلى هذا الدرك في تحقير مثقفي شعبهم وناشطي الرأي، إنما يسيئون إلى شهدائهم بهذه الأساليب الرخيصة. وآمل أن يكتب هؤلاء البعض من أنصار هذا الحزب مقالاً واحداً، لايصبون فيه حمم غضبهم بهذه الصورة المتخلفة على من لايوافقهم على سياساتهم، ومنها تحول قادتهم من طلاب للحرية والاستقلال الكوردي إلى منافحين عن “ديموقراطية آتاتورك” ومطالبين ب”الإدارة الديموقراطية اللاقومية”
وأقول لهم: ليس لي في هذه الحياة أمل آخر سوى المساهمة المتواضعة في كفاح شعبي من أجل الحرية والحياة الكريمة التي تصان فيها حقوق الإنسان، التي منحه الله إياها، كما ليس لي أي طموح في منصب أو مالٍ، ورغبتي الوحيدة قبل موتي هي العودة إلى وطني ورايات الحرية تخفق في سمائه… فدعونا نتحاور قبل الرحيل النهائي ولو مرة واحدة دون شتائمكم
لايستطيع أحد أن ينكر ما كان عليه حزب العمال الكوردستاني من تحالفٍ تام وتعاونٍ وثيق مع النظام الأسدي، كان يتم تبريره بأن في ذلك منفعة متبادلة، فالأسد الأب كان يضغط بدعمه لحزب العمال على تركيا من أجل انتزاع حقوق للطائفة العلوية المضطهدة في تركيا آنذاك، وكان يطمح إلى تنازلات تركية في مجال تدفق مياه دجلة والفرات، ولمساومتها على “لواء الاسكندرون” السليب بموجب اتفاقية فرنسية – تركية تعود إلى عام 1937، وبخاصة فإن اللواء الخصيب يتاخم المناطق الساحلية السورية ويضم نسبة سكانية عالية من المواطنين العلويين. في حين أن حزب العمال كان يستفيد من دعم الأسد له في كفاحه من أجل “حرية واستقلال” الشعب الكوردي، والسماح له بتعزيز ذلك الكفاح لوجستياً ومالياً من العمق الكوردي السوري، الممتد من شرق – شمال البلاد إلى غربها على امتداد الحدود السورية – التركية، وكذلك بتأمين ملجأ لقائده الذي كان يتحرك تحت رقابة استخباراتية سورية مشددة بين سهل البقاع اللبناني والعاصمة السورية دمشق، وكان يتجول لسنواتٍ عديدة في المناطق الكوردية داخل سوريا لتقوية تنظيمه ودعمه من الشباب الكوردي والمال الكوردي، هذا المال الذي كان لبعض زعماء سوريا نصيب الاسد فيه. وكان الشعب الكوردي في “غرب كوردستان” متفهماً لذلك التبرير لاقامة تحالف حزب العمال الكوردستاني مع نظامٍ يمارس سياسة عنصرية استثنائية ضده، لأسباب تتعلق بالطموح القومي العام في تحقيق وحدة واستقلال الكورد وكوردستان الكبرى، وكانت الحركة السياسية الكوردية “السورية” راضية بأن تلعب دوراً ثانوياً في تلك الحقبة التاريخية وهي لم تكن قادرة على مجابهة ذلك التحالف، وليس هناك في صفوفها من حاول القيام بتحالف مماثل مع الحكومة التركية، وهذا أمر مؤكد تماماً، لذا لايمكن لأحد اتهام الكورد السوريين بالتهم الباطلة عن العلاقات مع تركيا أو سواها
لايستطيع أحد إنكار ما صارت إليه الأوضاع بعد ابعاد الزعيم العمالي السيد عبد الله أوجالان، تحت ضغط وتهديد رئيس الوزراء التركي، السيد بولند أجاويد، ذي الاصول الكوردية، قبيل نهاية القرن العشرين، بأنه سيغزو سوريا ما لم يطرد هذا الزعيم، الذي أصبح مقلقاً لبلاده، من دمشق ومن البقاع الذي كان تحت السيطرة العسكرية السورية آنذاك. حيث قلب النظام الأسدي ظهر المجن لحزب العمال الكوردستاني، وبدأت حقبة جديدة من الاجراءات الأمنية ضده، وذلك في نطاق تعاون استخباراتي، سوري – تركي، ضد أنصاره، ومن جراء ذلك تم اعتقال الكثيرين منهم، ومورست سياسة قمعية رهيبة ضدهم، بحيث لايمكن انكارها من قبل من يملك ذرة من موضوعية وواقعية سياسية. واستطاع النظام تسديد ضربات موجعة للحزب المنبثق عن تنظيمات حزب العمال الكوردستاني، وأعني به (حزب الاتحاد الديموقراطي) رغم مطالبته بأدنى أشكال “الإدارة الديموقراطية” وعدم محاولته سلوك نهج يسيء أكثر إلى العلاقات بين قيادة حزب العمال المتمترسة في جبل “قنديل” ضمن أراضي اقليم كوردستان الجنوبي وبين الحكومة السورية. واستغل النظام نقاط ضعف الحزب التالية لمتابعة إرهابه ضده
– إنشغال الحزب بموضوع اختطاف واعتقال زعيمه السيد عبد الله أوجالان، وجعله ذلك الموضوع أهم شيء في نضاله اليومي
– تورط قيادته في التصفيات الجسدية للقادة المؤسسين له، بذريعة خروجهم على الخط الأوجالاني والنهج الثوري لحزب العمال الكوردستاني، ومنهم قائدان كبيران فقدا حياتهما على أيدي رفاقهما، هما كمال شاهين والجنرال أنور حفتارو، وكذلك حسين محمود عباس وكاميران محمد بن حمزة، الذين كان بامكانهم المساهمة الكبيرة في بناء الحزب وتقويته في وجه الإرهاب الأسدي. وتعرض الحزب الناشئ (حزب الاتحاد الديموقراطي) لانشقاقات بسبب تلك المشاكل التنظيمية والفكرية ومحاولات اغتيال بعض الكوادر الآخرين، ومن بينهم الكاتب الشهير نديم يوسف
– كان نضال حزب العمال الكوردستاني في سوريا علنياً للغاية سابقاً، على مرأى ومسمع الأجهزة الاستخباراتية السورية ومرتزقة حزب البعث، وانضم إليه مع الحشد الكبير للشباب الكوردي الراغب في الانضمام للثورة المسلحة عدد لايستهان به من أزلام النظام وعملائه، الذين أصبح من الصعب لحزب الاتحاد الديموقراطي الناشئ طردهم بسرعة من بين صفوفه، لقدرة هؤلاء على التأقلم مع المتغيرات وتحريكهم أو توجيههم بشكل جيد من قبل رؤسائهم من النظام الأسدي
ولكن حزب الاتحاد الديموقراطي هذا قد تغير مع مرور الزمن، حتى صار ينهج نهجاً مختلفاً عما مارسه من تحدٍ للنظام، فإذا بالعلاقات بينه وبين النظام تعود لمجراها القديم، في ظل القيادة الأوجلانية، وشرع يتمتع بحرية أكبر، فيفتح المدارس الكوردية على مرأى من أعين النظام المحدقة بكل شيء، والذي كان يحارب اللغة الكوردية على الدوام، ويؤسس التنظيمات الاجتماعية بحرية، بل ويقوم بتأسيس “مجلس شعب” كوردي تحت اشراف “منظومة غرب كوردستان” بحرية أيضاً، وينظم المظاهرات المتتالية المطالبة بالافراج عن زعيمه المعتقل في سجن “عمرانلي” التركي، في كبرى المدن السورية، ويعود الرئيس الحالي للحزب، السيد صالح مسلم، الذي كان ملاحقاً ومطلوباً في سوريا، من جبل “قنديل” إلى البلاد، وينضم إلى “هيئة التنسيق الوطني” في “المعارضة السورية”، التي يرفع المتظاهرون السوريون لافتات تقول بأن هذه الهيئة خادمة للنظام وهي لاتمثلهم، وعندما يسأل السيد المحترم صالح مسلم من قبل وكلة آكي الاخبارية عن سبب عدم اعتقاله فيرد بأن سوريا ستحترق فيما إذا حاول النظام القاء القبض على رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي، وينتقل تحت أعين النظام إلى القاهرة ليطالب هناك ب”اسقاط النظام بكل مرتكزاته ورموزه!”… وكأن نظام الاسد أصبح ديموقراطياً لدرجة يحسد عليها في أوروبا العريقة في الديموقراطية… وهذه ليست قصة خيالية، بل حقائق تاريخية
فلنقرأ ما تم نشره من قبل هؤلاء الكتاب الأنصار لحزب الاتحاد الديموقراطي وليقم كل قارىء بنفسه بتقييم هذه المواقف وشرحها حسب قناعاته، فلربما يكون هؤلاء على حق، ونحن المعارضون لمثل هذه السياسة على باطل، إذ لايعقل أن يكون الاتجاه وعكسه صحيحان في الوقت ذاته
يقول السيد صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي، لجريدة روناهي
“بعد أن فشلت بعض القوى من تمرير قرارها من مجلس الأمن لتمهيد الأجواء للتدخل الخارجي لجأت إلى الجامعة العربية بهدف رفع الأزمة السورية إلى مجلس الأمن مرة أخرى عن طريق الجامعة، أي اللجوء إلى الجامعة لرفع العتب أو جعلها وسيلة لتدويل الأزمة السورية. وهنا نحن دخلنا على الخط وقمنا باتصالات مكثفة من أجل تمسك الجامعة العربية بقرارها وتحويله إلى مبادرة عربية. ولهذه الغاية التقينا بالسيد أمين عام الجامعة العربية ومساعديه، وبوزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، ثم بولي العهد القطري وبكثير من الشخصيات والأطراف حتى أفلحنا في ذلك. وهكذا استولدنا المبادرة العربية وإرسال المراقبين
فبماذا نفعت هذه المبادرة العربية الشعب السوري يا سيد مسلم؟ هل أوقفت المذابح اليومية ضده؟ هل أقنعت النظام بأنه على خطأ ويمارس الاجرام والارهاب بحق شعبه؟ وهل كان دخول حزبكم (الاتحاد الديموقراطي) على الخط لمنع أي مبادرة دولية لصالح الشعب السوري أم لصالح النظام؟ ألم تعد هئيتكم التنسيقية بخفي حنين من القاهرة؟ واستغل النظام تلك الفترة التي أمضيتموها في الحوارات التي لاطائل تحتها لقتل المزيد من السوريين؟
ويقول السيد مسلم في نهاية لقائه مايلي مع جريدة روناهي
“لقد كان هناك دستور في السابق أيضاً ولكن لم يتم الالتزام به، ولو تم الالتزام به لما وصلت سوريا إلى هذه الحال”
أليس هذا بدفاعٍ مكشوف عن دستور النظام الأسدي الذي هو أحد أسباب شقاء الشعب السوري وتصفية المعارضة الديموقراطية واضطهاد الشعب الكوردي؟
(أنظر/:  اتفقنا على اسقاط النظام القائم بكل مرتكزاته ورموزه لصالح اقامة نظام ديمقراطي تعددي برلماني تداولي  16.01.2012
أما السيد حسين كوجر فإنه يعتبر حزب الاتحاد الديموقراطي بصراحة وشجاعة “درعاً لسوريا لافشال التآمر الخارجي” ويتم نشر رأيه في الموقع الرسمي للحزب أيضاً
” فعلاً سوريا محظوظة لوجود حزب الاتحاد الديمقراطي حيث اصبح هذا الحزب درعاً لسوريا لافشال التأمر الخارجي من جانب وتطوير السياسة الديمقراطية السلمية والتعايش المشترك في الداخل لان هذا الحزب يمتلك الحلول استناداً على نظرية اوجلان وهذا ما يفتقر إلية الآخرون ، يضاف إليه دور رئيس الحزب والذي كثف في الفترة الاولى اجتماعاته في المناطق الكردية لافشال المؤامرة من جانب وتسيير السياسية الديمقراطية من جانب آخر ولعب رئيس حزبنا دوراً فعالاً في هيئة التنسيق الوطنية للمعارضة في الداخل ، وضمن هيئة التنسيق ساهموا في إفشال السيناريوهات الخطيرة التي كانت تسيَر من جانب المجلس الوطني الاسطنبولي
(أنظر/: حسين كوجر: دور حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د في الثورة السورية والثورة الكردية في غربي كردستان منذ بداية الانتفاضة في هذا الوطن
وفي تقييمات الكادر المتقدم آلدار خليل عضو منسقية حركة المجتمع الديموقراطي في غرب كوردستان لبانوراما عام 2011 مع وكالة فرات للأنباءن بمناسبة قدوم العام الجديد، نقرأ التالي
“ان القوى التي تدعي بأنها معارضة خارجية قامت برمي نفسها في أحضان الدولة التركية و طالبت وناشدت القوى الخارجية الأجنبية بالمداخلة في سوريا أي أنها في الأساس قامت ببيع الشعب السوري تحت اسم التخلص من النظام البعثي، وعند رؤية هذه المعارضة بان الشعب السوري بحركته الاجتماعية والسياسية والمعارضة الداخلية لم تقبل به ورأت بأنها غير قادرة للوصول إلى مبتغاها فإنها ألقت بخطواتها للوراء و تراجعت مدركة بان مواقفهم هذه سببت في ابتعاد الشعب عنهم

ولكن ما تشهده الساحة السورية من مظاهرات يومية يثبت لنا بأن لا أحد سوى أنصار وأزلام النظام متفق مع السيد آلدار خليل في اتهام “المعارضة الخارجية!” السورية ببيعها الشعب السوري، والشعب السوري بحركته الاجتماعية والسياسية يطالب بالتدخل الدولي في سوريا، ويلوم المعارضة على تقصيرها في طلب العون الدولي، فلماذا يحاول حزب الاتحاد الديموقراطي تسويق مواقفٍ ليس عليها الشعب السوري، تجاه معارضته الداخلية أو الخارجية؟ من يخدم هذا الكلام؟ النظام أم الشعب الثائر للتخلص منه حتى ولو بالقوة؟

(أنظر/: آلدار خليل” عضو منسقية حركة المجتمع الديمقراطي في غرب كردستان على الأحداث والتطوّرات التي شهدتها المنطقة وغرب كردستان، إضافة إلى مشاريع الحركة في العام الجديد وذلك في لقاء له مع وكالة فرات للأبناء، بمناسبة انتهاء عام 2011 وقدوم العام الجديد

وكتب عملاق صحافة حزب الاتحاد الديموقراطي السيد طارق حمو في 18.12.2011 مايلي
“علينا أن نحيي خطوة بناء المراكز والمدارس الكردية في كل مكان. أما من ينتقد ذلك وينصحنا بالانتظار “لحين انتصار الثورة السورية” و”هزيمة الجيش السوري على أيدي جنود الجيش السوري الحر” بعد تفضل تركيا بتشكيل منطقة عازلة طبعا، فليحتفظ بنصائحه لنفسه. هذا النمط من الناس وهؤلاء الجماعة لايفهمون من السياسة شيئا ومن الغباء تسليمهم مصير الشعب الكردي ومنحهم الثقة. هم ليسوا اهلا للقيادة. ربما هم اصلا لاينشدون ذلك ويكتفون ببعض المديح من السادة في (المجلس الوطني السوري)، وبعض “الطبطة” على الظهر من تنظيم الاخوان المسلمين العميل لتركيا
وهذا ما كتبه عن المجلس الوطني السوري هذا العملاق المفترض فيه أن يكون قلمه سيفاً لاعوجاج سياسة حزبه، بل الركض وراء كل من يتولى قيادته، بعد اتهام الآخرين غير المتفقين معه على آرائه بالغباء:”أوراق المجلس ذرتها الرياح. تركيا رفضت انشاء المنـطقة العازلة، وأميركا وأوروبا وجامعة الدول العربية لم يعترفوا بالمجلس ممثلا عن الشعب السوري. الوريقات التي رفعها بعض المتظـاهرين أمام عدسات محطة “الجزيرة” حول “تمثيل المجلس للثورة السورية” لم تأت أوكلها اذن، والغريب ان لائحة المعترفين بالمجلس الوطني السوري الهمام لاتضم حتى الساعة سوى ثلاثة جهات وهي: الجماعة الاسلامية في باكستان (المتعاطفة مع تنظيم القاعدة!) والمجلس الانتقالي الليبي ( تباع عبد القادر بلحاج، ماغيرو!!) ، وسماحة الشيخ يوسف القرضاوي…
   أنظر/:   تنويعات كردية على نغم الثورة السورية

 العجيب هنا أن الأستاذ طارق حمو الذي جعل من نفسه “محارباً” ضد كل ما يتعلق بالإسلام، يحاول تقزيم حجم التأييد العالمي للثورة السورية واعتراف العديد من الدول والقوى الهامة بالمجلس الوطني السوري، واستغرب كيف لايضم اسماء الإسلامي بان كي مون، والإسلامي سمير جعجع، والإسلاميين في برلمان الاتحاد الأوروبي، ورئيس وزراء الإرهاب البريطاني وكذلك الإسلامي الكبير باراك حسين أوباما، والإسلامي الشهير وزير الدفاع الاسرائيلي إلى مؤيدي الثورة السورية والمجلس الوطني السوري لأنهم جميعاً باركوا عمل هذا المجلس، وأبدوا مواقف إيجابية كمواقف غيرهم تجاه الثورة السورية
من ناحية أخرى، ليس في المعارضة السورية، الداخلية والخارجية، من يتهم الإخوان المسلمين أو أي فصيل سوري آخر بالعمالة لتركيا، سوى الأستاذ طارق حمو الذي له مآرب مكشوفة في ذلك، وبعض الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى مناصب أو مكاسب ضمن إطار المجلس الوطني السوري، الذي لن يقبل أحد بانتهاجه سياسات موالية لتركيا أو غيرها، فالسوريون يريدونها ثورةً لهم ومن أجلهم، لا من أجل تحقيق بعض المكاسب الحزبية لهذا الفصيل أو ذاك أو أن تصبح الثورة بتضحايتها العظيمة في خدمة مصالح دول اقليمية أو دولية
أقول هذا، وأنا غير منتسبٍ لأي من أطر المعارضة السورية، سوى المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا، المعروف بمواقفه الثابتة حيال الثورة السورية، وحيال تحالفات المعارضة السورية برمتها
لذا، آمل أن نسلك جميعاً سلوكاً أرق إنسانيةً وأقرب إلى الديموقراطية حقاً، بين المثقفين والناشطين الكورد، وبخاصة أولئك الذين تحمل أحزابهم ومجالسهم شعارات ديموقراطية ولها مناهج تتبنى الديموقراطية، ومنها حزب الاتحاد الديموقراطي الذي نأمل منه إنخراطاً أقوى في الثورة السورية لصالح حرية الشعب السوري عموماً والجزء الكوردي منه خصوصاً

اعداء الشعب السوري هم الأخسرون

جان كورد، ‏10 ‏ كانون الثاني‏، 2012

ليس في السياسة عداوات أو صداقات، وإنما هناك مصالح فقط، ولكن العقلاء في كل مكان يدركون جيداً أن هناك عداوات و صداقات لاتذبل، بين الشعوب خاصةً، رغم اختلاف الأزمنة وتغير رياح المصالح المادية أو السياسية، وهي تؤثر بعمق في وعي الشعوب لأجيال وأجيال، ولايمكن لأي سياسي ناجح أو اقتصادي باهر اهمالها لدى قيامه بمهامه المنوطة به من قبل قيادة بلاده. والأذكياء هم الذين يسارعون إلى تقديم الاعتذار للشعوب الأخرى، عما بدر من أسلافهم تجاهها من إجرام. وهنا نتذكر موقف المستشار الألماني الأسبق، الزعيم الاشتراكي – الديموقراطي الشهير، ويلي براندت، حين خر على ركبتيه، أمام قبر الجندي المجهول في وارسو، معتذراً للشعب البولوني عما لحق به على أيدي النازيين الألمان من أذى أثناء الحرب العالمية الثانية، فأزاح بذلك ستاراً أسوداً كان قد أسدل على العلاقات الألمانية – البولونية، إلا أن الجرح التاريخي ذاك لن يندمل، رغم اختفاء الحدود بين البلدين وشراكتهما ضمن الاتحاد الأوروبي الواسع
وهناك أمثلة عديدة شبيهة في التاريخ، بين الأتراك والبلغار، بين اليابانيين والصينيين، بين الأمريكان والفييتناميين، بين الاسرائيليين والعرب، بين الانجليز والفرنسيين وسائر مستعمراتهم في آسيا وأفريقيا، بين الأتراك والأرمن، وبين الكورد وأعدائهم الذين سفكوا الدم الكوردي في العديد من المجازر البشعة في تاريخ صراعهم الطويل من أجل الحرية
والشعب السوري، الذي يتعرض اليوم إلى أشرس حملة إرهابية في تاريخه الحديث، تذكرنا بأيام هلاكو وتيمورلنك والغزاة الصليبيين، لايمكن أن ينسى أبداً هذه المواقف النكراء المؤيدة لروسيا والصين وايران تجاه النظام الاسدي في سوريا، رغم إيغاله في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية. ولن ينسى أيضاً توالي الشحنات الضخمة من الأسلحة الروسية والأموال الايرانية التي تصل إلى أيدي النظام الارهابي للاستمرار في تقتيله أبناء وبنات السوريين، وبخاصة أولئك المدنيين الذين يمارسون حقهم المشروع في التظاهر السلمي والمطالبة بتغيير نظامهم السياسي الفاسد هذا… كما لن ينسى الحملات المسعورة لزعيم حزب الله الشيعي في لبنان، هذا الذي أثبت للعالم كله، بما ينشره من كلامٍ تافه وما يمارسه من سياسة حمقاء، أنه لايتخلى عن الطاغوت الاسدي، على الرغم من مزاعمه بأنه مع ثورات الربيع العربي ومع حق الشعوب المضطهدة والمظلومة
الشعب السوري لاتهمه المصالح المادية التي قد يجنيها من خلال علاقاته بهذه الدولة أو بتلك، وإنما تهمه حريته ووقف سفك الدماء البريئة لمواطني بلاده المنكوبة اليوم. كما أنه لاينخدع بالمزاعم التي يطلقها الروس أو الحزب الشيعي في ايران ولبنان عن “ضرورة الحوار” مع أعتى المجرمين المستبدين به، وإنما يكتب هذا الشعب في دفتر الذكريات أسماء من خذله في أصعب أيام تاريخه، من دولٍ وأحزابٍ وشخصياتٍ، أياً كانت جنسياتها وكيفما كانت مزاعمها وذرائعها… ولابد لهذا الليل الطويل أن ينجلي، وعندها سيكتشف الذين وقفوا موقف العداء له أنهم هم الأخسرون في تجارتهم، وسيدفعون الثمن باهظاً بأن لايرد الشعب السوري على توسلاتهم بعقد علاقاتهم مع نظامه الجديد، الحر، الذي سيقوم على أشلاء الدكتاتورية، مثلما قامت أنظمة ديموقراطية في مختلف أنحاء العالم، بعد التخلص من كثير من الأنظمة والدكتاتوريات، عنصرية كانت أو استعمارية، نازية أو فاشية، شيوعية أو عسكرية… وكان آخرها سقوط أنظمة عربية في شمال أفريقيا كانت لها علاقات أوسع من علاقات النظام الاسدي في العالم
نعم، أعداء الشعب السوري هم الأخسرون، وإن غداً لناظره قريب

لا تسمحوا لأحد أن يهمل قضيتنا المركزية اليوم

جان كورد، ‏14 ‏ كانون الثاني‏، 2012

في ندوة ببرلين الألمانية قبيل نهاية السنة الماضية، استغرب الحقوقي السوري الشهير، الأستاذ هيثم المالح، طرح القضية الكوردية في هذا الوقت الذي برأيه للسوريين جميعاً ذات المشكلة الأساسية، ألا وهي إزالة النظام الأسدي، كما أن زميله في الندوة الشيخ بعدراني قال بأن الكورد حكموا السوريين لمدة خمسين سنة (وقصده كان حكم الشيخ كفتارو مفتي الجمهورية “العربية” السورية سابقاً، والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، المتبرىء من قومه الكوردي في تصريح شهير له)، فإن دل هذا على شيء، فإنما يدل على  ضحالة سياسية لدى بعض رجال سوريا المستقبل، أو أنهم يتهربون من حقيقة أن إحدى أهم القضايا التي يجب حلها والاهتمام بها في سوريا، هي قضية ثاني مكونٍ ديموغرافي في البلاد، تم إهمالها والتجني على أصحابها خلال عقودٍ طويلة مظلمة، في أشنع صور الشوفينية والاقصاء والتمييز القومي. فإذا كان حقوقي كبير تعقد عليه آمال كثيرٍ من السوريين بهذه الضحالة السياسية، وإذا كان شيخ جليل لا يفرق بين حكم شعبٍ لنفسه وبين حكم مفتي للجمهورية لا وظيفة له سوى تبرير كل موبقات نظامٍ لا مثيل له في الاجرام شرعاً، ولا مثيل له في انكار حقوق الشعوب، فعلى المعارضة السورية السلام
قد يكون من الظلم اعتبار المعارضة السورية من هذه القياسات أردأ من النظام القمعي المجرم، ولكن بالتأكيد سيسأل المواطن الكوردي السوري نفسه:”لماذا أقطاب المعارضة بالذات يهملون قضيتي المركزية، واحداً بعد الآخر؟”… ومن قبل خلط العالم الاجتماعي السياسي الكبير، الدكتور برهان غليون، وهو رئيس المجلس الوطني السوري، الساعي لبناء دولة الحقوق والحريات والديموقراطية، بين وضع الكورد في سوريا وبين وضع اللاجئين العرب والأفارقة في فرنسا… ومن ثم عاد ليعتذر للشعب الكوردي
يبدو للبعض من إخوتنا وزملائنا وأساتذتنا العرب في المعارضة وكأن المطالبة الكوردية بضرورة التأكيد على إيجاد حل ديموقراطي وعادل، للقضية الوطنية الكوردية، حسب القانون الدولي، إنحراف عن مسار الثورة السورية، أو انكفاء للكورد عن المساهمة فيها، وهذا فيه ظلم وجور وعدم شعور تجاه عشرات المظاهرات الضخمة في المناطق الكوردية والعدد الكبير من الضحايا التي قدمها الكورد للثورة السورية. إذ ليس هناك كوردي وطني لم يعلن قولاً أو كتابةً أو مساهمةً عملية عن مشاركته في هذه الثورة أو مساهمته في دعمها وتأييدها والدعوة لها، فلماذا هذا التجني على الكورد؟ إن لم تكن هناك نية سيئة لدى بعض أقطاب المعارضة السورية، وأقصد أولئك الذين لا يهمهم شيء سوى الوصول إلى المناصب العليا في الدولة، ومنهم مع الأسف بعض أكرادنا أيضاً
وحيث أن النضال في سبيل انتزاع الحق القومي العادل للشعب الكوردي قضية مركزية  لكل الحراك السياسي – الثقافي الكوردي، في داخل البلاد السورية وخارجها، وهي جزء أساسي من قضية الثورة السورية في نظر الشعب الكوردي، الذي قام ويقوم بواجبه الوطني باستمرار، سواءً في الدفاع عن الوطن المشترك، أو في الكفاح من أجل سوريا تشرق عليها شمس الحرية من جديد وتصان فيها حقوق الإنسان ويتم تداول السلطة فيها ديموقراطياً، فإن الفصل بين قضيتنا القومية المركزية وبين قضية الحرية لكل السوريين فصل آخر من فصول التسويف العنصري تجاه الاعتراف بشرعية مطالب شعبنا المضطهد، على سائر فصائل الحراك السياسي – الثقافي الكوردي رفضه وفضحه والابتعاد عن الذين يمارسونه باسم المعارضة السورية، أياً كانوا
ولكن هذا الموقف السليم، أي الربط التام بين القضية المركزية والأساسية لشعبنا الكوردي وبين استمرارية الثورة السورية الكبرى، وضرورة المساهمة الكوردية الفعلية والعملية فيها، لايعني بأي حالٍ من الأحوال فك الارتباط بين المعارضتين الكوردية وغير الكوردية، لا اليوم ولا مستقبلاً، فنحن الكورد عماد من أعمدة هذه الثورة، ومكون أساسي من مكونات الشعب السوري، وعلينا تقع مسؤولية وطنية تجاه الوطن المشترك، ومسؤولية إنسانية تجاه الشعب السوري الذي يتعرض إلى أشرس أشكال العدوان من قبل نظام المافيا الأسدية المستبدة به، ونحن جميعاً نعلم حكاية (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)… فلن ننخدع بالأساطير التي تقول بأن النظام والمعارضة وجهان لعملة واحدة!
وإنني متفائل حقاً بمزيدٍ من التلاحم البناء والحقيقي بين الحركة السياسية الكوردية وبين المعارضة السورية الديموقراطية، وبخاصة بعد استقبال الأخ الرئيس مسعود البارزاني وفد المجلس الوطني السوري، برئاسة الدكتور برهان غليون، في عاصمة اقليم كوردستان العراق، حيث للسيد البارزاني ومن ورائه الرئيس العراقي مام جلال طالباني، دور هام في ترتيب البيت الكوردي السوري أيضاً، وهذا سيعطي مردوداً إيجابياً – بإذن الله – لما فيه خير الشعب السوري عامة، والشعب الكوردي في سوريا خاصة

لم يعد “خطاب” الخداع ينطلي على أحد

تعقيب على ما قاله اليوم قذافي دمشق

جان كورد، ‏10 ‏ كانون الثاني‏، 2012

هذا العنوان بعضٌ مما قاله الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنني وضعت فيه كلمة “الخطاب” ليبدو أشد وضوحاً في رأيي وحسب قناعتي. وأقول “الرئيس السوري” لأ نه لايزال مصراً على كونه “منتخب حسب رغبة الشعب السوري!”، والشعب يهتف تحت قصره العتيد كل يوم “الشعب يريد إعدام الرئيس” أو باللهجة الشعبية السورية الصارخة “إنقلع
هذا الخطاب لم يكن للشعب، الذي انطلق مباشرةً ليهتف في الشوارع بسقوطه وليعلن عدم اقتناعه بهذا الكلام المعسول وليؤكد على أنه زاحفٌ لاخراجه اليوم أو غداً من قلعته الحصينة التي تشبه قلاع الملوك المكروهين في التاريخ، ولكن كان الخطاب للبطانة المجرمة والأتباع المذعورين والإعلاميين المرتزقة…بمعنى أنه كان خطاباً لرئيس نظام مترنح لمن حوله من الذين لايزالون يخافون التخلي عنه، إما لكثرة ما أراقوه من الدماء البريئة وما نهبوه من أموال الشعب، وإما خوفاً من العقاب الصارم الذي قد يتعرضون له فيما إذا لاذوا بالفرار وتم إلقاء القبض عليهم أو فيما إذا وقعت عوائلهم في أيدي زبانية الرئيس التي لاتتوانى عن تعذيب وتقتيل الأطفال والناس واغتصابهم
لقد أثبت الرئيس السوري بخطابه هذا عدم قدرته على انهاء محنته الخانقة، فراح يعد ويتوعد بانهائها مستقبلاً، عن طريق سفك مزيدٍ من الدماء. لقد بدا وكأنه لايريد أن يرى أو يسمع ما يجري في سوريا منذ ما يقارب العام أو دونه، ولكنه يؤكد على حضوره ومساهمته وقيادته لما يقوم به نظامه الدموي، وهذا اعتراف صريح بأنه يتحمل المسؤولية الكبرى في قتل الآلاف من المواطنين السوريين، وتعذيب واعتقال عشرات الألوف منهم وتدمير الأحياء السكنية ونهب الأموال الخاصة والعامة، وكل الجرائم الأخرى التي تعتبرها منظمات حقوق الإنسان العالمية جرائم ضد الإنسانية في تقاريرها عن سوريا. وهذا الاعتراف سيكون بمثابة صك لتعزيز الاتهام ضده في المحكمة الجنائية الدولية عن قريب
قال الأسد بأنه لن يتخلى عن السلطة لمعارضيه، وقال بأن هناك العديد من الدول ووسائل الإعلام والمواقع الالكترونية التي تنشر ضد نظامه وضده شخصياً، ولكنه لم يقل لماذا، وما الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الحرب الإعلامية، سوى أنه مؤمن ب”نظرية المؤامرة” التي كان شبيهه القذافي في ليبيا مؤمناً بها. لا تخلي عن السلطة ولا مجال للاعلام العربي والدولي للبحث عن الحقائق على الأرض في بلاده، إضافة إلى استمراره في سياسة البطش بذريعة أنه يحارب “الإرهاب”…فهل هناك أتعس من هكذا مواقف في عالمنا الذي صار قرية إعلامية كبيرة؟ فلو سمح للإعلام المستقل دخول البلاد والتجوال فيها بحرية لوقع بعض هؤلاء الإعلاميين في أيدي “الإرهابيين!” وكان بامكانه اقناع العالم الخارجي والشعب السوري بصحة مزاعمه عن تواجد الارهابيين، إلا أنه على علمٍ تام بأن العمليتين الارهابيتين الكبيرتين في سوريا كانتا من نسج وتخطيط وتنفيذ أجهزته الأمنية. ولو أبدى استعداده للتخلي عن الحكم، “حسب رغبة الشعب!” لضرب المعارضة السورية ضربة قوية، إلا أنه مذعورٌ كما يبدو حتى من الحلم باتخاذ هكذا موقف جريء، ولذلك أكد على استمرار حكمه، رغم الدماء المسفوكة، وبذلك يضع نفسه بنفسه في قفص الاتهام للمحكمة التي ستسأله عن سبب عدم تخليه عن السلطة إن لم يكن مسؤولاً عن كل هذه الجرائم ضد الإنسانية هاجم الأسد الدول العربية أو أكثرها واتهمها بأنها لاتريد الخير لسوريا، وزعم بأن بلاده تعرف الحياة البرلمانية منذ أمدٍ طويل. وقد أخطأ في هاتين النقطتين أيضاً، إذ أن كل السوريين يتهمون الدول العربية بمساندة النظام السوري ويمنحونه الفرص المتتالية للقضاء على المعارضة الشعبية في بلاده، فلو كان يجيد هذا الرئيس السياسة لاتخذ موقفاً آخر من كل الدول العربية بهدف كسبها كلها إلى جانبه، ولما ترك حبل الشتائم والسباب في إعلامه التافه على الغارب مفسحاً المجال لبعض الزعامات العربية إلى اتخاذ مواقف أشد نقداً له ولنظامه… وأما ما زعمه عن الحياة البرلمانية الديموقراطية في سوريا فلا أعتقد أن طالب مدرسة ابتدائية سيقتنع بديموقراطية الأسد أو برلمانية نظامه أو بعدم تبعية “مجلس القرب!” لأجهزته الأمنية كما يتبع الذنب صاحبه. ونقول “القرب” لأن أعضاءه المنتفخون كالقرب لايملكون حق اتخاذ أي قرار، ديموقراطياً كان أو غير ديموقراطي، وهم ليسوا هناك إلا لتمرير سياسات وقوانين النظام الذي لايعترف بأدنى مستوىً من مستويات الديموقراطية الأسد لايزال يبحث عن “معارضة” ترضى به رئيساً ومحاوراً ومقرراً لسياسات البلاد، وهو يدرك تماماً أن أي معارض يقترب من الأسد ونظامه، إنما يحفر حفرة موته سياسياً، ولذلك يمكن القول بأن الأسد بات معزولاً تماماً بعد هذا الخطاب أو من قبله، شعبياً وعربياً ودولياً، وهكذا رئيس، مهما كان نظامه دموياً، على طريقه للرحيل… أو التقليع
فهل يدرك ذلك أم أنه لايريد أن يرى ويسمع؟
ألا يجدر بنا تسميته بعد هذا الخطاب ب”قذافي سوريا”؟

الشعب السوري بين الثورة وذبول الربيع العربي

 جان كورد، ‏09‏ كانون الثاني‏، 2012

ظهر مفهوم “الثورة” في القرن الخامس عشر، في علم الفلك أولاً، للتعبير عن دوران الأجسام السماوية، من خلال استخدام لفظة “ريفولتسيو” من اللاتينية المتأخرة، التي تعني (الإرجاع نحو الخلف أو التدوير)، ومع مرور الزمن تم استخدام المصطلح بمعنى “التغير، التحول الفجائي، والتجديد”، ومنذ القرن الثامن عشر على شكل التغيير السياسي المصحوب باستخدام القوة في أغلب الأحيان، من خلال التأثر الشديد بالثورة الفرنسية على الملكية، و”الثورة” تختلف تماماً عن “التطور” الذي رأيناه مستخدماً بقوة لدى “داروين”… واتخذت “الثورة” لدى الشيوعيين معنى أوسع يشمل التغيير الاجتماعي الجذري لمجمل النظام السياسي – الثقافي – الاجتماعي – الاقتصادي… وبخاصة منذ نجاح الثورة البولشفية على القيصرية الروسية العريقة في أوكتوبر 1917م، كما تختلف  “الثورة” تماماً عن “الانتقالية السياسية”، حيث يتخلى نظام سياسي أو زعيم ما عن سلطته على مراحل، دون المساس الجذري ببنية نظامه وأركانه، وهذه الانتقالية – مع الأسف – هي التي وردت في الاتفاق الفاشل بين مكونين بارزين من مكونات المعارضة السورية، في أواخر العام الماضي، وهما المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطني، وفهمها الشعب السوري ك”خيانة” لثورته، إلا أن رئاسة المجلس الوطني شعرت بخطئها التاريخي ذاك، فسعت بشتى الحيل الديبلوماسية لتدارك الأمر وللتملص من ذلك الاتفاق القصير المدى، إلا أنه ظل محاولة يائسة لتحريف الثورة السورية عن المسار الذي بدأه الربيع العربي من تونس، وهدفه الأكبر هو الاطاحة بالنظم اللاديموقراطية واقامة سلطة الشعب على أنقاض الدكتاتوريات المستبدة منذ عقودٍ طويلة برقاب الشعوب في المنطقة، واحداث التحولات الضرورية لبناء مجتمعات قادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وصون حقوق الإنسان والتوزيع العادل للثروات الوطنية وتأمين الحريات السياسية والشخصية لكل المواطنين، أي تحقيق ذات المبادىء الكبرى للثورة الفرنسية التي تعتبر “أم الثورات” الحقيقة للبشرية منذ القرن الثامن عشر.
ومن فصائل الثورة السورية، كما في الثورات الأخرى التي سبقتها، من يعمل على انتزاع السلطة من النظام والشعب معاً وتسليمها للشرع الرباني، ولكن هذا يحتمل أيضاً مخاطر سيطرة بعض من يعتبرون أنفسهم “ممثلين” أو “خلفاء” لله في الأرض، فيرفضون التمثل لرأي الشعب وقراره، لرفضهم الديموقراطية أساساً واعتبارهم الإذعان لرأي الشعب كفراً وإلحاداً، فيصبون الماء في طاحونة الدكتاتورية عن علمٍ أو عن جهل، ويستغلون نفوذهم الديني ليجروا سوريا “الثورة” إلى ذات المصير الذي أدخل الخمينيون فيه ثورة الشعوب الايرانية العظيمة على الشاه، وجعلوا من “الثورة” طاغوتاً إكليروسياً لامثيل له بين النظم الارهابية في العالم
الشعب السوري في حالة ثورة عارمة، وعسى أن تبقى هكذا “سلمية”، وأن لا تنجر إلى مخططات النظام الذي يريد تأجيج الأوضاع للشروع في “حرب طائفية”، وهذه الثورة تريد تغييراً شاملاً لدستور البلاد وتركيبة النظام الحاكمة وتوزيع عادل لثروات البلاد وتحرير مختلف المكونات السورية، الدينية والاثنية، من سياسات الاقصاء والاهمال والاضطهاد. والثورة في الشارع السوري ماضية في طريقها، رغم كل المحاولات السخيفة لتصويرها على أنها “تحريك أجنبي” أو “قلاقل غير هادفة” أو أنها “تمهيد” لوصول السلفيين للحكم… ويشارك النظام في تركيب هذه التلفيقات ونشرها إعلامياً بعض من يعتبرون أنفسهم – مع الأسف –  من المعارضة السورية، وهم ليسوا إلا جنوداً ومرتزقة وطابور خامس للنظام الأسدي المترنح… ولكن لاثورة دون الحفاظ على مقوماتها الأساسية المتمثلة بتحقيق الأهداف الاجتماعية التي تضحي من أجلها بلوغها الجماهير الشعبية بفلذات أكبادها من الشباب والأطفال والجنود المنشقين عن النظام الارهابي، وبخاصة فإن الربيع العربي بدأ يذبل، ولم يتقدم إلى ساحات أخرى، كما أنه يعاني من انتكاسات في شمال أفريقيا، واجهاض في اليمن وتراجعات في الأردن والمغرب وسواهما الشعب السوري، الذي يشعر بأنه وحيد في مواجهة وحشية النظام المتفاقمة ومؤامرة النظم العربية من خلال الجامعة العربية على ثورته، كما يعاني من انشقاقات بينة في معارضته، يدرك أن التراجع عن مسيرته الثورية هذه يعني تعريض نفسه لمزيد من الاجرام والارهاب، علي أيدي زبانية الأسد، كما يدرك أن خوض المعارك الجانبية الآن بين صفوف أبنائه ومكوناته المختلفة يؤدي إلى عرقلة تقدمه على طريق كفاحه النبيل، لذا فإن على المعارضة السورية مساعدة هذا الشعب بأن تقوم هي بما يطلبه الشعب منها، وهي باعتقادي
– التوجه للمجتمع الدولي بهدف تدويل القضية السورية ونيل دعم العالم الحر الديموقراطي، بعد أن تبين نفاق النظام العربي السياسي في معظم مفاصله وعدم تلبية مطالب الشعب السوري الأساسية من قبل الجامعة العربية ومحاولتها إظهار عنف النظام كعنف بعض المجموعات الصغيرة التي يئست من هذه الأوضاع، ومماطلتها بهدف منح النظام فرصة أطول للتخلص من المعارضة الشعبية
– توحيد صفوفها من خلال مؤتمر أشمل لمختلف مكوناتها وبخاصة الكتل الشبابية منها، ودعوة ضيوف عرب وغير عرب إلى هذا المؤتمر ليساهموا في تعزيز الوحدة الحقيقية للمعارضة السورية العاملة حقاً على دحر النظام ووقف مسلسل جرائمه ضد الإنسانية والساعية لاسقاط الأسد وسلطة زبانيته قبل كل شيء آخر
– التأكيد التام من خلال البيانات والاتفاقات والنشريات باستمرار على صون حقوق سائر المكونات السورية والأقليات القومية والدينية، وفي مقدمتها التأكيد على الاعتراف التام بممارسة الشعب الكوردي لحقه في تقرير مصيره ضمن وحدة الوطن السوري، وحقوق المرأة السورية، وتجريم القتلة الذين يريقون دماء هذا الشعب وتحرير المعتقلين والنضال من أجل سوريا حديثة تتسع للجميع دون استثناء. ورفض أي شكلٍ من أشكال الحوار أو غير المباشر مع النظام لايتضمن اسقاط هذه المجموعة الآثمة التي قضت حتى الآن على آلاف السوريين دون وجه حق
-السعي باستمرار لشرح أهداف الثورة السورية على أساس أنها ثورة من أجل كرامة الإنسان ولقمة عيشه الكريمة، وليس مجرد تبديل عصابة ناهبة بعصابة ناهبة أخرى، وهذا يعني التأكيد على مختلف مستويات عمل المعارضة بأن لا إنجاز للثورة الحقيقة دون تحقيق أهداف الشعب في العدالة الاجتماعية قبل أي هدفٍ آخر

المعارضة السورية بين اسقاط النظام واسقاط الثورة

جان كورد، ‏05‏ كانون الثاني‏، 2012

يعلم القاصي والداني بأن في سوريا فصائل معارضة مختلفة في المبادىء ومتفاوتة من حيث الشدة في مواقفها المناوئة للنظام، ومن الطبيعي أن تبقى الفوارق موجودة وتستمر تلاوين اللوحة السورية هذه بعد اسقاط نظام الأسد، وهذا دليل صحة سياسية وليس العكس. وستبقى هناك دائماً أصوات نشاز، تغرد على أطراف كل الأسراب ولها رؤى قد تكون صحيحة إلا أنها لا تؤثر بشكل فعال في مجمل المسيرة التي تتقاسمها التيارات الأساسية في المعارضة
هناك اختلاف ظاهر وواضح بين سياسات المجلس الوطني السوري، وهيئة التنسيق الوطني، وشريحة واسعة من المعارضين السوريين الآخرين، الذين لهم نظرات أخرى، في نواحٍ عديدة، كالموقف من موضوع “الجيش السوري الحر” مثلاً، ولكن في الوقت ذاته دوائر هذه السياسات متداخلة في مساحات واسعة، وليس بينها اختلاف في بعض النقاط الأساسية من الأهداف المعلنة لها. ويحاول النظام استغلال هذه الاختلافات وتسخيرها من خلال إعلامٍ تابع وكاذب من أجل إظهار المعارضة السورية وكأنها غير متفقة على التخلص منه، على الرغم من أن هذه النقطة بالذات مشتركة بين جميع فصائل الثورة السورية التي هي المانحة للشرعية لهذا الفصيل أو ذاك من فصائل المعارضة
يحاول النظام بشتى الحيل والخداع إظهار المعارضة الساعية لاسقاطه والعاملة لتأسيس نظام حديث في البلاد يتسم بالتعددية والانتخابية وتبادل السلطة سلمياً ويراعي حقوق الإنسان والمكونات المختلفة دينياُ واثنياً، وكأنها في معظمها معارضة دينية متطرفة يجد نفسه مضطراُ لممارسة شتى أصناف العنف الدموي تجاهها، لأنها عاملة – حسب مزاعمه – على استئصال مكونٍ يعتمد عليه النظام في الأساس، على الرغم من أن شرائح كبيرة من هذا المكون “العلوي” تتبرأ يوماً بعد يوم من صلفه وكبريائه ودمويته وتفرده بالحكم. وفي الحقيقة ليس لدى النظام من سلاحٍ آخر سوى ارتكاب جريمة “الارهاب” الدموية كما حدث يوم قدوم طلائع اللجنة العربية إلى دمشق، وكما جرى اليوم، عن طريق تفجيرات مجرمة كما في بغداد، على الرغم من أحداً في الرأي العام العالمي لايصدق بأن هناك فعلاً تنظيمات إرهابية متطرفة “دينياً” تمارس هذه الأفعال الشنيعة لتطيل من أمد نظامٍ معروف بأنه ضد الإسلام. والنظام لم يعد قادراً على زج الجيش السوري على مساحاتٍ واسعة، خشية الانشقاقات المتتالية في صفوف القوات المسلحة وقوات الأمن أيضاً
إذاً، فإن النظام في مأزق سياسي، وأزماته كبيرة، وثقته بجيشه وأمنه تضعف باستمرار، وإعلامه معروف بالكذب، فلا يصدقه أحد، وهو متنازل عن سيادة الدولة السورية لأن هناك لجان غير سورية تفتش وتراقب في مدن البلاد، رغماً عن أنفه، كما أنه عاجز عن تحرير جزء محتل من سوريا وهناك قاعدة أجنبية على سواحل سوريا، وهو ساكت عن جزء سليبٍ من الأرض السورية…إضافة إلى الرعب الذي تلقيه الجماهير في صدور أزلامه وهي تهتف كل يوم، مطالبة بإعدام الرئيس واسقاط النظام وبالحماية الدولية وإحداث المناطق الآمنة وتعلن بصراحة أنها مؤيدة للمجلس الوطني السوري رغم تخبطاته وداعمة للجيش السوري الحر رغم ضعفه وقاة امكاناته
هنا، لايحق لأحد من المعارضين السوريين التهاون أو التراجع أو التشكيك بما تراه الجماهير السورية حقاً وعدلاً ومطالبةً ضرورية، ورمانع من طرح الأفضل للمعارضة ككل أو تحسين الموجود أو تقديم الأنسب للثورة السورية، ولكن التحايل على الجماهير أو التأخر عن تلبية نداءاتها أو تمييع المرحلة أو القيام بمساومات من خلف ظهر الجماهير لايخدم مشروع “إسقاط النظام” وإنما يرمي إلى “اسقاط الثورة” ويعني ذلك تجاوز ما قدمه الشعب السوري من تضحيات جسام، والتنكر للحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، وكذلك المساهمة مباشرة أو عن طريق غير مباشر في تفكيك أوصال الثورة السورية ونسف أحلام الشباب الثائر في مستقبل أفضل، والدخول في مشروع التخلي عن الشعب والعودة إلى أحضان النظام بمزاعم مختلفة
فأي نقاش أو جدال، بهدف التشكيك فيما إذا كان الشعب السوري محقاً في طلب التدخل الدولي لحمايته ولقطع أصابع المجرمين الذين يسفكون كل يومٍ دماء الشباب السوري، هو ابتزاز للثورة، إرهاق للجهود الوطنية، تمزيق للصفوف، بعثرة للقوى الناشطة، وسير في اتجاه “اسقاط الثورة”… حتى ولو كان الناطقون بمثل هذه الترهات عظماء يحملون على رؤوسهم تيجان “المعارضة الوطنية!”… فكيف يمكن تبرير الانقسامات والجدال اللامجدي والترنيمات التي يحبها النظام، وفي كل يوم يسقط عشرات السوريين برصاص النظام؟ كيف يمكن اعتبار التدخل الدولي لحماية شعب من التقتيل والتعذيب والارهاب السياسي عملاً “لاوطنياً”؟ وكيف يستطيع هؤلاء المشاغبون الذين يشكون في صحة مطالب شعبهم غمض أجفانهم ليلاً، وهم يعلمون تماماً أن اليوم التالي سيأتيهم بخبر قتل عشرات السوريين الآخرين كما في اليوم السابق؟
أفلا يملكون ذرة من ضمير؟  أم أنهم يخدمون مشاريع النظام ومضطرون لخدمته خوفاً مما قد يصيبهم أو عوائلهم من أذى؟

النقد والنقد الذاتي في الحركة السياسية الكوردية

جان كورد، ‏04‏ كانون الثاني‏، 2012
سمعت مؤخراً حواراً هادئاً بين أخوين كورديين على السكايب، حيث قال الأول :”- حزب العمال الكوردستاني طار بشبابنا إلى قلعة شقيف في جنول لبنان ليضحي بهم من أجل الفلسطينيين، في حين أننا كنا أحوج إلى هؤلاء الشباب من الفلسطينيين
فقال الآخر الذي كان ولايزال مسؤولاً في الحركة السياسية الكوردية:”- والله يا أخي نحن في الحزب الكوردي السوري “الفلاني” سبقناهم في ارتكاب ذلك الخطأ الجسيم. لقد ضحينا ب 170 شاباً كوردياً في الحرب الأهلية اللبنانية التي لا ناقة لنا فيها ولابعير
هذه المحادثة ربما تكون اعتيادية بين ناشطين كورديين في جلسة مباشرة أو عن طريق السكايب أو في إحدى غرف البالتوك، ولكنها قد تكون صعبة للغاية في اجتماع قيادي أو في مؤتمر، لأنها ليست مجرد محادثة وانما “نقد ذاتي” صريح و”اعتراف أكيد” بأخطاء تاريخية فظيعة من قبل قيادات كوردية
وأتساءل عما إذا كانت ستستمر هكذا محادثة في هدوئها وبدون انفعالات وتهديدات وتخوين، لو كان هناك قيادي كوردي ثوري أو كاتب مؤدلج الفكر حاضراً في هذا التخاطب
جعل الشيوعيون من “النقد والنقد الذاتي” مادةً أساسية في برنامجهم السياسي اليومي، على مختلف المستويات في عام 1920، حيث تم فرض قاعدة صارمة على مختلف كوادر الحزب البولشفي الحاكم، وهي أن يقف أمام زملائه في مكان العمل أو في الحزب أو في المزرعة وينتقد نفسه انتقاداً لاذعاً، ثم يتم كتابة تقرير بذلك يرفع إلى مستويات حزبية أعلى، وتوضع نسخة في ملفه الحزبي… ويقول المؤرخ الألماني فولفغانغ ليونهارد في كتابه القيم “الثورة تسرح أولادها”(1) بأن النقد والنقد الذاتي لم يدع شيئاً من تفاصيل الحياة العامة والخاصة للكادر الحزبي، دون جعلها مادة لتحطيم الإنسان وتحقيره وتحويله إلى أداة طيعة بلا شخصية في أيدي الحزب الذي لم تكن تهمه كرامة الإنسان ونفسيته، وانما يهمه الولاء الحزبي المطلق. وبخاصة بين 1928- 1937، ودام ذلك في الحزب الشيوعي السوفييتي بأشكال فظة حتى نهاية عهد الستالينية الرهيبة في أواسط عام 1950، واستخدمت الماوية الشيوعية في الصين “النقد والنقد الذاتي” في البدء بتطهير جماعي ودموي مستمر ضمن الحزب، وعلى وجه الخصوص من خلال “الثورة الثقافية” بمراحلها الثلاث (مايو 1966 إلى 1968)، مرحلة لين بياو (1968 حتى آب 1971) ومرحلة تشو اين لاي (من آب 1971 وحتى أوكتوبر 1976). حيث نلاحظ أن المرحلة الثانية كانت أطول زمناً من الأولى والثالثة أطول زمناً من الثانية
حقيقةً فإن كل الأحزاب الكوردية “الثورية” منها و”الأقل ثورية” منها تكتب فقرة أو مادة “النقد والنقد الذاتي” في جداول اجتماعاتها التنظيمية كل مرة، وفي أنظمتها الداخلية، ولكن هذه المادة تمر مرور الكرام في أغلب الأحيان، والمقصود من ممارسة مضمونها ليس الوقوف على أخطاء القيادات وانما “تعليم الأنصار والأعضاء الجدد!” بأن يمارسوا نقد أنفسهم أمام رؤسائهم شفاهية وخطياً، مع التلطف الزائد في توجيه الأسئلة أو رفع الشكاوى أو ممارسة النقد تجاه المسؤولين، إذ يفترض في الأبناء أن يكونوا “مؤدبين” و”لطيفين” و”متفهمين” للمصاعب التي يناضل في أجوائها الآباء، ويفترض في الآباء ألا يكونوا “رقيقي المشاعر جداً” في معالجة ما يحدث بين الأبناء… وهذه النظرة غير المثمرة هي من تربيتنا الشرقية العريقة… أما لدى الأوربيين فالابن والابنة يوجهان النقد الشديد للأب والأم بصراحة، وتشجع الأسرة ذلك لأنها تعلم بأن بناء شخصية الأطفال لن يكتمل دون ترسيخ هذه المادة “النقد والنقد الذاتي” في نفوسهم، وهذه المادة ضرورية للغاية عندما يكبرون ويعملون في المصانع والقوات المسلحة والجامعات والمستشفيات… وفي السياسة أيضاً. بمعنى أن “النقد والنقد الذاتي” من صلب التربية الديموقراطية في العائلة والمدرسة والثكنة والشركة وسواها من مناحي الحياة العامة والخاصة
أما نقد الحزب وسياسته، سواءً من الداخل أو الخارج، فمسألة غير مقبولة قد تعرض الناقدين لعواقب سيئة للغاية. وهذا يعرفه مختلف الكتاب الكورد الذين تعرضوا في كتبهم ومقالاتهم إلى نواحٍ معينة في مسيرات حزبٍ من الأحزاب الكوردية، الناجحة والفاشلة، على حدٍ سواء. فكيف يمكن لكاتب لايملك شروى نقير ولاتتبعه حتى مجموعة صغيرة من المقاتلين أن ينتقد ما كتبه أو ما قاله زعيم حزبٍ أو قائد ثورة؟ ألا يستحق مثل هؤلاء الناقدين من خارج الثورة والحزب كل التحقير والتقزيم والتخوين…؟ وإن ما قد ظهر حتى الآن من دراسات نقدية للحركة السياسية الكوردية أو لحزبٍ من الأحزاب أو لزعيم من الزعماء الكورد بقي على الأغلب ضمن حلقة من الأصدقاء، خوفاً من العواقب الخطيرة. أتذكر هنا دراسةً جادة وموضوعية، لم تر النور حتى اليوم، كتبها بعد انتكاسة الثورة الكوردية الكبرى (1961- 1975) تحت اسم مستعار (المهندس سعيد عبد الوهاب!) أحد الكوادر المتقدمين في الحزب الديموقراطي الكوردستاني تحت عنوان “لماذا تبقى الحقائق مكتومة عن الشعب الكوردي؟
كتب الكاتب الكوردي القدير حسين جلبي من غرب كوردستان مقالاتٍ جيدة باستمرار ووضع اصبعه على بعض الجراح المثخنة بأسلوب جميل، ولكن ها نحن نرى الهجوم الكاسح عليه من قبل كتابٍ موالين لحزب من الأحزاب  بسبب مقالٍ كتبه أخيراً عن “أكراد تركيا”. والوحيد الذي تطرق نقدياً للمقالة بصبرٍ ولطف هو كاتبنا الكوردستاني وصديقنا الكريم مير ئاكريه ي، في حين أن الآخرين حاولوا تجريد الأخ حسين جلبي حتى من كورديته، وهذا ليس بنقد وانما “إهانة” للنقد والنقد الذاتي. فلربما لم يوفق الأخ الكاتب في اختيار عبارة “أكراد تركيا” ولكن هؤلاء اعتبروه أعمى البصيرة وحاقداً وسيئاً…و… وداسوا عل كل نتاجاته ونشاطاته وكتاباته المتتابعة بصدق وإخلاص للقصية الكوردستانية… لأنه أبدى رأياً ربما يكون صائباً أو غير صائب\ن فالإنسان غير معصوم عن ارتكاب الخطأ… والعجيب أن أحداً منهم لم يظهر امتعاضه عندما أنكر زعيمهم الأكبر وجود جزء من كوردستان في سوريا، واعتبر الكورد هناك لاجئين…بل أتراكاً… وحقيقة فإن الأخ حسين جلبي ليس أول وليس آخر من تنتزع منه الهوية الكوردية من قبل هؤلاء، وأنا أيضاً أحد المغضوبين عليهم  بسبب ما كتبته من سلسلة مقالات عن “تناقضات الأوجلانية” من خلال مراجعة كتب ودراسات زعيمهم الذي يقدسونه كالأنبياء أو أشد. وأعلم عن مثقفين كورد تم تصفيتهم جسدياً أو سياسياً بسبب مواقفهم المعارضة للسياسات الاوجلانية، ومنهم من ضرب على من وجهه وسط معرض للكتب في مدينة كولن الألمانية قبل سنوات حتى أريق الدم من فمه على أيدي “كوادر حزبية، ذكورية وأنثوية!”… فإن نقد الأحزاب الكوردية وزعمائها قد يجلب للمرء مضرة شخصية أو عائلية، ناهيك عن الأضرار السياسية والاجتماعية
منذ أيام قلائل، زارني بعض الإخوة في البيت على أثر خروجي من المستشفى، فدار بيننا حدث تطرقنا فيه إلى موضوع النقد والنقد الذاتي، فسألت أحدهم – كان من المقربين للزعيم العمالي عبد الله أوجلان – عما إذا كان حزب العمال الكوردستاني قد أطلق حملة نقد ذاتي لاعادة سائر المنشقين عنه أو الذين تم تطهيرهم من صفوفه، فقال:”أنا شخصياً طلبت هذا من السيد أوجلان، أثناء اقامته القصيرة الأمد في روما، فقبل الفكرة وأكد على أنه مع طرحها، ولكن في اليوم التالي صدر عنه بيان يذكر فيه بأن “يعفو” عن سائر الرفاق الذين تركوا الحزب أو طردوا منه… والعفو يكون للمجرمين أو المذنبين…أي أن هناك خلط بين مفهومي “النقد الذاتي” وتبرير الخطأ المرتكب بصورة من الصور… أو أنه الخوف من ممارسة ذلك ذاتياً
عندما تمارس النقد الأدبي لنصٍ من النصوص الأدبية، شعراً كان أم نثراً، فأنت أمام شخص أو تيار ثقافي معين، قد يرد أحدهم عليك ويبدد أمام الناس ما رأيته أنت من عيوبٍ ونواقص في ذلك النص المدون أو المسموع أو المرئي، بذات الأسلوب أو المستوى الذي مارست به نقدك، ولكن عندما تنتقد زعيماً سياسياً فأنت تواجه جنوده وحراسه ومريديه وأنصاره، في الاعلام وفي الشارع، وقد تجد نفسك محاصراً بقواته أو تخاف من العودة إلى الوطن بسبب ما قد تعانيه من اضطهاد في حال وقوعك في أيدي زبانيته… وهذا ليس بين الكورد وأحزابهم “المعصومة عن الخطأ” وحدها، وإنما في سائر أنحاء العالم الذي لم يتلق تربية ديموقراطية صحيحة في البيت والمدرسة والثكنة والفرقة الحزبية…ولذا يفضل بعض الكتاب الشرقيين عدم الخوض أصلاً في القضايا السياسية أو أنهم يلجؤون إلى الاستخدام المفرط للرمز والحكايات والأساطير لاخفاء حقيقة نظراتهم، وبذلك يتفادون الكوارث التي قد تحدق بهم في حال ممارستهم النقد. ومنهم من يفضل السكوت تماماً ويلهي نفسه بمعزوفات فكرية وفلسفية ودينية ورياضية وبرسومات سوريالية لاتمت بصلة للواقع المأساوي الذي نعيشه نحن الكورد، ليحفظ بذلك نفسه من شرور النقد المعاكس
إلا أن المسؤولية الملقاة على الكاتب الكوردي – في نظري – هي أكبر من أن يبرر سكوته عما تقوم به أحزابنا وزعماؤنا من أعمال تؤدي إلى تعميق مأساتنا القومية، أو أن يلوذ بالفرار، بذريعة أن النقد لايجدي وأن على المرء عدم القيام بعملٍ لايثمر إلا مزيداً من الأضرار له ولعائلته
فلو تدارك القادة في الاتحاد الوطني الكوردستاني المشاكل في صلب تنظيمهم سابقاً لما ولدت حركة “التغيير” من رحم الاتحاد، ولو انتبه الإخوة في الحزب الديموقراطي الكوردستاني إلى النار المتقدة في محافظة دهوك وسعوا إلى وأد الفتنة بعقلانية وواقعية، لما حدثت كارثة القلاقل في تلك المناطق… وقد لاينفع النقد بعد كل ما حدث
ولكن لكلٍ منا وجهة نظر… وهذا حق مشروع في الحياة لكل الناس
—————————————————–
(1)    Die Revolution entlässt ihre Kinder. Frankfurt a.M./Berlin/Wien 1974 [Org. 1955], S. 184.