الكورد في المعركة

Imageالتقيت منذ أيام قلائل وأنا في طريقي لالقاء خطبة ثورية عن سوريا المقاتلة من أجل الحرية والديموقراطية في فندقٍ من الدرجة الرابعة أو الخامسة، في مدينة تبعد آلاف الأميال عن أقرب موقع قتالي سوري للثورة ، فإذا بأحد معارفي المثقفين يظهر أمامي فجأة، مما أخافني حقاً، كان يدعى “بارق” لأن نظراته الثاقبة تشبه البرق، وكان من ذوي الأجسام الضخمة بالنسبة لي، ومعه كاتب كوردي شهير يدعى “عليم” كان قد شارك معنا مرة في حضور مؤتمر أنتاليا للتغيير الوطني قبل سنتين ونال على حضوره الخياني العرعوري مثلنا بعض صفعات التأديب الإعلامية من المثقف الذي يرافقه ومن سواه من أهل العقد والعزم، على الرغم من أن كاتبنا اللطيف حقاً لدماثة خلقه ورقة عباراته، إلا في الدفاع عن عقيدته السياسية، لم يدخل – حسب علمي – في أي حوارٍ مع المؤتمرين آنذاك، وظل طوال مدة المؤتمر خارج قاعات الكلام المنمق .. ولربما كانت عقوبته رسالة من قبل رفاقه لسواه بين الأتباع والأشياع الذين على خطه السياسي، حتى لايفروا من الصفوف، مثلما فر آخرون من قبل.

سألني المثقفان الناشطان كوردياً وأدبياً عما أنا عازم عليه، فذكرت لهما بزهو وافتخار أنني أريد “تصحيح المسارات وتوضيح الخيارات”، دون أن أنخرط في تركيب الإطارات لمعارضتنا السورية، فشد البارق أذني وقال بصوتٍ كالرعد:”تعال معنا يا عريعر …يا نويف… يا إسلاميست… يا الارهابيك، واحكي لنا عما قبضته من دينارات ودولارات وأويرويات على ما تكتبه ضدنا وضدنا سيدنا وضد ثورتنا من حكايات أسطورية، تعال نعطيك درساً في الثورة والأخلاق الثورية”

فاضطررت أن أذهب معهما، وإذا بنا في قاعة مظلمة، في وسطها شاشة سينمائية عظيمة تعمل بالبانوراما والصوت فيها “دولبي” والصورة تأتي بأبعادها الثلاثية وب”الهادى إم إي” أيضاً. ورأيت العجب العجاب حقاً، مما أنساني الإخوة المنتظرين قدومي إليهم ومنهم بعض الكاريكاتوريين الذين يلاحقونك بابداعاتهم الساخرة في حال تأخرك عن لقاء أحدهم دقائق معدودات فقط.

ما رأيته كان رائعاً حقاً، ومن ذلك فيلماً تاريخياً طويلاً عن الثورات الكوردية التي تميزت بمحاربة الكورد بعضهم بعضاً وهم في غمرة قتالهم ضد الأعداء من أجل حريتهم وحقوقهم، فرأيت سيولاً من دماء وشعباً بأكمله يهجر وطنه بسبب الحروب والتدمير الممنهج لبلادهم، ثم ظهور “صقور كوردستان” الذين تمكنوا من إيصال الثورة في عهدها الأخير، بعد عدة محاولات منهم للقضاء على “حمائم الكورد” إلى النصر المؤزر والانجاز العظيم الذي تحقق في برلمان أعتى الأعداء، ألا وهو قبولهم ب”استخدام اللغات غير التركية” في المحاكم، وعن حوارٍ لطيف بين رئيس مخابراتهم مع قائد ثورتنا العظيمة في معتقلٍ لهم. وهذا النصر الكبير سيقودنا إلى “استقلال كوردستان وتحرير الكورد” بالتأكيد. بل ما حاجة الكورد لاستقلال قومي رجعي عندما يحصلون على حقهم في استخدام لغتهم؟

كما أراني “الرفاق” فيلماً وثائقياً آخر، أقصر طولاً وبنوعية رديئة ، عن شبابنا وهم يقاتلون في غرب كوردستان، ليس ضد قوات الطاغية بشار الأسد وجيشه وشبيحته، وإنما ضد أعرابٍ أخطأوا في اتجاه مسار ثورتهم، فهاجموا مدينة “سرى كانيى” الكوردية على حدود تركيا عوضاً عن مساعدة إخوتهم الذين يقاتلون في ظروفٍ صعبة حقاً في مدينة حلب مثلاً، واعتبروا نجاحهم في المدينة الكوردية نجاحاً على “الإدارة الديموقراطية الذاتية” التي ليست إلا ابتكاراً  امبريالياً يهدف إلى دفن الإسلام في بلادنا. وعندما حاولت الهمس بملاحظة حول ما يجري في هذه المدينة، وهي أن هناك قوى اقليمية ودولية تريد لطرفي النزاع المسلح الدمار لأنهما في نظر تلك القوى “منظمات غير مرغوب فيها”، شد البارق أذني ثانية وقال:”دع سخافاتك لنفسك، وحدد موقفك، فإما أنت مع ثورة الشعب الكوردي من أجل اقامة جمهورية ديموقراطية في شمال وغرب كوردستان وإما أنت مع نواف البشير والشيخ عرعور وبن لادن”،

وحقيقةً لم أدر ماذا أقول، إذ هناك بالفعل جبهتان متحاربتان اليوم في غرب كوردستان، كما يظهر للعيان  بوضوح، على الرغم من أن الموضوع أكبر بكثير من عرعرة المدينة الكوردية بمعونة أردوغانية ومن محاولة اقناع الكورد بأنهم قاب قوسين من الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان في ظل من لايزال متهماً بأنه في خندق النظام ، وأنت كمواطن كوردي سوري رغم اقتناعك بعدم جدوى هذه الحرب وبأنها ستفتح أبواب الجحيم على شعبك، وأنك غير موافقٍ على السياسات الكوردية في هذه المرحلة الحاضرة، مضطر  للاختيار بين احدى الجبهتين،  جبهة الغرباء عن المنطقة ، ذوي اللحى الطويلة والنظرت المرعبة كما يصفهم “البارق”، الذين جاؤوا إلى المدينة الكوردية برعاية بعض زعماء العشائر العربية ممن لهم تاريخ حافل بالمواقف العنصرية ضد الكورد وكوردستان، وجبهة من يؤمنون حتى النخاع بأن خلاص الشرق الأوسط من الامبريالية المتحالفة مع الرجعية “الاسلامية” لن يتم إلا على أيدي أبيهم الروحي وهاديهم المنتظر، وكلا الطرفين يؤمنان بالعنف والقوة وفرض الرأي بهما على الآخرين، وهذا يعني أنك بين نارين، وأمرين أحلاهما مر، وأن عليك حمل السلاح في خدمة إحدى الجبهتين، كلاشينكوفاً كان سلاحك أم قلماً زهيد الثمن. ورحت أفكر وأنا على طريق عودتي إلى البيت وأنا أتلمس أذني التي عانت من الآلام بسبب فركها بأصابع قوية، ترى ما الموقف الأسلم والأجدر أن يتخذ في هكذا صراعٍ ليس للشعب السوري فيه ناقة أو جمل!!! كيف يمكن تقييم حرب على أطراف البلاد، بين آيديولوجيتين، خضراء وحمراء، والثورة السورية بحاجة إلى كل بندقية، وبخاصة في حلب ودمشق، بل هي بحاجة إلى كل طلقة وقذيفة، كما يقسم أمامي أوعبر شبكة السكايب كل مرة، أحد شيوخ العرب المؤيدين للسلام الأبدي بين العرب والكورد، فلم يقدني التفكير إلى موقف ألتزم به بجدية طوال الليلة اللاحقة لتلك المشاهدة الرائعة لفيلمين عن تحرير الكورد وتوحيد كوردستان واقامة الديموقراطية الذاتية والكونفدراسيون الأممي الشرق أوسطي، فأغمضت عيني في محاولة يائسة للنوم، فإذا بملاك في قامة نورانية يأتي إلي طائراً، وهو يقول:”أبشر يا كوردي… أبشر…!” فقلت لنفسي:”لعل أحدهم أعلن قيام دولة كوردية أو جمورية على غرار جمهورية الزاب عليها رحمة الله”، فقال:” أتعلم بأن تركيا التي تعتبر ثاني دولة من حيث القوة العسكرية في أكبر حلف عالمي (النيتو) قد فكرت في أمر غزو المناطق الشمالية من سوريا التي تسمونها بغرب كوردستان ولكنها أدركت خطورة ذلك، فالشعب الكوردي الذي تتقدمه أحزابه قد امتشق السلاح بكل أفراده، ولم يبق خارج الصف الكوردي الموحد سوى “عديمي الشرف والناموس” حسب التعبير الثوري على طول الخط عبر التاريخ، وفي ذلك دمار تركيا وهزيمتها الماحقة في الحرب، لذلك فقد أمرت جماعتها العرب من النوافين والبن لادنيين والعراعرة وعملاءها من المعارضين السوريين، عرباً وكورداً، بوقف القتال داخل مدينة سرى كانيى التي يكره اسمها الكوردي أقطاب المعارضة الديموقراطية، من وزن الدكتور هيثم الطالح، وطالبت تركيا منهم التوسل إلى الاستراتيجيين الكورد الذين يقودون الحرب على جبهتين في آن واحد، ضد قوات الأسد في سيناء ومضيق طارق، وضد قوات بن لادن في الجزيرة وحوض الفرات، عساهم يغفرون لهم جرائمهم ويكفون عن مساعيهم لافنائهم وتصفيتهم جسدياً ودينياً.” ففرحت طبعاً لأن تركيا القوية خافت من انتصارنا عليها، على الرغم من معاونة كثيرٍ من العربان الملتحين لها، وأمرت مرتزقتها من أبناء العشائر اليعربية بوقف القتال، هذا القتال الذي لا أرى فيه أي خدمة للثورة السورية أو لاقامة الديموقراطية الذاتية الكوردية، وانما أراه بمثابة “فل الحديد بالحديد” لاضعاف الطرفين معاً والمستفيد من ذلك هم أعداء الشعب السوري عامةً والكوردي خاصة، ولكن يبدو لي أن السلام الهش ينقطع باستمرار كجريان الكهرباء في مدن جنوب كوردستان، وهو سلام يستعيد فيه الطرفان الأنفاس وتجميع الطاقات للدخول في معارك أشرس وأسخن وأشد دموية وتدميراً… والحرب في هذه المدينة هي بين النظام السوري والحكومة التركية، وعلينا أن لاننسى أبعاد الشكر والامتنان الأسدي لهذه “القرية الصغيرة” في الدفاع عن ثورة “الممانعة والمضاجعة”، ضد اسرائيل ومن وراءها، فقليلاً ما يشكر الرؤساء كما نعلم، ثم سألت الملاك الوسيم النقي في مظهره ومقاله:” بالله عليك! أرني الحق حقاً والباطل باطلاً بإذن الله تعالى … هل نحن في ثورة ضد نظام الأسد الشقي المجرم بحق شعبه، أم في ثورة ضد تركيا التي تفاوض الكورد اليوم حتى ولو عن طريق رئيس مخابراتها الكوردي، فما عدت أدري إلى أين مسارنا الكوردي.” فقال مبتسماً وهو يحلق بجناحين خافقين فوق رأسي قبيل الوداع:”يبدو أنك بحاجة إلى فركة أذن أخرى من البوارق لأنك غير قادر على ضبط نفسك، فتطرح أسئلة تثير الزوابع!”

منذ ذلك الحين فهمت أنني الوحيد الذي لايعلم شيئاً عن شؤون السياسة الكوردية، ولذلك أسأل نفسي بين الحين والحين عما إذا كان علي بيع قلمي الناشف في سوق الساكند هاند في حارتي الشعبية، عسى أحد زعمائنا يشتريه ويقبلني في خدمته بقية عمري، وإن غضب علي بارق من البارقين فيدافع عني… أو أن أكسر قلمي وأحطم الكيبوورد العربي الذي أكتب به ما يجول في رأسي من خواطر ووساوس، وأدع الناقة التي تحملنا تسير حيثما تشاء وكيفما تشاء، فأرتاح أنا وأدع الآخرين الأعلمين مني يخططون وينفذون لأنهم بالتأكيد أقدر على الرؤية والتحليل والتطبيق فهم القادة المعصومون، الذين تقع على كاهلنا مسؤولية السير وراءهم بدون ابداء أي ملاحظة حتى يسقطون.

والسلام على من اتبع الهدى وخشي الرحمن بالغيب.

كفاكم زعبره باسم الشعب السوري في المعارضة

جان كورد      kurdistanicom@yahoo.de    https://cankurd.wordpress.com

 24.01.2013

يجيب المعارض السوري البارز كمال اللبواني في حوار لــ”زمان الوصل“، عن سؤال حول ما تريده الولايات المتحده الأمريكية لسوريا إجابةً مؤسفة. إذ تسأل زمان الوصل

  كيف تريد أمريكا لسوريا؟ ●

فيأتي رده على الشكل التالي:

واشنطن تريد فيدراليه ( علويه، كرديه …) أي التقسيم البارد لسوريا وذلك من أجل إضعافها 

(أنظر المقابلة المنشورة في موقعي كلنا شركاء وآفيستا عربي أيضاً)

http://all4syria.info/Archive/66895

http://www.avestaarabic.com/2011-12-31-10-31-05/2315-2013-01-20-09-24-04.html

لو دققنا النظر فيما قاله هنا هذا المعارض الحقوقي الذي سيكون أحد من سيقودون سوريا في مرحلة ما بعد رحيل بشار الأسد كما يبدو، لوجدنا أنه يتهم الولايات المتحدة الأمريكية بالدولة الساعية لتقسيم سوريا، وأنه يرى الفيدرالية مطلوبة لتقسيم بارد لسوريا وذلك من أجل اضعافها، وكلا النقطتين اللتين وردتا على لسانه لاتخدمان قضية الشعب السوري والمعارضة الوطنية السورية مع الأسف، لأنه يغلق بهما باب الحوار ضمن هذه المعارضة حول هذا المبدأ الذي أخذت به دول وأمم عديدة ونفذته عملياً وحققت بذلك نجاحات وانجازات كبيرة في تاريخها، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها وألمانيا الفيدرالية وسواهما، ويصد باب هذه المعارضه في وجه الحركة السياسية الكوردية التي تتبنى الآن هذا المبدأ الفيدرالي عموماً، كما يتهم قوةً عظمى قادره فعلاً على تقسيم دولهٍ مثل سوريا، باستغلالها الظروف الحالية استغلالاً صارخاً، في الوقت الذي تلوم المعارضة السورية عموماً هذه الدولة على عدم قيامها بما يسهل التخلص من نظام الأسد المتطرف في مركزيته وتشدده حيال أي محاولة لتوزيع لامركزي للسلطة التي في أياديه الأخطبوتية، هذه السلطة المافياوية التي جعلت سوريا مزرعه عائليه

أليس هذا تناقضاً فاضحاً؟ أم أن هذا مجرد سفسطة وبالعربية الواضحة “زعبره إعلامية- سياسية

لماذا تكون الفيدرالية سبباً من أسباب العدل والقوه في بناء الدولة الحديثة في سائر أنحاء العالم، وتكون في سوريا وحدها سبباً من أسباب التقسيم والاضعاف؟ ولماذا لاتقوم أمريكا بما يقع على عاتقها من واجبات دولية للتخلص من نظامٍ متشددٍ في السلطة المركزية، إن هي تريد تقسيم سوريا واضعافها حقاً؟ وهل يعني أن سياسة روسيا وايران والصين المعارضة للسياسة الأورو- أمريكية حيال سوريا هي التي تحفظ لسوريا وحدتها وقوتها؟ فماذا يريد قوله فعلاً هذا السياسي الذي يطعن بسيفه يمنه ويسره، وكأنه لايعلم شيئاً عن حقيقه الفيدرالية التي تعني عكس اتهاماته المؤسفه هذه؟

بالتأكيد لن تعود سوريا كما كانت قبل هذه الثوره، والعلويون لن يقبلوا بأن يتحولوا إلى خاسرين تماماً بعد أن حكموا سوريا أو حكم بعضهم باسمهم عقوداً طويلة من الزمن، ومخاوفهم قد تدفع بهم إلى الاتجاه صوب “الانعزالية” الحاده وتقوقع في شكل “دويلة” في جبال العلويين والساحل السوري، والكورد لن يقبلوا أيضاً بأن يخرجوا ثانية “من المولد بلا حمص” كما قال عنهم العقيد القذافي مرهً، حيث حاربوا مع إخوتهم السوريين في سائر معارك التحرير والدفاع عن الوطن “المشترك!”، منذ الحروب الصليبية وإلى الآن، فلم يلقوا سوى العنت والانكار وغمط حقوقهم القومية، بل الإنسانية، سواءً بعد استقلال سوريا أو في ظل الحكومات “الاشتراكية التقدمية!!!”، وسيستمرون في كفاحهم بوتيره أعلى ونبره أشد من أجل نيل حقهم كشعب يشكل ثاني أكبر مكونٍ قومي سوري بعد العرب

لذلك، فإن التوصل مع سائر المكونات السورية، القومية والدينية، إلى حلٍ عادلٍ ومتكافيء من وجهة القانون الدولي وحقوق الشعوب والإنسان، لن يتحقق إلا في نظامٍ حر تعددي ديموقراطي اتحادي (فيدرالي)، وإن كان الأمريكان قد وصلوا إلى هذه النتيجة فلأنهم ذوي تجارب وخبرات على الصعيد العالمي ولديهم معلومات كافية عن حقيقة ما هو كائن على الأرض السورية، وليس لأنهم يريدون تقسيم سوريا لاضعافها، فلربما الفيدرالية وحدها توقف عملية التفتت والتقسيم والاضعاف التي تقوم بها الطغمة المستبده بسوريا ويشارك معها في التنسيق والتعاون الحلف الإجرامي الكبير، كما يساهم في ذلك بعض من يعتبرون أنفسهم في المعارضة ولكنهم يقدمون خدمات جليلة للأسد وحلفائه، ومن ذلك سيل التصريحات والمواقف المضره بالثوره، وبخاصة تجاه الكورد والعلويين وغيرهم ممن يطالبون بالعدل والانصاف في سوريا المستقبل

مع الأسف هناك معارضون سوريون همهم الأكبر انتزاع السلطة من أيادي نظام الشبيحة الحالي واعادتها إلى أيادي غيلان المدن الكبيره من جديد لادامة نهب ثروات الأرياف السورية وحرمانها من أي مشاركة حقيقية في إدارة البلاد، كما كان الوضع في عهود البورجوازيات الشامية والحلبية سابقاً، وبالتأكيد فإن الكورد يجب أن يبقوا خارج الملعب والاكتفاء بدور المواطن المتفرج دون أي أداء حقيقي على ساحة السياسة السورية. أما إذا نالوا الفيدرالية القومية أو المناطقية مع إخوتهم السوريين الآخرين المحرومين مثلهم على الدوام، فإن ذلك سيعكر اللعبة على أبناء المدن… وهذه هي الجذور والأسباب الحقيقية في المعضلة التي نحن بصددها اليوم

Em û Mahabad

    kurdistanicom@yahoo.de    https://cankurd.wordpress.com

22. Jan. 2013

Di va roja pîroz de, ku rojeke gelek giring e, di dîroka neteweya Kurd de, ez ji xwe dipirsim, gelo me di va dema dirêj de, ji avakirina komara Kurdistan ve, ta îro, çi nîşan dan cîhana derdora xwe, ku rast em neteweyekin ji neteweyên va gerdona fireh! Ka, em çend gavan bi pêş ve çûn, di rêya azadiya xwe de? Di avakirina mala xwe de, di paristina hebûna xwe de, li hember van hêrişên hovane, ku ji her aliyekî ve bi ser me de tên

Di nêvbera roja me ya niho û roja Mahabadê de demeke dirêj, tijî tehlî û sorbûn  di ser me re derbas bû, hema rewşa me hîn wekî berê ye, rewşa parçebûnê ye, û em ta niha wekî neteweyekê bi histobariyên xwe yên serekîn ranabin, em siyasetên partînî, navçeyî û tejtejî dikin, bo me yek rêberî nîne û bo me gotareke siyasî ya yekbûyî nîne

Li Mahabadê me yek ala hebû, îro alaya me ne yek e. Li Mahabadê me yek partî hebû, îro partiyên me gelek in, hema parçekirî, jarkirî û bêwatekirî ne. Li Mahabadê me yek leşker hebû, îro leşkerên me gelekin, hema ne di bin destekî de ne, û li Mahabadê  me yek rêber hebû, hema îro gelek rêberên ne wek hev diramînin  hene

 Neteweyek gava xwe dinase, hoşyartir dibe, mafê xwe dizane, armanca xwe ya serekîn dide ber xwe, pilanan bo bidestxistina wê armancê pêda dike, û çareyan bo serkeftina xwe dibîne, lew re hebûna neteweyekê bi hoşyariya wê ve têye zemrandin û bi hev xistin. Lê gava neteweyek ne hoşyar be, rê li ber wê dibin gelek rê ê rêçik, armanc tev li hev dibin, pêşengî dikeve destên nezanan, û bêhêzî ji ber nakokiyên navxweyî  çêdibe, û netewe nema dizane çewa xwe ji bin zorbaziyê azad bike, barê ser milên wê girantir dibe, rê dirêjtir dibe û ew netewe ji şaristaniya cîhanî bi paş dikeve

Ji ber vê, ez dibînim, ku rewşa neteweya Kurd, di dema avakirina komara Kurdistan de, li Mahabada serbilind, ji rewşa wan a îro hêjatir bû. Me dizanî axaza me an daxwaza me çiye, me dizanî kî rêberê pêşeng û pêşewa ye, me dizanî kî serleşkerê Kurdistan e, û ala ku em di ber de xûna xwe bidin çi ala ye, mixabin, îro rewşa me tevlihev e, lew re dilên gelek mirovêd Kurd şikestîne, ji xebat û kefteleftê sar bûne, û hene ji me Kurdan tew nizanin bi pey kê Kevin…

Qey, netewe wilo tên avakirin!

الصراع الدموي على حدود تركيا بين الديماغوجية والتبسيط

 جان كورد      kurdistanicom@yahoo.de    https://cankurd.wordpress.com

 . Jan. 2013 23

عندما يراق دم الشباب الذين عاشوا في عالم الظلم طوال حياتهم وحاولوا الكفاح ضده بما يملكون من أدوات وقوى، فإن مشاعرالذين يودعون جثامينهم المخضبة بدمائهم تزداد هيجاناً ويتأثر السامعون للخطب النارية بشكل أعمق مما هو عليه الوضع لدى رحيل إنسان يموت بسبب مرض نهش جسده أو بسبب حادث تعرض له أو بعد طول عمر قضاه. إذ يتحدث أشد الناس هدوءاً وتمالكاً لأعصابه وهو يودع مقاتليه الوداع الأخير بانفعالية وغضب، ويهدد ويتوعد الأعداء الذين أراقوا دماء أولئك الشباب. ولكن أن يصل الأمر بخطيبٍ سياسي أو آمرٍ مقاتلٍ إلى أدنى درجات التبسيط السياسي للأحداث وتقسيم الكل الكوردي ديماغوجياً إلى قسمين لاثالث لهما، أحدهما يملك كل مواصفات الشرف والكرامة والعزة القومية والنخوة الوطنية والثاني لايملك شيئاً من تلك المواصفات، مثلما فعل السيد آلدار خليل من قيادة حزب الاتحاد الديموقراطي في خطبته الشهيرة في الدرباسية أثناء توديع أنصاره الذين سقطوا مع الأسف برصاصات جبهة النصرة المدعومة داخلياً ومن بعض دول الجوار مؤخراً، فهذا نشاز سياسي وخروج عن المألوف السياسي في مثل هذه المواقف التي تستدعي كسب مزيد من المواطنين والأحزاب، لاتنفيرهم وتمزيق المتفق عليه حتى تلك اللحظة، مهما كان المتفق عليه باهت اللون وضعيف الحبل… والوقوع في الوقت ذاته في خطأ جسيم، فالسيد الذي نعلم عنه أنه من مركز القرار في حزبه صب كل التهم والشتائم غير اللائقة سياسياً وخلقياً على قيادات أحزاب متحالفة مع حزبه تحت سقف “الهيئة الكوردية العليا”، وقد يتحول خطابه هذا إلى مبررٍلانهاء حياة هذه الهيئة عملياً ونهائياً، فيزداد الشرخ في المجتمع الكوردي ويفتح الباب لمشاكل أعظم، مما يسمح بمزيد من نقاط التسلل التي يستغلها أعداء الكورد، ويكون في ذلك ضرر بليغ للشعب الكوردي. وهل هذا إعلان علني لؤاد ذلك التحالف؟ إذ كيف يستمر الشرفاء وعديمو الشرف في العمل معاً إن كان ما أطلقه السيد آلدار خليل من عيارات خلبية صحيحاً؟

عندما حمل أنصار حزب الاتحاد الديموقراطي السلاح برروا ذلك بأنهم عازمون على تشكيل “وحدات الحماية الشعبية” وذلك لمنع حدوث صراعات مسلحة في المناطق الكوردية، فهاهي الصراعات قد حدثت وهم بأنفسهم صاروا طرفاً في النزاع الدموي، الذي بدأ بينهم وبين عشيرة “البقارة” في حلب أولاً، وانتقل مع الزمن إلى مدينة “سرى كاني” الكوردية، التي تقع في منطقة استراتيجية هامة على حدود دولةٍ عضو في حلف النيتو ولها أصابع طويلة في شؤون المعارضة السورية، وتم انتقال المعركة من العمق العربي إلى العمق الكوردي باستعانة زعماء هذه العشيرة بأطراف معينة، داخلية وخارجية، بهدف الانتقام من الكورد الذين اعتبروا على الدوام مكوناً غير مرغوب فيه وبخاصة من قبل من آمن بأن “صدام حسين” هو قائدهم وسيدهم، والادعاء المبسط من قبل السيد آلدار خليل أو سواه بأن حزبه ليس طرفا في الصراع غير مقبول، بدليل سقوط مقاتلين من حزبه في تلك المعارك التي تم تحذيرهم منها قبل أسبوع حسب علمنا. والاكتفاء بأن الحزب الكوردي يصد هجمات المعتدين على الشعب الكوردي لايكفي أيضاً، إذ يطرح سؤال مهم نفسه، ألا وهو: لماذا لايهاجم هؤلاء المعتدون سوى أنصار حزب الاتحاد الديموقراطي؟ وما السر الكامن وراء ذلك؟ ولماذا تدعم تركيا المناصرة للمعارضة السورية هجوم طرفٍ على آخر ضمن هذه المعارضة؟

لذلك لايحق لقيادي نجيب مثل السيد آلدار خليل تبسيط الأمور إلى هذه الدرجة وعدم الذهاب في إهاناته لدرجة استخدام عبارات كتلك التي أطلقها ضد الحركة الوطنية الكوردية، والوقوف عند نقطة:”من ليس معنا فهو ضدنا” الجورجبوشية التي أضرت بصاحبها وببلاده أكثر مما نفعت.

من زاوية حزبية ضيقة، يمكن القول بأن ما جرى ويجري في “سرى كاني” مجرد هجمات “تكفيرية مسلحة” على مواقع كوردية “علمانية تقدمية”، ولكن الموضوع من الناحية الجيوسياسية أكبر من ذلك بكثير وأعمق بالتأكيد من مجرد الاستعانة بالتكفيريين والأتراك من قبل زعماء عشائر عربية من أمثال “نواف البشير” الذي انتقل من معسكر النظام الأسدي إلى المعسكر الأردوغاني للحصول على مغانم ومكاسب شخصية وعشائرية بتسلق أكتاف “جبهة النصرة” التي أدرجت الولايات المتحدة اسمها في قائمة المنظمات الإرهابية.

بالتأكيد، إن وراء هذه الهجمات العدوانية المدبرة والمخطط لها بعناية أصابع دولية، فأي تحرك عسكري على حدود تركيا لايحدث دون تنسيق مع قيادات جيوشها أو مع مخابراتها العسكرية، وكذلك مع من تستمد تركيا منهم قواها ومعلوماتها، وإذا كان الأمريكان مهتمون بتصفية “جبهة النصرة” فإن تركيا مهتمة أيضاً بتصفية “قوات الحماية الشعبية” التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي، ومن قبل نعلم كناشطين كورد ويعلم السيد آلدار خليل كسياسي مخضرم أيضاً عن سياسة ” فل الحديد بالحديد”. ولكن الغريب في الأمر هو أن كلاً من طرفي الصراع المؤسف يعتبرنفسه جزءاً من ثورة الشعب السوري على طغيان العائلة الأسدية، بل يعتبران أنفسهما من طلائع هذه الثورة المباركة، ويحملان السلاح الذي به يسعيان ل”حماية الشعب السوري”!!!! والعدو ليس في “سرى كاني” وانما في دمشق أو قابع في سفينة حربية روسية أو موجود في ايران كما نسمع.

والأغرب من ذلك، هو أن السيد هاكان فيدان، مسؤول المخابرات التركية المعروفة باسم “ميت”، يجالس ويحاور القائد الأعلى لحزب الاتحاد الديموقراطي، السيد عبد الله أوجالان، فيطالب هذا القائد حزب الاتحاد الديموقراطي بالابتعاد عن نظام الأسد، كما يقول شقيقه السيد عثمان أوجالان، الذي افتتح أول مؤتمر لهذا الحزب على حد زعمه، بأن سياسة حزب السيد ألدار خليل الموالية للأسد تضر بالشعب الكوردي، ولا أحد من الكورد يعتقد بأن هذين لايعلمان شيئاً عن سياسات حزب الاتحاد الديموقراطي، أو أن الحزب لايعترف بهما، فالأول هو القائد والثاني هو البادىء بمسيرة الحزب حسبما نقرأ ونسمع.

أرى بأن السيد آلدار خليل ومن وراءه يهملون أموراً هامة للغاية، ألا وهي:

-الكورد ككل والسوريون منهم أضعف من أن يدخلوا اليوم في صراعاتٍ دموية مع أطرافٍ مدعومة عربياً وتركياً ومن جهاتٍ دولية، وبضع آلاف من الكلاشينكوفات الروسية لاتصنع انتصارات حقيقية، وهم الخاسرون بالتأكيد في ذلك لأن امكاناتهم محدودة وليس لهم معين دولي الآن، أم أنهم مستعدون لتحويل مدنهم وقراهم إلى بابا عمرو ورستن ودرعا وداريا. وإذا كان البعض يعتقد بأن الأمريكان وحلفاءهم سيدعمون حزب الاتحاد الديموقراطي ضد التكفيريين فليقرؤوا عن سياساتهم في جنوب شرق أسيا، تلك السياسات التي اعتمدت مبدأ الاستفادة من كل الأعداء وضربهم بعضهم ببعض على الدوام.

-المعركة في سوريا اليوم بين الشعب السوري والنظام الأسدي المترنح تحت ضربات الثورة المباركة، وأي محاولة للولوج في معارك جانبية بالتأكيد هي خدمة مجانية للأسد وعصابته. وإن محاولة البعض لاظهار المعركة الأساسية مع تركيا الأردوغانية فاشلة، وإن نجاح المفاوضات بين الحكومة التركية وقيادة حزب العمال الكوردستاني ستفرز إحداثيات جديدة لحزب الاتحاد الديموقراطي، قد يصعب عليه التوجه على ضوئهما في حال استمرار هذه المعارك مع من تقف أنقره وراءهم حالياً.

-إن أي صراع كوردي – كوردي في هذه المرحلة التاريخية لن يجلب لشعبنا سوى الخسائر والاحباط والتراجع عما تم إنجازه حتى اليوم، هنا أو هناك. والخطب النارية قد تجمع الناس بسرعة إلا أن الانتكاسات تحطم النفوس وتهلك القوى…

فلنكن أشد حذراً وأقدرعلى معالجة النواقص والعلل في صفوف شعبنا، وحذار أن نضيق رقعة الأحداث التاريخية إلى مستوى في مدينة، فالقضية أكبر من ذلك وأعمق وأوسع، والقضية الكوردية في سوريا مرتبطة ومتشابكة مع الوضع السوري والاقليمي والدولي، وكثير من القوى على الساحة ليست سوى بيادق شطرنج تلعب بها القوى الدولية في جنح الظلام.

وأخيراً، برأيي إن اعتذاراً من السيد آلدار خليل عما بدر منه من إهانات لاتليق بالأحزاب السياسية، سيكون نافعاً للجميع وإن لم يكن بلسماً، فالبلسم هو المضي قدماً في تعزيز “وحدة قوى الشعب الكوردي” في هذه المرحلة العسيرة، أو أن الكورد سيحملون السلاح في وجوه بعضهم بعضاً، وهنا الطامة الكبرى لقضيتنا العادلة والخدمة الكبرى لأعداء هذا الشعب.

الكورد في سوريا والتقارب الأردوغاني – الأوجالاني

جان كورد   الأربعاء ‏2013‏-01‏-16

لم تكن استراتيجية أي حزبٍ من الأحزاب الكوردية / الكوردستانية في يومٍ من الأيام مخالفة أو معارضة لسياسة حل القضية الكوردية سلمياً وعن طريق الحوار، ومن ضمن هذه الأحزاب، حزب العمال الكوردستاني، الذي يترأسه السيد عبد الله أوجالان، الذي تم اختطافه قبل بداية هذا القرن في كينيا الأفريقية من قبل مخابرات أجنبية وتم تسليمه إلى تركيا، التي تحول اعتقاله لديها إلى معضلة سياسية منذ ذلك الحين وإلى فترة وجيزة، حيث بدأت تباشيرالسلام ترتسم على أفق السياسة الأردوغانية تجاه الملف الكوردي. هذا السلام الذي إن تحقق فعلاً سيكون انتصاراً تاريخياً كبيراً لشخص أردوغان ولحزبه ولتركيا عموماً، في حين سيكون دفعاً قوياً للقضية الكوردية إلى الأمام بشكل عام، في سائر أنحاء كوردستان وانهاءً للهجوم الواسع والمستمر على الحركة الكوردية عموماً ، منذ انقلاب الجنرال الفاشي كينان أفرين في عام 1980 ودخول تركيا الحرب في كوردستان بدموية وقسوةٍ لامثيل لهما منذ اعلان حزب العمال الكوردستاني الثورة على الدولة في عام 1984 والاعتماد في ذلك مع تنامي الصراع السياسي والقتال على دعم سوري – ايراني بدخول الحزب في الحلف العلوي – الشيعي للبلدين اللذين فيهما قضية كوردية أيضاً.

ووفق استراتيجية البحث عن حلٍ عادلٍ للقضية الكوردية في ضوء المعطيات والفرص السلمية والتفاوض الجاد والتقارب عوضاً عن الاتهامات المتبادلة ومحاولة فرض الذات على الخصم، فإن الشعب الكوردي عامةً وفي كل مكان لن يكون ضد السلام الذي تحتاج إليه كوردستان مثلما تحتاج إليه تركيا، وستكون لاحلال السلام بين طرفي النزاع تأثير مباشر في الدول المجاورة لتركيا وفيها وجود كوردي كبير، وهي ايران والعراق وتركيا، إضافة إلى وجود الكورد في كلٍ من أرمينيا وآذربايجان المتاخمتين لتركيا أيضاً. بمعنى أن وجه المسألة الكوردية سيتغير إجمالاً. ولكن بشرط أن يؤدي هذا الحوار إلى نقاط أساسية لفض النزاعات التي كلفت شعوب المنطقة أموالاً باهظة وأراقت دماءً غزيرة، لا أن يكون حواراً بين زعيمين، كل منهما يسعى لمزيد من المكاسب الخاصة به بين شعبه وحزبه، فتكون حرية الزعيم العمالي الكوردي مثلاً أهم لديه من قضية شعبه ومن مصير حزبه، وتكون غاية الزعيم الإسلامي التركي مجرد الانتهاء من سلاح حزب العمال الكوردستاني وإخراج قيادته من معاقله الجبلية لادامة سياسة عنصرية كانت مطبقة حتى الآن في تركيا، واعادة الملف الكوردي إلى مربع الصفر على رقعة السياسة الرسمية التركية، فيصبح بذلك آتاتوركاً ثانياً في العصر الحديث، ويخون الكورد كما خانهم آتاتورك الأول بشعار “وحدة الوطن والدين” أو كما حكم الدولة العثمانية من قبله كثيرون عموماً.

المطالب الستة التي تقدم بها السيد أوجالان ليست حلاً عادلاً للقضية الكوردية ولكنها تفتح ثقباً في جدارٍ ظل متيناً رغم تقديم الكورد لمئات الألوف من الضحايا ودمرت بلادهم وخسروا الكثير في سبيل أن ينتزعوا حريتهم، كما أن ليست هناك ضمانات دولية لهذه الحقوق المطلوبة إن قبل بها السيد أردوغان، فمن يضمن للشعب الكوردي أن لاتأتي حكومة تركية فاشية أو بورجوازية متخلفة كحكومات سليمان ديميري وتانسو جيللر ومسعود يلماز وبولنت أجاويد وسواهم فتعيد حمامة السلام إلى القفص و تسقط كل الأوراق التي في أيادي المطالبين بالسلام والحوار، فيضطر الكورد إلى خوض حروبٍ أخرى أشد دموية وإرهاقاً لهم ولتركيا؟

لابد أن هناك في المعسكرين العمالي الكوردستاني والحكومي التركي جيوب معارضة لهذا التقارب الأوجالاني – الأردوغاني، وهي غير مستعدة للتنازل عما في أياديها من قوة ومناصب ومكاسب وقدرة على التأثير في موازين القوى، ناهيك عن شدة التيار الفاشي التركي الذي يرفض أي اعتراف بالوجود القومي الكوردي في تركيا، والذي يطالب بالتخلص من شخص السيد أوجالان، داخل المعتقل أو خارجه ولايرضى بمنح الشعب الكوردي أي حقوق في إدارة ذاته أو في ممارسة شؤونه الثقافية واللغوية، مقابل وجود شريحةٍ في الصف الكوردي، تعتبر هذه المطالب غير ملائمة لمستوى وحجم القضية الكوردية التي هي قضية شعب ضحى بالكثير من أجل حريته و… استقلاله.

إن تخلص الترك والكورد في شمال كوردستان وتركيا من عقدة “الخصام الأبدي” سيقلب الموازين على الساحة السورية أيضاً، فكما هو معروف  فإن حزب الاتحاد الديموقراطي “الكوردي / الكوردستاني”، الذي يعتبر فرعاً سورياً لحزب العمال الكوردستاني، متهم بتعاونه مع نظام العائلة الأسدية، ليس من قبل الكورد المعارضين لسياساته فحسب وانما من قبل فئات عديدة داخل صفوف المعارضة الوطنية السورية، وإن السيد أوجالان قد دعاه مؤخراً إلى “فك الارتباط” أو “تجميد النشاطات” مع النظام الأسدي أو ما في مضمون ذلك ، وهذا يعتبر بمثابة أمر حزبي من أعلى المناصب، وبحكم اعتزاز حزب الاتحاد الديموقراطي بولائه لقائده السيد عبد الله أوجالان، فإن “فك الارتباط” هذا سيربك النظام السوري وسيغضب الحليف الايراني الذي يجهد بكل ما أوتي من قوى عسكرية واستخباراتية ومالية لابقاء نظام الأسد على قيد الحياة، وهذا التحول في موازين القوى لصالح الدولة التركية المنافسة لايران منذ قرونٍ عديدة عندما كانت تركيا في موقع قيادة العالم الإسلامي، سيؤدي إلى تشنجات داخل حزب العمال وتابعه حزب الاتحاد الديموقراطي لأن ضمنهما عدد لايستهان به من الذين نسجت ايران وسوريا معهم خلال الفترات الماضية علاقات وطيدة، كما أن بين العناصر القيادية في الحراك العمالي عامة من هم “علويون” مناوئون لحزب أردوغان تماماً ولايمكن لهم قبول تحقيق تركيا الأردوغانية أية انتصارات سياسية على حلفهم الطويل الأمد مع سوريا وايران. وهذه حقيقة يجب أن يعترف بها الأوجالانيون، أو على الأقل يثير الأسئلة والظنون حول امكانية أن يكون اغتيال النساء الكورديات الناشطات الثلاثة في باريس مؤخراً على أيدي قتلة مجرمين مدفوع لهم أو عاملين للحلف السوري – الايراني ضمن الحزب العمالي أو من أحزاب مأجورة كالتي تخلصت من قادة الحزب الديموقراطي الكوردستاني – ايران، في حال التأكد من أن الدولة التركية السرية ليست المسؤولة عن اغتيال هذه النساء الناشطات.

إن دعوة السيد أوجالان لحزب الاتحاد الديموقراطي في هذه الفترة بالذات بتجميد نشاطه مع نظام الأسد ستكون له أبعاد عميقة قد تحول المنطقة الكوردية في شمال سوريا إلى بؤرة حريق كبير

هل من خيارات استراتيجية تلائم الواقع الكوردي السوري؟

جان كورد الاثنين،  ‏2013‏-01‏-14

قبل الاجابة عن هكذا سؤال كبير وخطير، يجدر بنا النظر بواقعية وموضوعية إلى الواقع الكوردي السوري والظلال التي يلقيها على جوانب من المعارضة الوطنية السورية والنظام الذي أوشك على الانقراض نتيجة الضربات القاسية المتتالية التي يتعرض لها من قبل الثورة السورية والعزلة الدولية التي يعيشها.

وفي الحقيقة فإن محاولات تقزيم أو انكار هذا الواقع من قبل جهات رفيعة المستوى، سياسية ودينية وقانونية، في كل من المعارضة والنظام على حدٍ سواء، لايستر حقيقة أن الشعب الكوردي يشكل أكبر المكونات القومية في البلاد بعد المكون العربي، وأنه له عمق بشري كبير في عدة دول مجاورة لسوريا، تجاوزت فيها القضية الكوردية مرحلة الانكار والتقزيم، وصارت بعض حكومات تلك الدول رغم طوال أمد سياسات القهر والتمييز بحق الكورد ومحاولات الانتهاء من وجودهم القومي عن طريق الصهر العنصري وتخريب الممتلكات وإزالة القرى والمدن وشن الحروب التي استخدمت فيها سائر أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة المحظورة دوليا أقرب إلى الحل الواقعي، في حين أن هناك فيدرالية كوردستانية شامخة في جزء من كوردستان اليوم 

إن انتشار الكورد على مساحات ومسافات واسعة وطويلة من الشمال الشرقي لسوريا على الحدود العراقية وإلى الشمال الغربي على حدود لواء الاسكندرون، وفي معظم المدن السورية، وبخاصة في حلب ودمشق، رغم كل عمليات التهجير المدبر بخطط عنصرية والاستيطان القسرية التي أسس من خلالها البعثيون الفاشيون أكثر من 40 مستوطنة لعرب “الغمر” في منطقة الجزيرة بهدف اقامة “حزام عربي” يشوه التكوين الديموغرافي للمنطقة، يثبت أن قضية هذا الشعب أكبر وأعظم من كل المحاولات التقزيمية والتشويه السياسي والانكار الدائم، ويجبر السياسي الواقعي السوري، أياً كان موقعه، على التفكير في إيجاد صياغة جادة وملائمة للقضية ومقبولة من قبل ممثلي هذا الشعب وتراكيبه المنظمة حزبياً وسياسياً. وأشد ما يثير لدينا الشفقة على كثيرين من السياسيين والخطباء السوريين، هي مواقفهم المترددة والهزلية والمتناقضة حيال هذه القضية العادلة من كل الوجوه الشرعية والقانون الدولي، فالعديد من هؤلاء الذين يحلمون بقيادة سوريا الحرة الديموقراطية، ومنهم سلسلة عجيبة من القانونيين العمالقة كالأستاذ هيثم المالح والسياسيين المعروفين دولياً كالدكتور برهان غليون ورجال السياسة الشرعية الذين تدين لهم شرائح واسعة من السوريين بالولاء كالأستاذ محمد علي البيانوني، وخطباء دمشق الذين كان يشار إليهم بالبنان كالشيخ معاذ الخطيب وسواهم، من لايقبل إلا بحق “المواطنة” لهذا الشعب كأفراد وليس كجماعة بشرية أو كشعب، ولديهم سوريا “عربية”  منذ أن فتحها عرب الحجاز واستولوا عليها من أيادي الروم وستبقى هكذا إلى أبد الآبدين على الرغم من أن هذه البلاد من ناحية الاسم والتكوين السكاني هي أرض العديد من الجماعات البشرية من العرب وغير العرب، كما كانت عبر التاريخ دائماً. ومنهم من يقبل بأن يكون للكورد حق في إدارة أنفسهم ولكن بلا حكم ذاتي وبلا فيدرالية لأن الحكم الذاتي والفيدرالية في وعيهم ليس إلا تنازلاً عن فكرة التعريب الشامل والأبدي لسوريا، ويبررون ذلك بأن الكورد سينفصلون في حال منحهم أي فرصة لادارة أنفسهم. في حين أن بلداناً عديدة في العالم الديموقراطي وغير الديموقراطي مدينة للنظام الفيدرالي في وحدتها ونمائها وقوتها… والمشكلة التي يعاني منها هؤلاء هي تراجعهم عن تصريحاتهم ووعودهم ومواقفهم بعد كل حديث حول القضية الكوردية ونعود دائماً إلى المربع الأول من الشطرنج السياسي السوري 

وهنا لنقترب خطوة من “الخيار القومي الكوردي” في ظل هذه الحقائق الدامغة والواقع المريرالذي عليه العلاقة الكوردية بالنظام السياسي السوري العام، في السلطة والمعارضة. فالواقع الذي تتفق فيه المعارضة مع عدوه الدود المتمثل في نظام العائالة الأسدية، على أساس أن سوريا للعرب والكورد مواطنون ورعايا “نعطيهم ما نحن العرب نقرره ولانعترف للكورد بما يسميه الناس حق تقرير المصير” فهذا الحق مشروع لكل الشعوب إلا أن الكورد استثناء منه، ففي الحرية والديموقراطية أو في النظام الحالي، العرب هم الذين سيقررون مصير الشعب الكورد عوضاً عنه. وهذا ما يجعل “الديموقراطية السورية” ذات نكهة خاصة وقوام خاص.. أسميها بديموقراطية العرجون القديم 

ولكن رغم هذا التعنت المتخلف عن أفكار ومبادىء الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، لابد أن تكون للكورد “استراتيجية” يبنون عليها سياساتهم الوطنية “السورية” والقومية “الكوردستانية”، وإلا فإنهم بلا هدف ولا منطق سياسي ولا مسار يتلمسه الناس الآخرون. والاستراتيجية الكوردية منذ تكوين التنظيم السياسي الكوردي في سوريا تأخذ في البداية واقع أن كوردستان تم تقسيمها نتيجة معاهدة استعمارية انجلو-فرنسية قذرة، ومن الصعب التخلص من نتائجها السلبية الكارثية عليهم في الوقت الحالي، في حين أن لا أحد يدري ما سيحدث في المستقبل إن نشبت حرب اسرائيلية – ايرانية مثلاً، أو حدثت ثورة شعبية واسعة في ايران، فانهيار نظام الملالي وتقدم المفاوضات بين حكومة أردوغان وغريمها الكوردي وتطور الحراك الكوردي السوري إلى جانب تنامي الانجازات الاقتصادية والسياسية والعسكرية لاقليم جنوب كوردستان يسبب شرخاً كبيراً لسياسات انكار الشعب الكوردي وتضببع حقوقه المشروعة في المستقبل القريب، بما يدفع الأمور إلى اضمحلال أو زوال الحدود بين الأقاليم الكوردستانية، الواحد تلو الآخر من وجهة نظر عملية 

أما اليوم فالمشهد لايزال مشهد التقسيم، وعليه تبني الأحزاب الكوردية سياساتها، مما أفسح المجال للقول بأن الكورد السوريين يسعون – في هذه المرحلة التاريخية –  مثل إخوتهم في جنوب كوردستان (كوردستان العراق!) للتوصل مع  شركائهم في الوطن السوري إلى حل وطني يضمن لهم إدارة أنفسهم “فيدرالياً” كما يضمن وحدة البلاد السورية وقيام السلطة السياسية اللامركزية التي تصون حقوق سائر المكونات القومية والدينية وفي مقدمتها المكون القومي العربي 

لقد وضع المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا في عام 2006 حجر الأساس لهذه الاستراتيجية باقراره  مطلب “فيدرالية قومية” لكوردستان سوريا، بالتضافر مع تنظيمات أخرى كانت تطالب بهذا الحق في مناهجها، وانضمت بسبب هذا الطرح للمجلس، ولكن مع الأيام تبنت أحزاب كوردية / كوردستانية سورية عديدة هذا المطلب، حتى وصل الأمر لتبني هذه الاستراتيجية من قبل “المجلس الوطني الكوردي في سوريا” في مؤتمره الثاني  منذ أيام قلائل. ووحدة الخطاب الكوردي التي ستنجم عن هذا الطرح القومي (الكوردستاني) والوطني (السوري) ستزداد وتتطور، بحيث يمكن القول بأن للكورد “خيار استراتيجي قومي” يتلاءم مع حجم قضيتهم القومية والواقع السوري واحداثيات السياسة الدولية التي لاترى أي تعارض بين تمتع شعب ما بحقه في الفيدرالية وانخراطه في شتى نضالات ونشاطات وفعاليات الوطن المشترك الذي يعيش فيه مع سواه من الشعوب.

نعم، للأمة الكوردية حق الحرية والاستقلال، هذا لايشك فيه كوردي مخلص لأمته، ولكن الظروف الناجمة عن معاهدة سايكس – بيكو الاستعمارية منذ عام 1916 وحتى الآن لاتزال في غير صالح هذه الأمة وتضطر أقاليمها المتجاورة إلى إيجاد استراتيجيات مختلفة لقولبة طموحاتها الخاصة بها، إلا أن هذا يجب أن لايعيق في حالٍ من الأحوال مسار التعاون المشترك، ليس بين الكورد فقط، وإنما بينهم وبين الشعوب التي يعيشون معها في هذه الأقطار، والغبي هو من لاينظر إلى التاريخ المشترك والمصالح المشتركة وضرورات الحضارة والمدنية التي تفرض على كل هذه الشعوب التعاون والتضامن والتكافىء 

ومع الأسف لم يظهر زعيم أو قائد من الشعوب التي تضهد حكوماتها المتتالية أمتنا الكوردية منذ اتفاقية سايكس – بيكو وإلى الآن ليقول للعالم أجمع ولشعوب المنطقة خاصة: “دعوا هذه الأمة المستضعفة تبني نفسها من جديد، لأنها مظلومة ومستضعفة وأنا أحارب ضد الظلم  وأعمل على انهاء وضع التقسيم الاستعماريِ في المنطقة….!!!”

وختاماً، أقول بأن ثمة استراتيجية قيد التكوين في غرب كوردستان، وذلك من خلال توحيد المطلب القومي الكوردي عبر التفاعل الايجابي مع ما ستكون عليه سوريا بعد زوال حكم العائلة الأسدية ونظامها الفاشل من كل النواحي، وأنا شخصياً لا أرى بصيص أمل في معالجة واقعية لقضية الشعب السوري عامة أو الكوردي خاصة في ظل ما تبقى من هشيم هذا النظام 

من أجل بناء اندماجية بارزانية

  جان كورد   kurdistanicom@yahoo.de    https://cankurd.wordpress.com

 Imageالاندماجية حالة من التداخل والتفاعل المؤسساتي بين جمعيات ومنظمات وأحزاب وشخصيات متقاربة فكرياً وهدفياً، والبارزانية هي الفكر أو النهج الذي تسير عليه الاندماجية في تداخلها وتفاعلها وممارساتها وسياساتها. وعليه فإن الحديث عن “البارزانية” دون وجود إناء جامع ومنتظم لها لايفضي إلا إلى مزيد من التسيب واللاعلمية واللامسؤولية التاريخية، وتشبه في هذه الحالة ماء نهر عظيم يتدفق دون الاستفادة المرجوة منه، والاندماجية التي بلا فكر ولانهج يحدد أبعاد مسيرتها ستكون بمثابة تجميع أحجار البناء دون القيام بالبناء ذاته.

ولكن لماذا الاندماجية ولماذا البارزانية؟

لقد جرب الكورد السوريون مختلف صياغات “العمل المشترك” منذ بدء مسيرتهم السياسية لانتزاع حقوقهم القومية والإنسانية المغتصبة فلم يحققوا ما أرادوا تحقيقه لأن قواهم تبعثرت وأوانيهم تكسرت وتبددت طاقاتهم الكبيرة وذهب ريحهم بعد كل محاولة، فشرع البعض ممن ينظرون بعقلانية إلى الأمور وبواقعية في التفكير في تجميع تلك القوى المتقاربة فكرياً بدايةً ومن حيث الأهداف والسياسات والمرجعية القيادية التي يتكئون عليها في أطرهم تلك، كمرحلة ضرورية أولى على طريق “وحدة الصف الوطني”، فوجد هؤلاء بأن ثمة عدد كبير وامكانات لايستهان بها من الشخصيات الكوردستانية والتنظيمات الشبابية والأحزاب السياسية والجمعيات ذات الأهداف الاجتماعية والفنية والثقافية والبيئية، وحتى الكتائب القتالية، المؤمنة بأن مرجعيتها الأولى هي “النهج البارزاني” الذي أسسه عبر الكفاح التحرري الطويل الأمد من خلال العمل الدؤوب قائدهم العريق في التضحية والكفاح، ملا مصطفى البارزاني، الذي يرقد منذ أن خانته القوى العالمية في مقبرة متواضعة على رابية في معقله الأم بارزان، ولكن لايمر يوم إلا ويزورن مرقده المخلصون له وأصدقاء الكورد جماعات وفرادى، تأكيداً منهم على الوفاء لنهجه الوطني الذي لايشوبه غبار واحتراماً وتقديراً لما قدمه لأمته الكوردستانية من خدمات جليلة في حياته المليئة بالانتصارات والهزائم, تلك الحياة التي تحولت إلى أعظم دروس النضال القومي التحرري من بعده.

وظاهر أن فكرة بناء اتحادٍ سياسي ديموقراطي كوردي في غرب كوردستان قد قامت على أساس التقارب الذي تنظر إليه أحزابه (البارتي، يكيتي، آزادي) من حيث ايمانها العميق بضرورة الاستمرار معاً على “نهج البارزاني” وهذا يعني ضرورة التنسيق التام بينه كاتحاد سياسي وبين الإخوة الكوردستانيين من خارج سوريا، الذين يؤمنون أيضاً بهذا النهج ويسعون لديمومته وانعاشه وتقويته كوردستانياً، وفي مقدمتهم الإخوة في الحزب الديموقراطي الكوردستاني الذي يترأسه السيد مسعود البارزاني، رئيس اقليم جنوب كوردستان، الذي تربى في مدرسة هذا النهج منذ نعومة آظافره، ويعتبر من أشدنا ولاءً له. ولكن نرى من بين الكورد أحزاباً وشخصيات تجد هذا الاتحاد السياسي، الطبيعي والواقعي من وجهة نظر ديموقراطية، عملاً غير  مناسب لهذه المرحلة التي تم فيها بناء المجلس الوطني الكوردي الذي من مكوناته هذه الأحزاب المنضمة للاتحاد السياسي أيضاً، وهؤلاء الناقدين يتوزعون على مكونات المجلس المشترك وعلى من اتفقوا مع المجلس على بناء ما اسموه معاً ب”الهيئة الكوردية العليا”.

ولكن هل من المتفق عليه في المجلس وفي الهيئة العليا أن لاتتوحد أحزابهما دون موافقتهما؟ أم أن توحد أو اتحاد بعض هذه الأحزاب يعني أوتوماتيكياً موتهما أو إهمالهما؟ بالطبع لا، وقد يشجع اتحاد بعض هذه التنظيمات سواها (وهي عديدة مع الأسف) فتعلن عن اتحادها أو وحدتها أيضاً، وبذلك تخف أزمة الانشقاقات والانقسامات التي تبدو وكأنها قدر الحركة الكوردية، ولذا فأنا أجد وحدة القوى الكوردية أو اتحاد بعضها أمراً إيجابياً ولايضر بالعمل المشترك المأمول، على الرغم أن كل هذه المخاولات تمت وتتم في عجالة ودون العودة إلى مصدر السلطات الذي هو الشعب الكوردي، بل أفضل شخصياً اندماج تنظيمات هذه الأحزاب، وبخاصة خارج البلاد، لتصبح قوة ضغط على القيادات فتدفع بها صوب مزيدٍ من التفاعل والتداخل والانسجام فيما بينها.

لذا, أدعو سائر الإخوة المؤمنين بضرورة توحيد الفصائل والقوى الكوردية المتقاربة فكراً وممارسة وتركيباً ونهجاً عملياً، وأخص هنا بالذكر تنظيمات الأحزاب التي تعلن بصراحة وفاءها للنهج البارزاني والتي تناضل خارج سوريا الآن أن تتداعى إلى مؤتمر جامع لها لبناء “اندماجية بارزانية” بغض النظر عن ولاءاتها الحزبية، وتضع لنفسها الخطة الضرورية لتوحيد كافة منظمات أحزابها على الصعيد العالمي، شاءت قياداتها في الداخل أم لم تشأ، فالأوضاع المزرية للشعب السوري عامةً والكوردي خاصةً تفرض الحركة صوب التوحد والاندماج لا البقاء في مستنقع الانقسام التعيس. وآمل أن تهرع القيادات المؤمنة ب”النهج البارزاني” إلى دعم هذا الاتجاه لا معارضته، كما آمل من الأحزاب التي لاترى نفسها معنية بهذا الاقتراح أن لاتحارب الفكرة وتعمل هي الأخرى على التوحد أو الاندماج مع سواها من الأحزاب والقوى التي تراها أقرب إليها من هذه الأحزاب والتنظيمات التي نعتبرها أو هي تعتبر نفسها “بارزانية”..

الكورد والاستقلال

  جان كورد   kurdistanicom@yahoo.de    https://cankurd.wordpress.com

 تقع جمهورية ليتوانيا التي عاصمتها (فيلنا) والعضو في الاتحاد الأوروبي منذ عام 2004 , ولاتتجاوز مساحتها الكلية 65.000 كم مربع في أدنى ثلاث جمهوريات تدعى بجمهوريات البلطيق. ولم يكن يزيد عدد مواطنيها في عام 2012 عن  3 مليون نسمة , في حين أن سكان الاستلاند لايزيدون عن المليون ومائتي ألف نسمة وسكان الليتلاند يقاربون المليونين والنصف, وتقع هذه الجمهوريات الصغيرة حجماً من حيث المساحة الجغرافية والتعداد السكاني بين روسيا وبولونيا وروسيا البيضاء, وتحدها جميعاً من الغرب سواحل بحر البلطيق.

ظلت ليتوانيا دولة مستقلة بين عامي 1918 و1940, واستعادت استقلالها في 11 آذار 1990 بصورة رسمية من الاتحاد السوفييتي.

وخلال 50 عام من خضوع الليتوانيين لحكم السوفييت الممتد آنذاك من وسط أوروبا غرباً إلى آخر نقطة في آسيا شرقاً والذي اتسم بالبطش والقمع حيال المناوئين له كان يبدو أنهم سقطوا في أيادي قدر محتوم ومصير هم في الخنوع للأجنبي نهائي, وبخاصة بعد سقوط النازية الهتلرية واقتحام الجنود الروس عاصمة الرايخ الثالث برلين في عام 1945, وظهور الدكتاتور السوفييتي المنتصر جوزيف ستالين كعملاق لايقدر أحد على معارضته.

إلا أن بعض المؤمنين بحق شعبهم في الحرية والاستقلال ظلوا حاملين مشاعل الأمل المتقدة وخاضوا مختلف المعارك السياسية لكي لاتنهار معنويات شعبهم العريق في نزوعه للحرية والاستقلال والذي يمتد تاريخه إلى ما قبل ألفي عام أو أكثر من بدء التقويم الميلادي، وكافح ضد الغزاة والمحتلين الروس والمغول والألمان وسواهم فلايتخلى عن حقه ذاك, مهما كانت التحديات والمصاعب التي تواجههم, ومنها مشكلة هروب شبابهم من البلاد الخاضعة للنظام الشيوعي مقابل تزايد مستمر لنسبة الغرباء من المجموعات القومية الأخرى أو الأقليات التي تشكل 20% من مجموع السكان وهم (روس وبولونيون وروس بيض وأوكرانيون ويهود وألمان). وكان هؤلاء المناضلون الوطنيون يحملون شعارات حرية واستقلال شعبهم, رغم اضمحلال الأمل في صدور أغلبية السياسيين الذين كانوا يمارسون سياساتهم ضمن الاطر المتاحة لهم, كما أن السياسيين “الواقعيين!” ساهموا في تأسيس جمهورية شيوعية في ظل النظام السوفييتي، ومنهم من ساهم في تأليب الليتوانيين على اليهود أثناء الاحتلال النازي، وأدى ذلك إلى تصفيات جسدية واسعة لليهود في بلادهم خدمة للأفكار العنصرية الهتلرية. وكان المؤمنون بحرية واستقلال ليتوانيا يهادنون ساسة بلادهم والشريحة العميلة من المثقفين الذين كانوا على الدوام يبررون ابتعادهم عن المنادين بالحرية والاستقلال بذرائع مبتكرة ومتجددة حسب الظروف التاريخية وحجم التواجد الأجنبي على صدر شعبهم، ولكن هذه المهادنة لم تكن عن قناعة بصحة الخطوط “الواقعية!” وانما عن إيمان بأن المؤمنين باستقلال ليتوانيا يريدون مواجهة مستعمري بلادهم فقط, وليس من يتبعهم من أبناء وبنات جلدتهم, فالشعب الليتواني سيتخلص من تبعيتهم تلك بأسلوب رائع حال حصوله على استقلاله ومنذ اليول الأول الذي يرفرف فيه علم الحرية فوق رؤوسهم.

عندما نقارن وضع الشعب الليتواني والشعبين الآخرين من شعوب البلطيق التي كافحت دون تردد من أجل حريتها واستقلالها,  بوضع الشعب الكوردي, من حيث الحجم الديموغرافي والمساحة الجغرافية لوطنه كوردستان, أو من حيث الامكانات والطاقات العظيمة التي يمتلكها, سنلاحظ ضعفاً كبيراً لدى الكورد في سياستهم حيال الهدف المشترك لهم, والتبرير الوحيد لهذا الضعف هو انقسامهم على عدة أقاليم, دون السعي من أجل تخفيف ذلك التقسيم الذي يبدو وكأنه جغرافياً لبعض الشهور فقط من العام, حيث كوردستان بلاد جبلية, يمكن فيها للمقاتلين عبور الحدود المصطنعة بسهولة معظم شهور الخريف والشتاء وبعض الربيع ايضاً, وهذا ما حدث باستمرار عبر التاريخ ولم يتوقف, ولاتزال قوى كوردية من هذا الاقليم متواجدة في ذلك الاقليم, ولكن مطالب القوى الكوردية مختلفة, متفاوتة ومتعارضة أحياناً مع الأسف.

إن إرادة الشعب الليتواني هي التي أمدته بسائر أسباب القوة, والايمان السائد لدى مختلف شرائح مناضليه الوطنيين بأن لشعبهم الحق في الحرية والاستقلال, هو الذي جعلهم متوحدين وأشداء, وهذا يذكرنا بمناضلي الشعب السكوتلاندي أيضاً في شمال بريطانيا, إذ قلما تجد مناضلاً قومياً سكوتلاندياً يرضى بهدف أدنى من هدف الاستقلال, متديناً كان أو علمانياً, إلا أن غالبية سياسيي الشعب الكوردي قد تخلت تماماً عن هدف استقلال كوردستان منذ انهيار ثورة خويبون في بدايات الثلاثينيات من القرن الماضي, والذين حملوا الراية بعد نصف قرن من نشوء تلك الحرية العظيمة تخلوا أيضاً عن هدف الاستقلال الكوردي وراحوا يدافعون عن وحدة واستقلال الدول التي تقتسم أرض وطنهم كوردستان. وهناك باستمرار عشرات الذرائع التي يتمترسون خلفها, ومنهم – مع الأسف – عديد من السياسيين الكوردستانيين المشهورين ممن يعتبر التفكير في استقلال كوردستان وتحرير الكورد مجرد “حلم”, بل مثار سخرية سوداء. فكيف يمكن تحريك أمة صوب الاستقلال خارت إرادة الحرية في رؤوس قادته وسياسييها ومحاربيها. وهناك من شطب في برنامج حزبه على وجود جزء من كوردستان (أكبر من ليتوانيا مساة وتعداداً سكانيا) لأسباب تكتيكية وعلاقات اقليمية, فاعتبر ذلك من قبل آخرين من السياسيين الواقعيين ومن لف لفهم ذكاءً سياسياً وليس “خيانة قومية”. ولدينا أكثر من حزب كوردستاني واحد كأمثلة على ما نقول.

وعليه, يمكن القول بأن لهشاشة وتباطىء الاندفاع الكوردي نحو هدف الاستقلال وتوحيد الأمة الكوردية سببان, هما:

– الانقسام الذاتي الناجم عن تقسيم كوردستان تاريخياً والظروف الناجمة عنها على مختلف المستويات السياسية والثقافية والاقتصادية والقتالية, والذي يؤدي مع الأسف إلى التعريب والتفريس والتتريك (الذاتي) في الوقت الحالي, حيث صار الدفاع عن رايات وجيوش ولغات وشعارات وسياسات الدول التي تقتسم بلاد الكورد واجباً (وطنياً وقومياً) لبعض التيارات والأحزاب والشخصيات والاعلاميات الكوردية, وتعبق به نشريات وأدبيات ومقالات وأشعار الكثيرين من مثقفي الكورد.

– انطفاء ارادة الحرية والاستقلال بشكل شبه أكيد لدى مناضلي الشعب الكوردي, لدرجة أن الحديث عن حرية واستقلال الكورد في مناسبة عامة صار يعتبر نوعاً من الهلوسة والهروب إلى الأمام ومضيعة الوقت وتفتيت القوى “الوطنية” وانتهازية وتحريفية لبعض من يريدون ضرب الحركة الوطنية من الداخل باسم الكورد وكوردستان… وقد يأتي يوم يمسك به البعض من الواقعيين بأعناق المطالبين بتحقيق حلم حرية واستقلال الكورد وتسليمهم إلى محاكم التفتيش “الوطنية” ومحاسبتهم على جريمة الخيانة الوطنية للشعب الكوردي, في حين قيام البعض الآخر بتزيين صدور من خانوا الأمة الكوردية بأوسمة الشرف الوطني والدفاع عن الأمة الكوردية…وفي هذا يكمن الفارق بين ليتوانيا المستقلة وكوردستان غير المستقلة… والتاريخ يكتب الوقائع والحقائق بدقة كل ساعة.

الكورد والحرية

جان كورد   kurdistanicom@yahoo.de    https://cankurd.wordpress.com

قال الفيلسوف الصيني الشهير كونفوشيوس قبل قرونٍ عديدة بأن على المرء توضيح  المصطلحات السياسية التي يستخدمها حتى لايفهمه الناس خطأ… وأحد المصطلحات التي نسمعها كل يوم من السياسيين والمثقفين هو “الحرية”، وما أكثر الأكراد الذين يتحدثون عن الحرية ويحلمون بها ومنهم فئة تزعم أنها من أهم الفصائل التي تكافح من اجل الحرية وتقدم شباب الكورد قرابين لها، والبعض من هذه الفئة يقف عاجزاً عن الرد والتوضيح فيما إذا سألته هذا السؤال البسيط:” وماذا تقصد أو تفهم من مصطلح الحرية يا سيدي؟” وهذا الارتباك لدى الجواب لاتراه  لدى بسطاء الناس وإنما لدى الكثيرين من طلاب “مدارس الحرية!” التي “تخرج  الكوادر المكافحة من أجل الحرية…!!!” فما هي الحرية؟ هل هي بضاعة نسعى لكسبها من الأسواق؟ أم أنها لذة من الملذات التي نحلم بممارستها؟ أم هي هدف وطني عام؟ أم أنها ضرورة حياتية لكل مخلوق أرضي؟

البعض منا يفهم من النضال في سبيل الحرية انتزاع الحق الوطني أو القومي من العنصريين الشوفينيين، والبعض يفهم من ذلك الوصول شخصياً إلى الممنوع بشتى أنواعه، والتصرف كما يشاء وكما يحلو له اجتماعياً، وإطلاق ما يشعر به في قلبه من ألفاظ ومواقف ومشاعر، دونما خوف من المجتمع الذي يعيش فيه… وفي الحقيقة، لم أجد فارقاً كبيراً بين أشد الدول رجعية وأشدها تقدماً من حيث كثرة القوانين المانعة والتحذيرات من ارتكاب المخالفات وتجاوز الممنوعات، ولكن هناك فوارق في نوعية الممنوعات وأولويات المحرمات المجتمعية، وذلك لأسباب عقيدية أو اجتماعية – اقتصادية، وبسبب الفوارق في التقدم على سلم المدنية والعصرنة، فما يكون في هذا المجتمع من المحرمات ربما يكون في مجتمعٍ آخر حلالاً، وما تجده هنا عيباً ربما تجده هناك مرغوباً أو اعتيادياً. وهنا تختلف النظرة الفردية لك أو العامة حسب الانتماء أو الشعور بأنك من هذا المجتمع أو ذاك. بل إن البعض يحاول استغلال تواجده هنا وهناك للقيام بتصرفٍ ما، ربما يكون طبيعياً في هذه البقعة من الأرض وغير مستساغ في بقعة أخرى، ومثالنا على ذلك هو اقدام بعض الأوربيين على التعري كليةً لدى قضائهم العطلة الصيفية على ساحلٍ من السواحل الأفريقية أو في جزيرة من الجزر الأطلسية، في حين عدم قيامهم بممارسة تلك الحرية في بلادهم إلا في المسابح، على الرغم من أن حريتهم مكفولة بصدد ذلك في ديارهم أيضاً. وهنا نلاحظ تمتعاً أقل بذات الحرية، مقابل تمادي في ممارسة الحق في الحرية هناك.

عاش الكوردي تاريخياً في بيئة مغلقة اجتماعياً، تم فيها تقييد معظم الحريات بذريعة أن الدين لايسمح بها على الرغم من أن الأصل في الدين هو الحرية والمسموح والمباح، وغير المسموح أو غير المباح قليل ومحدود، كما أن التراكمات الاجتماعية للمجتمع الكوردي العشائري – الاقطاعي قد كرست أو أنتجت ثقافةً معينة أو تصوراتٍ محددة عن “الحرية”، لاتتعدى النضال من أجل خلاص الشعب المظلوم من عبودية المستعمرين، أما الحريات الشخصية فستبقى بعد انتزاع الحرية القومية أو الوطنية كما هي في إطارٍ ضيقٍ نسبياً، لأن مفهوم “الحرية” مختلف عما هو عليه في المجتمعات الأوروبية مثلاً. ولقد تأثرت الأحزاب السياسية الكوردية بمفاهيم المجتمع الكوردي الكلاسيكي ولذلك وضعت “حرية الوطن” في مقدمة أولويات المطالب التي نصت عليها برامجها وأهملت موضوع “الحرية الشخصية” بشكل واضح، حتى أن البعض من أحزابنا مارست قمعاً وسياسة شمولية بحق أعضائها الذين وضعوا التمتع بحرياتهم الشخصية في أولويات حياتهم اليومية، واعتبرتهم فاسدين لايصلحون للحياة السياسية السليمة، أو اعتبرتهم مرضى النفوس، ضعاف القلوب، وغير جادين أو غير صالحين. ومن الأحزاب من منع عن أعضائه حتى حق التمتع ب”حرية الرأي الشخصي” واعتبرته إخلالاً بالولاء للقيادة أو الزعيم أو الالتزام بالقضية الأساسية وبالحزب الذي يناضل لها، لذا يجدر بنا هنا ذكر ما قاله ثاني الخلفاء المسلمين، عمر بن الخطاب (رض)، بهذا الصدد، حيث قال قبل قرون عديدة من تأسيس هذه الأحزاب المناضلة من أجل الحرية:”متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟” فركز في قوله على حرية الناس أي الأفراد وليس على حرية الوطن أو الديار أو المملكة أو الزعيم أو الحزب.

مصاب الكورد جليل لأنهم يعلمون جيداً خطورة الأوضاع التي يعيشون فيها، إذ يطلب منهم باسم المصلحة القومية أو الحزبية أو باسم الزعيم الذي يعتبر في أغلب الأحوال “معصوماً” أن يضغط على مشاعره الشخصية ورغبته في التمتع بحرياته الفردية، ويكف عن النقد الذي يوجهه للرؤساء ومن يليهم في المناصب الحزبية، بذريعة أن الوقت ليس وقت “الثرثرة” وإنما الالتزام بالنهج الحزبي ودعمه والتستر على أخطاء الحزب الفاحشة، فالقضية “قومية” و”وطنية” وليست “شخصية” أو “إنسانية”…

وهنا أتذكر قول سياسي ديموقراطي كوردي لي عاش لأكثر من عقدين من الزمان في دولة ديموقراطية اسكندنافية, في مؤتمر (هه ولير) الشهير للجالية الكوردية من خارج الوطن، جواباً على سؤالٍ مني، وجدته هاماً وضرورياً طرحه. حيث قال بصوت عالٍ من على منصة النقاش أمام ذلك الحشد الكبير من الديموقراطيين وغير الديموقراطيين:“أنا غير مستعد للاجابة عن سؤالك أصلاً!”. أو ذلك “الديموقراطي” الشهير الذي يقود حزباً “ديموقراطياً” قال بصراحة لصديقٍ لي إنه لايقبل أن أنتقد حزبه على الدوام، وهناك أمثلة وأمثلة أخرى مع الأسف. فكما يبدو إن النقد حتى ولو كان جاداً وصادقاً غير مستساغ أو مقبول ديموقراطياً بين كثيرين من الكورد.

ولذا، علينا التأكد من أننا نستخدم المصطلحات السياسية بشكل صحيح ودقيق، ومنها مصطلحا الحرية والديموقراطية كذلك. فهل يكفي النضال من أجل حرية القوم أو الوطن دون النضال من أجل حرية الإنسان وصون حقه في الحرية ديموقراطياً؟

آمل أن يبين لنا زعماؤنا الكورد حدود “الحرية والديموقراطية” من وجهة نظر الأحزاب والزعامات، ويحددوا إطار المسموح لنا نحن الناس في الشارع الوطني، حتى نتأكد من أنهم لايقودوننا إلى المهالك الشمولية في ظل شعاراتهم المغرية وأسماء أحزابهم المزركشة بالحرية والديموقراطية والحقوق….

الكورد والعمل المشترك

 جان كورد   kurdistanicom@yahoo.de    https://cankurd.wordpress.com

 03‏ كانون الثاني‏، 2013

 يعلم الجميع بأن لا أحد يستطيع تحقيق أهداف الشعب الكوردي بقوى وطاقات جماعته أو عشيرته أو حزبه دون طاقات الآخرين، ولذا لايمكن الهروب أو التهرب من واجب تجميع القوى المختلفة والمتنافسة المتواجدة على الساحة الوطنية على أمل امتلاك أسباب القوة وبناء ما يلزم من أعمدة البناء الضرورية لانجاز  المهام التي تقع  على عاتق الحركة السياسية… ولكن لايمكن في الوقت ذاته تجميع المتناقضات أو المتناقضين في الأفكار الأساسية المتعلقة بالقضية الوطنية وأسس العمل الوطني المشترك وغض النظر عن تلك التناقضات واعتبارها غير موجودة أصلاً، هذه الأسس التي بدونها لايمكن الحديث عن المشاريع المشتركة أصلاً… وهذا هو السبب الأهم في فشل ما قام به الكورد السوريون حتى اليوم من أعمال سياسية مشتركة، رغم محاولاتهم المستمرة لوأد خلافاتهم وتوحيد صفوفهم وترتيب بيتهم المتداعي من كل جوانبه وأنحائه، فالعمل المشترك له أسس وشروط وظروف وركائز، ولايكفي لذلك مجرد قول بعضهم في الملمات:”عفا الله عما سلف. تعالوا لنعمل معاً بعد الآن!!!”

 جماعتان سياسيتان، تفترقان عن بعضهما بعضاً بذريعة أن سبب الانشقاق هو وقوع هذا الزعيم أو ذاك في جريمة “الخيانة الحزبية” وهي أشنع وأبشع في نظر الحزبيين من “الخيانة الزوجية” ضمن العائلة الواحدة. وتتوالى الاتهامات المتبادلة بين الطرفين ويأخذ الانشقاق أبعاداً خطيرة في الشارع السياسي، حتى تتحول الجماعتان إلى حزبين متنافسين، يخوضان ضد بعضهما البعض حرب “داعس والغبراء” سياسياً وإعلامياً، وفجأة يسمع الشارع الكوردي أنباءً عن قيام تحالفٍ سياسي أو جبهة سياسية بين هذين الحزبين، وكأن شيئاً تعارضياً لم يكن بينهما، وتعود مياه العلاقات بينهما إلى جريان طبيعي وسلس، إلى أن يظهر منشق جديد في التحالف أو الجبهة، وينفرط العقد بين “المتحابين في الله وفي القضية” وتبدأ الحرب الكلامية “الأحمدسعيدية” التي تقود إلى خصومات جادة، مبررة مرة أخرى بتهم خطيرة….و…و…

في هكذا وضع يشعر الشارع الكوردي بأنه انخدع بشعارات “العمل المشترك!” و”الحرص على الوحدة القومية!!” ويسارع الشعب في الابتعاد عن الحزبين بعد أن كان فتوره السياسي عنهما قبل تلك المحاولة الوحدوية المضنية بطيئاً وتدريجياً، وذلك لأن القضية العادلة له هي التي تتلقى اللكمات والصفعات والنتائج السلبية قبل الحركة ورموزها. ومع ذلك يبدو المشهد في هذه الحالة  في درجاتٍ غير مرعبة من البؤس والاحباط بين الشعب الكوردي.

 أما إذا كانت لدينا أحزاب تتداعى إلى الاتحاد الشكلي والتقارب المخادع وبناء مؤسسة قومية عليا تكون بمثابة قناعٍ لها، وكانت قبل ذلك في حالة مزرية من عدم الاعتراف ببعضها البعض، وتنصب لقادة منها الأفخاخ لاصطيادهم، بهدف ممارسة الضغوط المختلفة عليهم، أو أن بعضها يجد نفسه طليعة لشعبه ويرى الآخرين توابع لاحول ولاقوة لهم، وكلما سعوا لتبديد تلك الصورة الخاطئة تم اشهار السيوف أمام عيونهم، وقضي على من اعتبروه خطراً عليهم ثم مشوا في جنازته، أو أن سواهم لايزال مقاتلاً أو شبيحاً وفياً للنظام وحربه ليست على قاتل أطفال سوريا وانما على أعدائه في خارج سوريا، فإن مجرد التفكير والمحاولة لكسب الشعب الكوردي يعتبر إلهاءً للناس ومضيعة للوقت وهروباً نحو الأمام, فهنا يوجد تناقض أساسي و”ضحك على الذقون” و”استغباء للشعب” الذي يعلم إلى أين تجري الساقية. فمثل هذا العمل ليس عملاً مشتركاً من حيث المضمون والهدف، وإنما إخفاء جمرات النار المتقدة تحت بساطٍ قشيب، سرعان ما تلتهمها النار التي لم تطفىء بعد.

 فهل مارست أحزابنا المتفقة على “العمل المشترك” أي نقدٍ ذاتي لنفسها وسياساتها التي انتهجتها ضد بعضها البعض قبل إقدامها على توقيع ما تعزم العمل بموجبه بشراكة وتآخٍ قومي ووطني، وهل غيرت بعض الأحزاب نظراتها إلى الأعداء والأصدقاء بمجرد الشروع في “العمل المشترك!”، وهل بدأ بعضها باعتبار نفسه مجرد تنظيم سياسي من تنظيمات الشعب الكوردي، ولم يستمرفي اعتبار نفسه “مختار الضيغة” و”قبضاي الحارة!”… ؟ مادامت محاولات التقارب لم تبدأ بأي نقد ذاتي يتلمسه الشعب الكوردي ولم يتخل بعضهم عن ممارسة سياسته التي سبقت مشروع العمل المشترك، وبخاصة حيال ما يجري من أحداث فظيعة ورهيبة على الساحة الوطنية السورية، فأنا لا أرى أي أمل في هذا المشروع، بل أجده واهياً ومؤقتاً وغير قادر على وضع اللبنات الضرورية للحياة السياسبة المشتركة بين الشعب الكوردي، وهو مشروع في خدمة الطرف القوي على حساب الطرف الضعيف، ولايشكل خطوة حقيقية باتجاه الاتحاد الكوردي الضروري، وستكون لانتكاسته آثار سلبية ونتائج ضارة لشعبنا الكوردي وقضيته العادلة…

 هذا هو رأيي الشخصي على كل حال ولربما يكون هناك متفائلون يعتقدون بأن آمالهم في الاتحاد والتقارب الوطني الكوردي قد تحققت… والمستقبل سيظهر ما هو صائب وما هو خاطىء…