من يمنع الكورد عن إعلان استقلالهم؟

((العراق الذي كنا نعرفه قد انتهى، وما علينا سوى إنشاء ثلاثة أقاليم، شيعي وسني وكوردي في مكانه))

 (الجنرال الأمريكي المتقاعد جى غارنر -76 عاماً – الذي تولى الأمور في العراق على أثر سقوط نظام صدام حسين في عام 2003)

          هذه هي المرّة الثانية التي يتعرّض الكورد، في إقليم جنوب كوردستان، في أقل من 30 سنة، إلى محاولات إبادة بالجملة، على أيادي عنصريين عرب سابقاً واليوم على أيادي متطرفين عرب يتبعهم سيلٌ من عناصر منتمية لسائر الأمم والأقوام، مرّةً باسم “العروبة” ومرّةً باسم “الإسلام”، وكأن الكورد بالنسبة إليهم “يهود” أو حقل تجارب بالسلاح الكيميائي أو أنهم مرتدون عن الدين، يحل لمن شاء أن يقتلهم ويذبحهم ويحرقهم ويسبي نساءهم ويختطف أطفالهم، وعلى الرغم من ذلك يمدّ قادة الكورد وزعماءهم أياديهم للسلام وينادون قادة وزعماء العرب ب”الإخوة”، بل يساهمون بقوة وحماس في بناء “العراق المشترك”، عوضاً عن “كوردستان المشترك 

فيما إذا تمكنوا منهم، مثلما فعلوا بالكورد اليزيديين  وبالمسيحيين  في هذه الأيام العصيبة، فالكورد لا حق لهم سوى أن يكونوا عبيداً في دولة بني أمية أو بني العباس، والتقتيل

 إن الغزاة الطامحين في بترول ومياه ومصايف وخيرات كوردستان، ولا يعترفون أصلاً بوجود شعبٍ كوردي له الحق في الحرية والحياة، لن يتوانوا عن ذبح قياداتنا وعلمائنا وشبابنا

والذبح “شرعاً” بالجملة ما لم يقبلوا بسيادة الدولة العربية واللغة العربية  والقوم العربي  ولم يبايعوا “خليفةً” من أصل عربي، لذا لا يهم إن طالب زعماؤنا وأولياء أمورنا بالحكم الذاتي أو الفيدرالية أو الدولة المستقلة، فمصير الكورد كمصير الغنم إلى المقصلة… وهذه هي الحقيقة عارية ومفضوحة

          إن المطلعين على الإعلام العالمي يلاحظون أن موضوع “استقلال الكورد” بات من الموضوعات الهامة واليومية على ألسنة الخبراء والسياسيين وحتى العسكريين، في مختلف أنحاء العالم الحر الديموقراطي، ومن الصحف الأوربية من يقول بأن أوان إعلان هذه الدولة الكوردية قد حان، وهناك من الخبراء من يلوم دولته ودول العالم الحر بسبب تركيزها باستمرار على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وإهمال ذلك كلياً عندما يتعلّق الأمر بالكورد

          ومما زاد في هذا الحديث سخونةً وإثارةً هي الأحداث الدموية التي جرت مؤخراً في جنوب كوردستان، ومنها “الجينوسايد” الذي قام به ولايزال يقوم به تنظيم داعش الإرهابي الإجرامي ضد الأقلية اليزيدية التي تعيش في منطقة جبل شنكال في شمال غرب الإقليم، هذه الحملة التي لقيت شجباً واستنكاراً في العالم أجمع، وسكت معظم الإعلام العربي كما سكتت السياسة العربية عنها، وكأنها متفقة ضمناً مع داعش في موضوع “إبادة الكورد” ذبحاً أو تقتيلاً أو عن طريق السلاح الكيميائي كما قام به من قبل “المجاهد الأكبر!” صدام حسين الذي قتل من العراقيين عامةً ومن الكورد خاصة ما سيكون وصمة عارٍعلى جبين العرب المؤيدين له قروناً من الزمن

          هذا الضجيج الإعلامي عن الدولة الكوردية في العالم الحر الديموقراطي قد يصمت فجأةً، ولكنه سيترك بصماته على ما يلي هذه الأحداث الكبيرة، والسياسة في الدول المتقدمة متأثرة بالإعلام إلى حدٍ كبير، أما السياسة العربية فسكوتها وعدم سكوتها سيان، حيث لا تؤثر بشكل فعّال في شيءٍ مما يجري على ساحات السياسة الإقليمية والدولية إلا في حيّزٍ محدود وضيّق جداً، وقد رأينا خيبة هذه السياسة في موضوع غزّة الفلسطيني لأكثر من مرّة وفي أكثر من حرب إسرائيلية – فلسطينية.

                                             بالنسبة إلى تركيا، الدولة الأكثر عداءً تاريخياً لفكرة الدولة الكوردية المستقلة، فإن استقلال جنوب كوردستان قد يعود عليها بفوائد جمة، اقتصادية بالدرجة الأولى، وسياسية ثانيةً، لأن جنوب كوردستان سيكون حيزاً فاصلاً بين العراق الشيعي الذي تنشر فيه إيران بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ أفكارها التوسعية ونسختها الإسلامية المرفوضة جملةً وتفصيلاً في تركيا، ومنذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في أنقره والعلاقات جيدة بين تركيا والعالم الإسلامي عامةً والعالم العربي خاصةَ وكذلك مع إقليم جنوب كوردستان في تطوّر مذهل، وبخاصة بعد أن اتفق الطرفان على شحن البترول الكوردي عن طريق ميناء جيهان التركي على البحر الأبيض المتوسط، وهذا ما سيأتي لتركيا بحصةٍ يسيل لها اللعاب من واردات النفط ومن النفط ذاته. وكذلك بعد أن لعب قادة جنوب كوردستان،  وفي مقدمتهم الأخ مسعود البارزاني رئيس الإقليم ورئيس جمهورية العراق السابق السيد جلال الطالباني ورئيس حكومة إقليم كوردستان الأخ نيجيرفان البارزاني من دورٍ هامٍ للغاية في سبيل تحقيق سلامٍ في تركيا بين حزب العمال الكوردستاني وحكومة السيد  رجب طيب أردوغان في السنوات الماضية، وسيتابع الإقليم لعب دوره في هذا المجال إلى أن تتحقق للكورد في شمال كوردستان الفرصة الكاملة للحصول على حقوقهم التي يرونها مشروعة ويطالبون بها، أي أن دولةً كوردية مستقلة في جنوب كوردستان ستكون من نواحٍ عديدة متطابقة مع الأهداف العامة لسياسة حزب العدالة والتنمية وليس ضدها كما يظن البعض

          بالنسبة إلى سوريا التي وقفت حكوماتها المتتالية إلى جانب الحكومات العراقية ضد كفاح الشعب الكوردي في مراحل عديدة وساندته عندما لمست الأخطار من جانب نظام صدام حسين على نفسها، كما حدث بعد انهيار الثورة الكوردية في عام 1975، فإنها لا تستطيع أن تلعب دوراً مباشراً في أي عمل عدواني ضد شعبنا وقواه السياسية والعسكرية في جنوب كوردستان، إلا أنها تستطيع تخريب الصفوف الكوردية وشراء الذمم وإفساد الخطط القومية الكوردية من خلال تسخير عملائها ضمن قوى شعبنا مع الأسف – وهذا ما تقوم به أجهزة مخابرات النظام الأسدي – وحيث أن النظام السوري صار تابعاً  للنظام الإيراني المستبد والطائفي فإنه قادر بدعمه العسكري والاستخباراتي على بناء قوى مقاتلة  تهاجم الشعب الكوردي وبيشمركة كوردستان بهدف إعاقة وعرقلة المسيرة صوب استقلال جنوب كوردستان          ولا حاجة للحديث مطولاً عن خطورة التدخل الإيراني في المشرق العربي برمته ومحاولاته الحثيثة لتشييع المنطقة بأسرها وتسخير نظام الملالي لأموال كثيرةٍ  وإعلامٍ عنكبوتي واستخباراتٍ عديدة وتمويلٍ لمنظماتٍ إرهابية تحت أسماءً مختلفة تجذب الشباب المسلم وتدرّبه وتجنّده لغايات ملالي إيران التوسعية والطائفية، ومنها عملية تدمير مئات المساجد السنية في العراق وسوريا معروفة لتحلّ مكانها في المستقبل القريب “حسينيات” يتم فيها لعن أصحاب الرسول الأكرم (ص) وتبرير الذبح والتقتيل باسم الدين الحنيف الذي تؤمن به الغالبية من شعوب المنطقة برمتها، ومنها شعبنا الكوردي أيضاً.  ولذا لا يمكن أن يبقى جنوب كوردستان خارج نطاق الاستراتيجية التوسعية الإيرانية التي تحتاج إلى البترول الكوردي وشباب الكورد للحروب باستمرار، وعليه فإنني أحذّر من خطورة إيران وتابعها السوري  وتابعي التابع السوري من منظماتٍ متطرفة وخطيرة على مشروع “استقلال جنوب كوردستان”، الذي هو واقع و” قيد التنفيذ” على الأرض، حيث البيشمركه يغرسون علم كوردستان على التلال والمباني التي يحررونها من قتلة داعش الإرهابي بتضحياتهم وبسالتهم، ويقودهم القائد الشجاع والواقعي مسعود البارزاني الذي خدم كل سنوات شبابه بين صفوفهم وأحبّهم مثل أولاده وإخوته

إن على الكورد الاستمرار في بناء قواهم لأن الخطر عليهم كبير ويتخذ أسماء وذرائع وأشكال عديدة، ولا ينفع تنازلهم أو تكاسلهم أو تراجعهم، فأعداؤهم غليظو القلوب لا يرحمون  ويستغلون الدين كما يحلو لهم ولا يعترفون بأي حق للكورد سوى التبعية والعبودية. وهذه الحقائق يجب عرضها باستمرار على شعبنا الذي هو الضحية في النهاية                                                                                                                  

ليس للكورد إلا الكورد

                   شهيدٌ بدرعا ينادي بنا              هلموا  هلموا ليوم الغضب

           فنحن فتحنا طريق العلا               تسير عليها دمشق وحلب

    صلاح الدين نادى بأكراده      إلى الساحِ هيّا لدعم العرب

أتذكّر أن بعض الإخوة العرب السوريين سألوا على البالتوك عن رأيي وعن موقف الكورد تجاه الثورة السورية المسلحة التي اندلعت في محافظة درعا على أثر قيام أزلام النظام بتعذيب فتيانٍ في عمر الورود حتى الموت والتمثيل بأجسادهم، فقرأت عليهم هذه الأبيات في ارتجالٍ وكرد فعلٍ طبيعي من  رجلٍ يتألم لقتل عصفور صغير، ولأنه على علمٍ تام بأن شعبه الكوردي سيقف مع الأحرار السوريين لحبه للحرية واستعداده للتضحية من أجلها مثلما فعل طوال تاريخه ولأن الكورد لا يتحمّلون رؤية أو سماع الأذية والظلم ويثورون عليه أينما كانوا، كما أن الكورد سيدعمون كفاح إخوتهم وجيرانهم العرب، مثلما فعلوا عبر التاريخ ولفتراتٍ طويلة من الزمن،  كما أبدت نساء الكورد أيضاً حماساً وصبراً في قتال الصليبيين والتتار على حدٍ سواء، مثلما فعلت ملكة حلب الكوردية (ضيفة خانم) من العائلة الأيوبية لمدة ست سنوات بشهامة وجرأة، ولكن ليس هناك في حلب حتى الآن شارع صغير يتذكر به الناس اسم هذه المرأة العظيمة

لقد قرأت هذه الكلمات أعلاه على الإخوة الذين سألوني عن رأيي، ولا أدري ما موقفهم الآن وهم يرون ويسمعون كيف أن عرباً يحملون راية (لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله)  ومعهم أتباع من شتى الملل والبلدان لا يهاجمون قلاع الطاغية الأسد وإنما يهاجمون بلاد الكورد يغتصبون وينهبون ويدمرون ويذبحون، وكأن المغول أو التتار قد  زحفوا على كوردستان من جديد… لا أدري بماذا يفكّر أولئك الشباب الذين آمنوا بالحرية لشعبهم السوري وهم يجدون الآن ما يجري لشعبنا الذي يتعرّض لثاني كارثةٍ رهيبة، بعد ما حدث في عام 1988 في مدينة حلبجة المؤمنة بالوحدانية والإسلام، والآن في جبل شنكال، حيث عشرات الألوف من النساء والأطفال والشيوخ يهربون إلى القمم التي ليس فيها طعام أو ماء، خوفاً من أن يتم ذبحهم وإطلاق الرصاص على رؤوسهم أو جر أخواتهم وبناتهم وأمهاتهم للمعتقلات والسبي والبيع في أسواق الموصل وتلعفر… وهذه المرة لأنهم على دينٍ آخرٍ غير الإسلام… ولكن في الحالتين هم كوردٌ مؤمنون بالواحد الأحد

يا ترى هل هؤلاء الذين سألوني عن موقف الكورد تجاه الثورة السورية يقفون اليوم مع الجلاد هذه المرّة أيضاً، مثلما أيدوا صدام حسين البعثي، حارس البوابة الشرقية للأمة العربية، والمجاهد الأكبر، والقائد العام للقوات المسلحة، الذي وجدوه مختفياً في جحر ضب، بعد أن  رمى عن نفسه بذلته العسكرية الشهيرة، هارباً من خندق القتال، كأي جندي صغيرٍ وضعيف، مفضلاً المهانة والمذلة على الشهادة في سبيل وطنه وشعبه…؟ ومن ثم ليظهر أمام المحكمة والقرآن الكريم في يده وكأنه فعلاً مجاهدٌ عظيم وهو الذي تصرّف كالفأر الذي يلجأ للجحور عندما يسمع قرقعة قريبة…  فهل إسلاميو البالتوكات الذين سمعناهم ينادون ضد الظلم والعدوان سيؤيدون  زبانية داعش الذين يعتقدون أنهم سيعيدون مجد العرب والإسلام على أنقاض كوردستان وأجساد الكورد المذبوحين والمقتولين؟  أم سيقولون كلمة الحق علانيةّ ويدينون هذه الهجمات الغادرة والعدوانية على شعبنا الآمن؟                                                                                                     

لقد عاقب صدام حسين مدينة حلبجة  لأن الشعب الكوردي ساند قضيته القومية الوطنية وطالب بالحرية في بلاد الرافدين، عوضاً عن الدكتاتورية المقيتة لنظام البعث الدموي العنصري، ولكن لماذا عقاب ما يسمى ب”دولة الخلافة” للشعب الكوردي هذه المرة؟ وقد أعلن قادة الشعب الكورد مراراً وتكراراً بأنهم لا ولن يتدخلوا في شؤونها ولن يحاربوها ولن يتفقوا مع الهالكي الطائفي ضدها، والتزموا بأقوالهم، منذ بدايات الفتنة الطائفية بين المكونين العربي السني والعربي الشيعي، بل حاول الكورد التقريب بين السياسات المتنازعة وبين الطوائف المختلفة على الدوام، ولعبوا دوراً متوازناً بين السنة والشيعة باستمرار، وجعلوا من كوردستان ملاذاً آمناً لكل من يلجأ إليها طالباً الحماية والعون على البقاء والعيش في الحرية

فلماذا هذا الغدر وسفك دماء من لم يحمل السلاح في وجه هؤلاء المعتدين وسوق مئات النساء لبيعهن واغتصابهن كسبايا الحروب الفرعونية والرومانية باسم الإسلام وتحت راية الرسول الأكرم (ص)؟  

الأهم الذي نسأله هنا هو كالتالي

ما موقف الحركات الإسلامية التي تقول بأنها ترفض العدوان وترد الظلم وتؤمن بالاتفاق بين المذاهب والطوائف…؟ وهل هناك مقاتل واحد من مقاتليها يقف اليوم مع الكوردي المعتدى عليه في وجه المعتدي العربي، حيث لا فرق بين كوردي وعربي إلا بالتقوى كما يكررون على مسامعنا كل آن وحين؟  أم أنهم كزهرة عباد الشمس يدورون حيثما تسير شمس العروبة من فوق رؤوسهم؟ شأنهم في ذلك شأن البعثيين والناصريين والاشتراكيين العرب ومن على شاكلتهم من الحالمين بوطنٍ عربي كبير (وبكرا أكبر رح يصير) كما كان هتلر يحلم بدولة الرايخ الثالث

لا أعتقد أن تلبي دولة عربية مسلمة نداءات شعبنا الكوردي لأنها لم تلبي نداءات الشعب السوري الذي قدّم حتى الآن مئات الألوف من الضحايا ودمرت طائرات العائلة الأسدية البنية التحتية لاقتصاد بلاده وشرّدت الملايين من مواطنيه            

ولا أعتقد أن أي حركة سياسية ذات آفاق وخلفيات دينية في كل العالم العربي الكبير ستقف علانيةً إلى جانب الشعب الكوردي المسلم في غالبيته العظمى، لأن لدى معظمها الظن بأن الكورد ليسوا مسلمين وأنهم مثل أعدائهم اليهود، بل منهم من يرى قتل الكورد مشروعاً واستباحة حرماتهم غنيمة، فهذه الحركات ظلت ساكتة من قبل عن “حرب الأنفال” التي شنها البعثيون على شعبنا، ومهما يكن إيمان الكورد قوياً بالإسلام، فإن هناك قول عربي جاهلي لاتزال معظم هذه الحركات ملتزمة به، ألا وهو: “أنصر أخاك (العربي) ظالماً أو مظلوماً”، ولم يغّير فيه شيئاً التصحيح الذي جاء به الرسول الأكرم (ص) لهذا القول… وبعض الحركات الإسلامية العربية تفسّر الإسلام تفسيراتٍ لا تختلف كثيراً عن تفسيرات داعش ومن على شاكلتها، وتعتقد أنه داعش يحارب “عدو الإسلام”، في حين  أنها تبرر عدم محاربتها لأنظمة عربية تعانق  زعماء إسرائيل بذرائع مختلفة، كما لا أعتقد أن دولاً عربية ستغدق على النازحين واللاجئين الكورد بأموالها، في حين أن دولة واحدة قد قدمت هبة من (4) مليارات دولار للجيش اللبناني، فأموال العرب للعرب وليس للكورد فيها نصيب، بل إن النظام العراقي يمنع عن الكورد حتى الأموال التي تجنيها من بترول الكورد                 

وعلينا ان لا ننخدع في الوقت ذاته ببعض المعونات التي تقدمها الدول الغربية وقليلاً من السلاح وشيئاً من الدعم الأمريكي الجوي لقوات البيشمركة في قتالها ضد “دولة الخلافة الإرهابية” لأن هذا لن يطول أمده لأسباب تتعلّق باستراتيجيات ومصالح هذه الدول في المنطقة،  وعلينا أن لا ننبهر بتسليط الأضواء الكبيرة من قبل الرأي العام العالمي على مأساة شنكال  وهجمات داعش الارهابي، وقيام القوات الأمريكية بقصف مواقع لهذا التنظيم المجرم، فالاعلام العالمي سيدير وجهه بسرعة إن لم  يتمكن الكورد من ابقاء الأنوار مسلطة على قضاياهم، وهذا يتطلب وجود خطة سياسية – ديبلوماسية واسعة، وليس مجرد القيام بعمليات قتالية أو تحريض النساء للتهجم الدنيء على القيادة التي تفعل كل ما في وسعها لإبعاد خطر الارهاب عن الشعب الكوردي وسائر الاقليات الدينية في كوردستان، أو التلويح بالأعلام الكوردية في الساحات العامة في دول العالم المختلفة، وانما بوجود عقول ذكية ذوي خبرة عالية في مجال كسب  الرأي العام العالمي                                   ولكن هذا أيضاً لا يكفي بل يجب على القيادة الكوردية إظهار قدرتها على حشد كافة القوى الكوردستانية حول مشروع كوردستاني موحد، لأنه في النهاية ليس للكوردي سوى الكوردي وجباله وقليل من الأصدقاء في هذا العالم الواسع، ومن الضروري إظهار تصميم الكورد على أن يكونوا قوة متماسكة وهامة في المنطقة تدافع عن قيم الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسانية، وتعزيز قدرات البيشمركة للدفاع دائماً عن أمن واستقرار كوردستان وسائر مكوناتها واقلياتها واللاجئين الوافدين اليها، والحماية الكافية للبعثات الديبلوماسية وممثلي القطاع الخاص من الاجانب ومصالحهم وعوائلهم وتجفيف حواضن الارهاب من  خلال التربية والعقيدة الصحيحة ومكافحة البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز التعاون مع القوى الدولية المكافحة ضد الإرهاب، وتكليف لجان عديدة في شتى المجالات هدفها البحث عن الثقوب في البيت الكوردي بهدف ترميمه من كل النواحي، وهذا يتطلب تضامناً قومياً وجديةً في الكفاح اليومي من أجل بناء مجتمع كوردستاني متطور من كل الوجوه الاجتماعية والثقافية والعلمية والسياسية، إضافةً إلى تقوية الجبهة المقاتلة ضد الارهاب في كوردستان وخارجها، وتعزيز المشاركة الكوردية الشاملة في القرار السياسي القوي بجمع سائر القوى السياسية الهامة على قرار وطني مقبول من الجميع

نعم، هكذا فقط يمكن بناء ترسانة وطنية زاخرة بكل مقومات الدفاع الوطني وقادرة على مواجهة كل التحديات الخارجية والمشاكل الداخلية في كوردستان التي تجب تحويلها بهمة جميع مكوناتها إلى قلعة للحرية في الشرق الأوسط تنافس الدول الأوربية العريقة في الديموقراطية في صون الحريات وحقوق الأقليات وتضاهي سويسرا في الثراء والجمال… وإن إرادة شعبنا القوية وتضامنه القوي كفيل بذلك، مثلما البيشمركة ضامنة للحرية والنصر على الأعداء