الاستراتيجية الأوباماوية في خطر

جان كورد – ‏2014‏-21-10

 تعتمد الاستراتيجية الأوباماوية في أساسها على دراسةٍ بخصوص الشرق الأوسط قدّمتها إلى البيت الأبيض مجموعة من الإخصائيين في شؤون المنطقة وفي مقدمتهم السياسي العريق زبيغنيو برجينسكي ذي الاطلاع الواسع والمعرفة الجيدة بمشاكل وقضايا العالم العربي وإسرائيل وتركيا وإيران.  وهذه الدراسة الهامة تركّز على أهمية التوصّل مع إيران إلى اتفاقٍ نووي وعلى تأثير صعود الحركات السنية المتطرّفة عامةَ في تقريب مواقف إسرائيل وإيران من بعضهما بعضاً، خوفاً من هذه التنظيمات، وإعادة تقسيم المنطقة على ضوء ضعف الالتزام العام فيها باتفاقية سايكس – بيكو لعام 1916م الاستعمارية

وعلى هذا الأساس النظري الخاطىء بنت الإدارة الأوباماوية استراتيجيتها حيال ما يجري في العراق وسوريا، وشرعت في ممارسة سياساتها، وما يبنى على خطأ لا يمكن أن يكون صحيحاً أو منتجاً، ولذلك يطالب السيناتور جون ماكين وليندسي غراهام وتيد كروز بأن يوسّع أوباما نطاق حربه على تنظيم الدولة وسواها من المنظمات الإسلامية المتطرفة، وتسليح الكورد والجيش السوري الحر، وألا يتوانى عن استخدام كل القوة العسكرية الضرورية لذلك، ويرفض أي تنازلات لإيران في مجال سعيه لامتلاك السلاح النووي، والتوقف عن سياسة إمهال إيران ما تحتاجه من وقت لتعزيز قدراته، حيث يرون عدم جدية الإدارة الاوباماوية في عمليات قصف مقرات وقوافل تنظيم الدولة الإسلامية، فإن ممارسة الضغط على كلٍ من إيران وإسرائيل من خلال السماح لهذا التنظيم بالنمو إلى حد إخافتهما وإجبارهما على التقارب بهدف بناء جبهة تشارك أو تنسيق ضد الإرهاب لا تفيد الولايات المتحدة في شيء، بل تزيد من خطر تمدد هذا التنظيم وانجذاب مختلف التنظيمات المتطرفة الأخرى إليه ومبايعتها لزعيمه الذي يعد أخطر من زعماء القاعدة التي تعتبر العدو الأوّل لأمريكا

إن خطورة هذا التنظيم تكمن في أنه يتصرّف كدولة ذات إمكانات هائلة ويقاتل على عدة جبهاتٍ، تمتد من بوابات العاصمة العراقية بغداد إلى مدينة كوباني الكوردية – السورية على حدود تركيا العضو في حلف الناتو، ومن مدينة الحسكة السورية القريبة من منابع البترول إلى مقربة من هضبة الجولان السورية المحتلة من قبل إسرائيل، وإلى داخل الحدود اللبنانية حيث يكاد البرميل اللبناني يتفجر ويتسبب بحربٍ أهلية ثانيةٍ مدمّرة

ومعلوم أن القصف الجوي وحده لا يكفي للقضاء على تمدد هذا التنظيم وتوسّع نطاق عملياته، كما وجدنا في هيت والأنبار وكوباني، وهذا القصف (ما يقارب ال 1600ضربة جوية) ذاته ضعيف وقليل للمساحة الواسعة التي تجري فيها العمليات القتالية وبالنسبة إلى مساحة غزة الفلسطينية الصغيرة التي تم قصفها في فترة قصيرة بما يزيد عن (5500 ضربة جوية)، كما هو مثبت. ولذا فإن الإدارة الأمريكية بحاجةٍ ماسة إلى قوات أرضية كبيرة تقوم بالعمل على الأرض لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية بشكلٍ فعّال وهذا يتطلّب مزيداً من التفاعل ضمن التحالف الدولي الذي سيتضاءل مع الأيام لاختلاف المصالح القومية لشعوب البلدان المنضمة إليه، فالموقف التركي المتقلّب حيال القيام بعملٍ عسكري ما في سوريا يصطدم بالمصالح القومية للعرب والكورد على حدٍ سواء، في حين أن تركيا والسعودية من الدول التي بإمكانهما تقديم القوات الأرضية للتحالف، ولكن الهدف الكبير والاوّل الذي يحرّك الإدارة الأمريكية، وهو كما ذكرنا التقريب بين إيران وإسرائيل، ليس في مصلحة السعودية وتركيا، حيث الدولتان تسعيان للقضاء على نظام بشار الأسد بسرعة ودون تردد، وتريدان لكل من إيران  أن تبقيا معزولتين  وضعيفتين في المنطقة، وتنظران بعين الريبة للاستراتيجية الامريكية غير الفعّالة لتنظيم الدولة الإسلامية

 وإن السماح لقوات البيشمركه  للتدخّل عبر تركيا في المعركة الحامية الوطيس في مدينة كوبانى لا يعني أبداً أن الإدارة الأمريكية ستقبل ببقاء البيشمركة هناك أمداً طويلاً، لأن حليفتها في الناتو تركيا وكذلك المعارضة السورية “المعتدلة” لن ترضى بذلك، على الرغم من أن أفراد هذه القوة في غالبيتهم من الكورد السوريين الذين تلقوا تدريباتهم لدى قوات البيشمركه الخاصة بإقليم جنوب كوردستان

إن الخطر يحدّق بهذه الاستراتيجية الأوباماوية من عدة جهات، فهي لا تأخذ المشكلة السورية الكبرى بعين الاعتبار، بل الحد من نشاط تنظيم الدولة فقط، في حين أن المنظمات الإرهابية التابعة لإيران تعيث في سوريا فساداً وتقوم بتقليل السوريين يومياً ومن أبرزها حزب الله اللبناني الذي يخوض المعارك الصغرى والكبرى كل يوم إلى جانب نظام الأسد ومليشيات الشيعة من شتى البلدان في العالم، وهذا ما يزعزع أمن واستقرار لبنان أيضاً، ويطيل أمد الحرب السورية الرهيبة المنتجة للإرهاب، وليس في استراتيجية أوباما شيء عما يجري في غرب وشمال لبنان من صراعاتٍ دموية يومية بين حزب الله وجبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية.

والخطر يحدّق بهذه الاستراتيجية لأن النظام الأسدي الذي كان السبب المباشر في انتاج ونمو هذه المنظمات المتطرّفة الإرهابية يستفيد على الساحة السورية في حين أن المعارضة المعتدلة لا تستطيع السيطرة على الأمور في الساحة السورية، لأن الإدارة الأمريكية لا تمنحها الدور الذي يجب أن تقوم به في محاربة الإرهاب واقتلاع جذوره

 الخطر محدّق لأن بعض الدول في المنطقة غير مستعدة كالأردن مثلاً لتعريض أمنها واستقرارها الوطني للخطر، فهي متأكدة من أن الإدارة الأمريكية تضع التقارب الإسرائيلي – الإيراني من خلال ترويعهما  في سلّم الأولويات وليس القضاء على الإرهاب وجذروه في المنطقة، وبقاء هذه المنظمات دون علاجٍ حقيقي يهدد المصالح الأردنية، والحكومة التركية تقول لشعبها: “لماذا علينا نحن الأتراك أن نرسل أولادنا إلى ساحات القتال والأوروبيون والأمريكيون لا يفعلون ذلك؟”، ولذك يمكن القول بأن التحالف هش لأن أمريكا لم تضع تردد بعض دول التحالف في الحسبان.  كما أن القترة الزمنية القصيرة الباقية من حكم الرئيس أوباما غير كافية لمعالجة غير حاسمة للمسألة السورية بشكل عام، حيث الأوضاع السياسية السورية هي التي تمد النار بالحطب، ولا إرهاب في سوريا في حال حل المسألة سياسياً والتخلّص من نظام الأسد لأن الإرهاب ليس من طبيعة الشعب السوري الذي يريد الحرية والأمن والاستقرار ليتابع مسيرة الإنتاج والعمران

بالتأكيد، إن لمعارضي أوباما الجمهوريين استراتيجية أشد حزماً تجاه الإرهاب ومصادره، ولكن بوصولهم إلى الحكم ستنتهي استراتيجية أوباما غير المجدية هذه، ولذلك فإنها في خطر الآن

– جان كورد – اجتماع دهوك الحالي والمرحلة الجديدة في غرب كوردستان

 Cankurd  

اجتماع دهوك الحالي

والمرحلة الجديدة في غرب كوردستان

  1. Oktober 2014                                                                                                                                                بات الرأي العام العالمي على علمٍ باعتراف الإدارة الأمريكية وحلفائها في الحرب على تنظيم “الدولة الإسلامية” أن الضربات الجوية على الرغم من شدتها وضرورتها لا تكفي لإلحاق الهزيمة الماحقة بهذا التنظيم الذي يستفيد –كما يبدو – من بعض الأخطاء الاستراتيجية والتكتيكية لقوى التحالف الدولي أثناء التعامل مع الأهداف التي يجب قصفها فيسقط عدد من المدنيين في بعض المواقع، مما يغذّي الحقد على دول التحالف ويعزز من توغّل التنظيم المستهدف في صفوف السكان في المناطق التي تجري فيها عمليات القصف الجوي، وينال يوماً بعد يوم تأييد العديد من المنظمات الإسلامية المتطرّفة في العالم، على الرغم من وحشية أساليبه وممارساته التي لامثيل لها حيال مختلف المعارضين لسياساته ومحاولته فرض نفسه على كل القوى والتنظيمات المماثلة في ساحة صراعه الدموي الواسعة

كما بات معروفاً لكل الناس المهتمين بهذه المسألة المطروحة للبحث والنقاش أن القوى البرية الأمريكية والأوروبية لن تستخدم في القتال على الأرض، لا في العراق ولا في سوريا، لأن الإدارة الأمريكية وقيادة حلف الناتو على علمٍ تام بأن إرسالها للقوات البرية يعني تلبية رغبةٍ ملّحة للتنظيمات الإرهابية في استدراج الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى إلى حربٍ برّية يمكن فيها إلحاق الأذى بجنودها وبالتالي فتح معركة برّية واسعة تشمل مختلف الدول العربية والإسلامية وتأليب الشعوب الإسلامية كلها وكذلك الجاليات المسلمة في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على حكوماتها. لذا فإن الاحتمال الوحيد في هذا المجال هو الاستعانة بقوى شعوب المنطقة، وبخاصة في العراق وسوريا، ومنها قوى شعبنا الكوردي الذي يتعرّض لحملاتٍ شرسة لهجمات تنظيم الدولة الإسلامية الذي تعشعش في طبقاته العليا عناصر بعثية شرسة من نظامي صدام حسين البائد وبشار الأسد الضعيف، مشهورة بعدائها التاريخي للكورد وكوردستان. ومن هذه الهجمات الرهيبة ما قام به التنظيم من فظائعَ ضد الكورد اليزيديين في منطقة شنكال “سنجار” وأطراف الموصل في العراق، وما يقوم به الآن من هجماتٍ ضد الكورد المسلمين في منطقة كوباني في سوريا.

وحيث أن الدول العربية عاجزة عن تقديم العون المطلوب لقوات التحالف لأسباب عديدة، وتركيا الأقرب إلى ساحات القتال الحالية تسعى بشتى الوسائل إلى أن تحافظ على مصالحها القومية الضيّقة في حال إقدامها على المساهمة في التحالف الدولي، ولن ترسل قواتها البرّية إلى ساحات الوغى بدون شرط القضاء على المقاومة المسلّحة الكوردية في سوريا، فإن الرئيس الأمريكي أوباما قد اعترف أمام الاجتماع الأخير لأكثر من 20 دولة مشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية أنه قلق بصدد الأحداث في منطقة الأنبار العراقية وكوباني الكوردية في سوريا، وعليه يجب التباحث بين الحلفاء حول حلٍ يضمن قهر الإرهابيين على الساحتين العراقية والسورية، وهذا الحل لن يتم بالقصف الجوي وحده، وإنما بدعم قوات البيشمركه الكوردية والمعارضة السورية “المعتدلة” والجيش السوري الحر، وكذلك الجيش العراقي والقوى العشائرية المناوئة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا

ولأن طرفاً هاماً من القوى التي يمكن للتحالف الدولي الاعتماد عليها بقوة في كل من العراق وسوريا هو الطرف الكوردي، لذلك فإن اتفاق الكورد فيما بينهم على خطوط أساسية لمساهمتهم في هذه الحرب الشرسة التي قد تطول أعواماً، بعد اتخاذهم، طوعاً أوكرهاً، قرارهم بالتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية، سواءً قي العراق أو في سوريا

وعلى الرغم من كل المشاكل والتناقضات التي بين فصائل الحركة السياسية الكوردية في غرب كوردستان، والتنافس الشديد بين حزب العمال الكوردستاني المتهم بالانضمام إلى حلف (دمشق – طهران – موسكو) والحزب الديموقراطي الكوردستاني المعروف بتحالفه الطويل الأمد مع العالم الحر الديموقراطي وعلاقاته الجيدة مع تركيا بحكم الضرورة الاقتصادية، فإن الرئيس مسعود البارزاني قد تغاضى عن كثيرٍ من هفوات خصومه السياسيين، لأنه يضع المصلحة القومية فوق كل مصلحةٍ أخرى، كما يبدو واضحاً وظاهراً من استقباله مسؤولي حزب الاتحاد الديموقراطي، رغم قساوة وشدة لهجة إعلام هذا الحزب على شخصه الكريم ومكانته وقدراته، فأشرف بنفسه على الاجتماع الأخير الذي بدأ البارحة في مدينة دهوك في جنوب كوردستان، ويستمر اليوم أيضاً، وذلك بهدف توحيد الجهود الكوردية السورية والعمل المشترك بين إقليم جنوب كوردستان وأحزاب غرب كوردستان مجتمعةً لتوسيع دائرة المساهمة الكوردية في التصدي لهجمات تنظيم الدولة الإسلامية وتعزيز مقاومة “طروادة كوردستان: كوباني)، ومساعدة الأعداد الكبيرة من اللاجئين الكورد الذين يريدون العودة في أسرع وقتٍ ممكن إلى مساكنهم قبل حلول فصل الشتاء، وبناء القوة الكوردية الرادعة المشتركة للدفاع عن غرب كوردستان اليوم ومستقبلاً في وجه كل المعتدين الذين يبغون السيطرة على شعبنا ونهب ثرواته وتحطيم ذاته القومية

أعتقد أن مواقف تركيا ونظام الأسد وإيران وكثيرين ممن كنا نعتبرهم أعداءً أو أصدقاء قد اتضحت لشعبنا تمام الوضوح أثناء “غزوة كوباني” الأخيرة ومن قبل في “غزوة شنكال” ولا حاجة لنا بأن نذكر بالتفصيل هنا من هو العدو ومن هو الصديق لأن المشهد واضح. وعليه يجب أن يضع هذا الاجتماع الهام حجر الأساس لمرحلةٍ كوردستانية جديدة، تتسم بجعل القضبة الكوردية وأمن شعبنا واستقراره فوق المصالح الحزبية الضيقة، وأن يتحوّل الإعلام الكوردي إلى أداةٍ فعّالة في خدمة شعبنا وليس لتكون صبغةً لتلميع الأحزاب والقيادات والزعامات، وأن يتجرّأ البعض على الاعتراف علناً أمام شعبنا في وسائل الإعلام بالأخطاء التي وقع فيها، فالجميع يدركون الآن أن شعبنا بأسره مستهدف وأن جبهة أعداء الكورد وكوردستان أقوى مما كنّا نتصوّر وأن مقاومة طرفٍ كوردي دون دعم الأطراف الكوردية الأخرى ودون دعم الأصدقاء والحلفاء الحقيقيين في العالم لا يكفي لدحر المعتدين الظالمين، كما أن بعض الآيديولوجيات العتيقة ما عادت تفيد شعبنا بقدر الوحدة القومية والتضامن الوطني بين سائر القوى السياسية والمجتمعية في كوردستان، وليعلم الجميع في بداية المرحلة التي آمل أن يكون اجتماع أحزابنا هذا تدشيناً لها، أن مصيرنا واحد كما أننا شعب واحد، ولا يظن أحد أنه قادر لوحده على تمثيل شعبنا أو قيادته، فلتكن رايتنا واحدة وهدفنا واحد وطريقنا واحد وموقفنا واحد وقوتنا واحدة، وهكذا فقط سيحترمنا العالم ويهابنا الأعداء، وهم كثيرون، وإلاً فإن شعبنا سيعيش باستمرار في المهاجر عوضاً عن العيش على تراب وطنه

https://cankurd.wordpress.com       kurdaxi@live.com     https://www.facebook.com/Cankurd1