سوريا في مخاض الحرية

جان كورد، ‏30‏ نيسان‏، 2011

   الشعب ثائر والنظام مذعور ورأس النظام حائر

دماء الشهداء تروي أرض بلاد الشام، وتجار الأسلحة الدوليين في صفقاتهم غير مبالين بها

 تذّمر في حزب البعث وفي القيادات العسكرية والأمن الداخلي (الشرطة) من سيطرة الأجهزة الأمنية التامة ومن سادية رجالها، ولكن ليست لديها القوة للتصدّي سوى الانضمام إلى الشعب

المعارضة تتحدث صارخة وغاضبة، رغم أنها مشتتة وضعيفة بسبب تشتتها

 الشعب يزداد فقراً ومشاكل في حين يزداد عطشاً للحرية

 الشعراء توقفوا عن الكتابة عن الورود والعشق والحبيبة لأن الوقت وقت الثورة والغضب

 الإعلاميون من شتى أنحاء العالم ينتهزون الفرص لاقتحام قلعة التعتيم الإعلامي السوري

 الأصدقاء في العالم يسارعون للتحقيق وكأنهم لايصدّقون لهول الصدمة عما جرى في المدن السورية ويجري ضد الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان

 أليس هذا دليل انتقال من مرحلة إلى مرحلة… أليس هذه الدماء دليل مخاض عظيم؟

 كثيرون ممن حول سوريا وممن بداخلها يتكهنون، يفكرون بصوت عالٍ، ويقولون: سوريا، أم الحضارات القديمة في مخاض جديد… إنه مخاض الحرية، بعد 65 عاماً من مخاض الاستقلال… وهذا صحيح حقاً، وهل هناك ولادة جديدة للحرية أو الاستقلال في أي عصرٍ أو أي بلدٍ كان دون دموع وعذابات وتأوهات ودماء؟ فهذه هي سنة حياة لاستمرار الحياة على هذا الكوكب الأرضي

مخاض الحرية هذا لن يكن يسيراً كما يبدو، وبخاصة عندما لم تتمكّن الدول الأعضاء في مجلس الأمن من الاتفاق على قرارٍ يدين النظام الموغل في تقتيل شعبه، ولكن الشعب السوري الثائر يعتمد في شعاراته ونداءاته على من هو أقوى من كل مجالس البشرية، فصرخته ليست (أنقذنا يا مجلس الأمن الكبير) وانما (الله أكبر) والذين يفهمون هذا الشعار جيداً يدركون بأن الشعب السوري قد وضع ثقته في من هو أعظم وأكبر وأنصف وأعدل من كل القوى والدول والناس أجمعين، وألله تعالى لايخيب ظّن المؤمنين به وبعظمته، ولكنه يطالب السائرين على طريق الحرية بالصبر والتعاون والبذل والتضحية وعدم التراجع أمام الظالم المستبد، رغم عظم الحوادث وكثرة العقبات وتوالي الهزائم

 لقد دكّ هذا الايمان المطلق بأن “النصر من عند الله” عروش الطواغيت في تونس ومصر وهزّها هزّاً عميقاً في كل من ليبيا واليمن، فتحطّمت تماثيل شامخة وانهارت نظم مبنية على القهر والعدوان واختفى طغاة كانوا لايقلّون عن الفراعنة بطشاً وكبرياءً واعتقاداً بأن سلطانهم خالدٍ أبدي، وانبثقت شمس الحرية ولاتزال ترتفع في سماء الشمال الأفريقي، وقريباً في كل الشرق الأوسط إن شاء الله، مهما كانت الصعوبات وقلة العون والمساعدة من العالم الخارجي لأن البركان الذي انفجر لن يخمد بإذنه تعالى إلا بعد دك كل العروش الطاغية الباقية

فالويل لمن يزرع الشكوك في نفوس الشعب، والويل لمن يتقاعس عن العمل، والويل لمن يتراجع من منتصف الطريق

الذين لم يهملوا هذه المعادلة في الصراع يعلمون بأن الله سبحانه وتعالى يقول

(ونريد أن نمّن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) (القصص – 4)

والذين أهملوا هذا سيجدون أنفسهم خاطئين ومتخلّفين عن ركب الشعب ومسيرته الكبرى صوب الحرية

 أما الذين وقفوا ضد ثورة الشعب السوري في العالم الخارجي فسيجدون هذا الشعب يعيد تنظيم حياته السياسية – الاقتصادية على أساس الأولوية في التعامل والتعاون والعلاقات مع الذين ساندوه في محنته وفي ثورته، وليس العلاقات مع أولئك الذين وقفوا ضده إلى جانب الطغيان والعدوان في بلاده

الآن، حان وقت رحيل الأسد

جان كورد، ‏27‏ نيسان‏، 2011

 ________________________________________________
الأوروبيون يرحلون عن سوريا لأنهم عالمون بأن الأيام القادمة ستكون أشد ظلمة في سوريا 
السوريون يتم ذبحهم وتقتيلهم وتعذّيب أولادهم وحتى قلع أظافر أطفالهم
الدول الغربية لا تدري ما تفعله سوى التباحث حول ضرورة معاقبة النظام
الروس والصينيون يحسبون ألف حساب مالي ويراجعون عقودهم التجارية والعسكرية مع نظام الأسد قبل الاقدام على أي احتجاج
الكورد يتوقّعون هجوم الشبيحة والمرتزقة على مناطقهم، بعد أن دمّرت جنوب البلاد وغربها ووسطها وريف دمشق
 المثقفون السوريون يتنادون ولا حول ولا قوة لهم
 سوريا تحذف الأصنام وهياكل الطاغوت من تاريخها
 الأحزاب تهرول وراء الشعب الثائر

_________________________________________

فماذا بعد، أيتها الجامعة العربية ويا منظمة العالم الإسلامي، ويا مجلس الأمن الدولي، إلى متى الانتظار والحديث الخجول في اروقتكم الصاخبة …؟

إنى لأسمع جعجعة ولا أرى طحناً

 هل يكفي أن تتذمّروا، تحتجوا، تأففوا وتقولوا للأسد على خجل: عليك أن تكف عن سفك الدماء وتدمير البلاد السورية؟ أم يجب القيام بعمل ما لوقفه عند حده واسكات فوهات البنادق والمدافع، ووضع الوحوش الأمنية في الأقفاص؟  وهل يكفى المطالبة باجراء تحقيق دولي؟ هل هذا سيردع نظام الشبيحة والمجرمين؟

المجتمع الدولي الذي يشبه العائلة الواحدة مسؤول تماماً عما يرتكبه النظام السوري اليوم من مجازر بحق المواطنين العزّل، فالعائلة مسؤولة عن تصرّفات أفرادها ولأن سوريا حسب القانون الدولي ملزمة بتطبيق وتنفيذ المواثيق والمعاهدات الدولية وبضرورة احترام حقوق الإنسان، ولا يحق لأحد أن يدخل حسابات سياسية أو آيديولوجية الآن في هذا الموضوع الواضح: موضوع الفتك بالانسانية في سوريا

 الشعب السوري لا يريد بالتأكيد أن تتحوّل سوريا إلى ليبيا ثانية، ولكنه يدرك بأن ما يحدث في درعا ودوما وحمص وبانياس اليوم لم يحدث على أيدي القوات الاسرائيلية عندما احتلت الجولان…ولذلك لا يتراجع عن هدفه الأكبر: “الشعب يريد اسقاط النظام”، ومن أجل ذلك على المجتمع الدولي سماع صوت هذا الشعب الجريح في عدة مواضع جراحاً نازفة، لا الدخول في مساومات وحوارات فارغة مع نظام لا يفهم سوى لغة العصا، بعد أن فشلت كل السبل السلمية من قبل شعبه لايقافه عند حده. وتجاوزت الأمور حد “الأزمة السياسية” إلى حد ارتكاب “المجازر الوحشية”

 المعارضة السورية من أحزاب وشخصيات وطنية تحاول لملمة قواها وتوحيد صفوفها والتخندق خلف الشعب في مواجهة نظام لم تعد لديه سمة من سمات النظام السياسي وانما كشف النقاب عن وجهه ليظهر مثل ميدوزا الاغريقية بأفاعيها الكثيرة

الإعلام العالمي، والعربي الحر، يجهد مشكوراً لمتابعة أدق تفصيلات الجريمة الكبرى التي يشهدها تاريخ سوريا

 والكورد ما زالوا مشتتين، رغم أن الأفعى قد اقتربت من مناطقهم وفتحت فاهها ومدّت لسانها لتلدغهم بسمها الزعاف… فمتى يتحدون؟ ومتى يتحركون معاً بخطاب موحد، بهدف موحد، براية موحدة، وبقيادة موحدة؟ أم أنهم سينتظرون إلى أن ينال المجرمون منهم ويبددوا كل ما لديهم من قوّة متواضعة؟

 فإلى متى الانتظار يا رجال الكورد… والأمل معقود على شبابهم اليوم… فاتحدوا يا قادة الشباب الكوردي…إتحدوا

التيار الكوردستاني – السوري وموضوع الوحدة

   جان كورد، ‏23‏ نيسان‏، 2011

في البداية أطرح هذا السؤال على مختلف كوادر التنظيمات الكوردية التي تعتبر نفسها حديثة، ديموقراطية، متطوّرة ومختلفة عن التنظيمات الكلاسيكية التي نشأت وربت في فترة الحرب الباردة، وفي ظل نظام قمعي لا يشك أحد في قدراته سابقاً على اختراق كل الحواجز التنظيمية، عربية كانت أو كوردية، بهدف تدجينها والسيطرة عليها بشكل أو بآخر، السؤال هو

 بماذا تختلفون حقاً عن تلك التيارات الكلاسيكية؟

بأن نضالكم  قومي كوردستاني  –  ووطني سوري؟

بأنكم متحررون من قبضة النظام، وتقفون مع ثورة الشعب السوري؟

بأنكم أشد ديموقراطية؟

بأنكم أكثر اهتماماً ببناء العلاقات المتوازنة بما يخدم مصالح الشعوب وحريتها مع العالم الحر الديموقراطي؟

أم بأنكم تعطون الأهمية في العمل السياسي للنشاط العملي؟

للإجابة عن هذا السؤال، يجب أولاً أن نكون جادين لأن الشعب الكوردي في هذه المرحلة وبعد الآن لن يدع أحداً يلعب بمصيره، ويضّر بمصالحه، ويتهاون في التعامل على أساس صون مبادئه التي نجد صداها في برامجكم السياسية واضحة جيداً. وإنني إذ أدعوكم للوحدة الفعلية تنظيمياً وسياسياً لا أشك في أنكم جادون في العمل لتحقيق أهداف أحزابكم ومجموعاتكم الشبابية المناضلة، ولكني أرى – مع الأسف – إشكالاً مثيراً للتساؤلات حول التباطؤ الذي أنتم عليه لاقامة أي أساس مشترك فيما بينكم، في وقت تسارع الأحداث وتطوّر المسائل وتشابك الأطراف وتداخل الموضوعات الوطنية والقومية في إطارٍ من التفاعلات الدولية غير المعهودة سابقاً، حيث نجد لقاءً صحافياً مشتركاً بين صحافي كوردي يعيش في جنوب كوردستان، مع مسؤول إعلامي كوردي في ألمانيا، ومسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية وخبير في “مجلس الأطلسي” السياسي، وناشط عربي سوري في مكان آخر من العالم، أمام مرأى المهتمين بالقضايا السورية، وكان الكورد سابقاً محرومين من المشاركة في مثل هذا التطوّر الاعلامي الهائل على سبيل المثال… والمثال الآخر هو ما نراه على الساحة السورية من انفجارات سياسية هائلة يضطر النظام الأسدي القائم تحت ضغطها إلى سفك دماء المواطنين بالجملة وابداء عجزه السياسي لاحتواء الأزمة الكبرى التي قد تقتلعه في غضون فترة غير طويلة، كما يتراجع بالاعلان عن مراسيم تشريعية وتغييرات في البنى السياسية والادارية واصدار قوانين بسرعة البرق، ومع ذلك لايتركه المجتمع الدولي دون الافصاح عن المطالبة باصلاحات جذرية والتهديد باستبدال رأس النظام ذاته إن لم يرضخ لارادة الشعب السوري…. ولكن يبدو أن البطء أو التباطؤ سمة لمسيرتكم التنظيمية المشتركة التي كان من المفروض أن تتطوّر لتكون في مستوى هذا الزخم الكبير لتسارع الأحداث وتعاظم التغيرات السياسية في البلاد وما حولها

هناك محاولات مستميتة لبعض الأطراف والشخصيات الكوردية لجعل هذه الأيام أشد ضبابية وأقل وضوحاً، وفي ذلك تتفق زعامات معينة، أما أنتم فموقفكم تجاه ما يحدث في البلاد واضح وجلي، إنه موقف المطالبين باسقاط النظام، ولكن هل يمكن مجاراة هكذا شعار بوضع تنظيمي مهلهل وبمجموعات أو تجمعات غير موحدة، ضعيفة وبقيادات متعددة بدلاً عن قيادة واحدة؟

لذا أدعوكم، أن تكونوا حقاً على مستوى المسؤولية القومية والوطنية، وذلك بأن تتحدوا أنتم الذين نرى فيهم الأمل والقدرة على السير في المستقبل

أم نسيتم صرخة الأستاذ الكبير سعيد نورسي الذي قال : أما لقومي الكورد فأقول: الاتحاد، الاتحاد الاتحاد

كلمةُ حقٍ عندَ سلطانٍ جائر

 جان كورد، ‏21‏ نيسان‏، 2011

شهيد هو ذاك الذي يقوم من أجل قول الحق عند سلطانٍ جائر، فيقول الحق ويقتل.

وهاهم شبابنا السوريون، هبوا جميعاً لقول كلمة الحق عند نظام جائرٍ فتهاجمهم بلطجية النظام وشبيحته، فيستشهد من كتبت لهم الشهادة  وهم  في خروجهم للشوارع من أجل المطالبة بالعدالة واحقاق الحقوق لايختلفون في شيء عن السائرين إلى معارك الدفاع عن الأرض والكرامة والوطن وعما يؤمنون به من مبادىء عظيمة عن المجتمع الإنساني العادل… ولقد وعدهم الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز بأنهم ليسوا أمواتاً وانما أحياء خالدون لديه

فهل يتساوى في ذلك من يحمل عصي النظام وأسلحته ليهاجم المظلومين المنتفضين مع من لايملك سوى لسانه الذي يهتف بالحرية والعدالة وإزالة الفساد وانهاء القمع ووقف التعذيب واعادة السلطة إلى الشعب، أي يدعو إلى اسقاط هذا النظام الغارق في ظلمات الشر والعنف والاقصاء والعداء للحقوق الإنسانية؟

وبعضهم يسعى لتبديل موقعه بعد طول الولاء والتبعية للظالمين الحاكمين، ويبرر بقاءه في ظل النظام المجرم ردحاً من الزمن بتيريرات غير معقولة، كما أن بعضهم يحاول التوفيق بين المعسكرين المتحاربين، فيزعم  قائلاً”أبناؤنا في الشارع أصحاب حق… والنظام يجهد لأن يمنحهم حقوقهم فلنصبرعليه، وكل الأمور تجري بدرجات ومراحل…!” وهؤلاء هم أخطر من سدنة النظام لأنهم يخلطون الحق بالباطل ويخدمون إعلام النظام ويعملون كل ما في طاقتهم في سبيل ايقاف مسيرة الشعب السوري واجهاض ثورة الشباب، ومنهم نماذج بعثية إعلامية ودينية بل وبرلمانية، يدفع لها النظام الرواتب ويمنحها التسهيلات ويملي عليها أكاذيبه لتنقلها للرأي العام، كما أن منهم – مع الأسف – من هم في صفوف الأحزاب “المعارضة” و”المعترضة” أيضاً

لماذا يسارع النظام في إصدار المراسيم التشريعية ونثر الوعود ب”الاصلاحات” الآن، وهو الذي كان بامكانه تفادي هذه القلاقل والاضطرابات منذ أن ورث الولد الحكم عن أبيه بعملية دستورية خاطفة، قبل 11 عاماً؟ وفي حين تكفي مائة يوم فقط للتأكّد من صلاح ونجاح حكومة من الحكومات أو رئيس من الرؤساء في البلدان المتقدّمة فقد ترك الشعب السوري لنظام الأسد الابن أكثر من ( 3700 ) يوماً لاثبات صلاحيته للحكم وقدرته على إنجاز إصلاحات سياسية، فلم يبدِ آذاناَ صاغية لمطالب الشعب، واعتقد أنه في حصن حصين من أي انقلاب أو تمرّد عسكري أو ضربة قاصمة من الخارج، فإذا بزلزال شديد من حيث لم يدرِ وتسونامي عاصف وانفجار لمفاعل أشد خطورة مما حدث في اليابان مؤخراً يضربون قواعده السياسية والاقتصادية معاً فيلقي في قلبه الرعب، ألا وهو الزلزال الذي أحدثه الشباب في البلاد بعد أيامٍ قلائل من طلعته البهية في المسجد الأموي الكبير وهو يقود عربته الجميلة ويرتدي بذلته الفاخرة ويطلق ضحكاته الطفولية أمام عشرات الألوف من المحتشدين… أولم يكن يتوقّع أن يحدث في سوريا ما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن؟ أم أن أجهزة مخابراته كانت تقدّم له باستمرار معلومات خاطئة عن الجو السياسي في البلاد؟

هذا الجهل السياسي بما حوله كافٍ لطرد أي نظامٍ وحكومة ورئيس وزراء ورئيس دولة في المجتمعات المتقدّمة، بل إن أحدهم يستقيل عندما يحدث أمر بسيط في نطاق مسؤوليته دون علمه ويحترم بذلك نفسه وشعبه ودستور بلاده. لقد استقالت أكبر شخصية اشتراكية – ديموقراطية في أوروبا، ألا وهي شخصية المستشار الألماني ويلي براندت لثبوت أن سكرتيره يعمل سراً لصالح مخابرات جمهورية ألمانيا الديموقراطية في ثمانينات القرن الماضي. واستقال آخر وزير دفاع ألماني كارل تيودور تسوغوتنبرغ  بعد اعترافه على الملأ بأنه اقتبس لدى تحضيره رسالته للدكتوراه بعض الاقتباسات النصية دون ذكر مصادرها، مما اعتبره الشعب الألماني جريمة يجب عليه ترك منصبه بسببها فلم يتذّمر ولم يتكبّر وانما خرج ليعيش كمواطن عادي لم يعترف بخطئه فحسب وانما أبدى استعداده التام للوقوف أمام القاضي لمحاكمته… فهل رؤساء ووزراء الأوروبيين أكرم وأشرف وأشد احتراماً لأنفسهم مما لدينا من قبضايات السلطة؟ الجواب عند هؤلاء الذين يبررون كل تصرّف سيء لهم، ويدفعون بالشعب دفعاً إلى جبهات الشهادة ضدهم

نعم، الذين يخرجون إلى الشارع ليقولوا كلمة الحق في وجه سلطانٍ فيقتلون، شهداء عند ربهم… والذين يرفضون العدول عن جرائمهم ضد الإنسانية، قولاً وعملاً، جبناء لاكرامة إنسانية لهم، لايستحقون تلك المناصب والقيادة باسم الشعب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

Efsane û çêrokên me yên gelêrî

Cankurd

Berî ku radyo, televîzyon û têldest derkevin, gundî di mala yekî ji wan gişan maldatir; yê ku wekî malmezinê xwe didîtin û dinasîn diciviyan, û bi taybet di şevên dirêj ên zivistanê de, li aliyê mêran, ku her tiştekî wî ji yê aliyê jinan baştir bû, wekî xalî û kulavên ku dihatin rêxistin, mînder û balifên ku bo rûniştina mêvanan dihatin danîn, heta agirê pixara wî alî jî ji yê pixara aliyê jinan gurrtir û hêgintir bû. Di ber xwarina gûz, mûj, bastiq, fistiq û hejîrên hişkkirî re, û di firkirina qedehên çay û avjongê re, kesekî bo çîrokbêjekî digot: “De ji me re cengekî hewalde.“

Ew “ceng“, di koka xwe de, bo çîrokên cengewariyê bû, ku di Erebî de jê re “Melheme“ tê gotin, di nav çerx û deman re, bo her terzekî çîrokan di civatê de cihê xwe girtibû. Di Almanî de jê re niha “Erzählung“ tê gotin, û gava wekî helbestê be bi “Epos“ tê nasîn. Ev jî wilo bûbû, çunkî di çîrok û efsaneyên Kurdî de pir li ser ceng û pevçûn û şergehan dihate hewldan, wêrekî, mêranî, şûrbazî û qutêkirin parek mezin bûn ji kesayetiya mirovê çiyayî. Ji xwe peyva “Kurd“, wekî Dr. Henne Bischeler di lêkolîneke xwe de gotiye, ne navê neteweyekê ye, ew “rewşt“ a wan gelên Zagrosî ye, ku bi “Kurd: Gelên wêrek“ dihatin rewştin. Pişt re hêdîka peyva “Kurd“ cîhê wan heme navên gelên Zagrosê girtiye, û eve jî dikeve seriyan, ji ber ku pir gelên Zagros ên berê hebûn, bûne “Kurd“, û ji ber vê jî Kurd di dîmen û hinek taybetiyên xwe yên zimanî û nijadî de ne wek hev in. Di nav wan de mirovên çîl û gir wekî Europiyan hene, û mirovên esmer ên bejinkurt ku nêzîkî Samiyan hene, di nav zaravên wan ên Hewramanî, Kelhorî Zazakî, Kurmancî û Goranî û Soranî de pir cudahiyên mezin jî pêda bûne…Bêguman sirûşta Kurdistanê, ku ji çiyayin bilind ên asê û ji çemin mezin û fireh, û ji gelî û newalin “nihalên“ kûr pêda bûye, tev li paçebûnên civakî yên dema axatiyê bûne egerên vê tevliheviya zimanî û nijadî, hema gotina Dr. Henne Bischeler di cîh de ye, û wan heme “gelên wêrek“ bûne Kurd, ew wêrekî jî di kesayetî, çand û kelepora kurdî de bûye stûnekî serekî, di çêrok û efsaneyan de diyare.

Raste ku Kurdan efsane, çêrokên xwe yên gelêrî û çêrçêrokên demên berê, bi şêweyekî nivîskî ji zarok û piştên xwe re, wekî Misriyan, Çîniyan, Hindiyan û Grîkan, nehêştine, hema wan gelek berhemên xwe yên kevnare bi teherekî devkî, di nav çerx û dewranên demê re, bo zarok û neviyên xwe hêlane, dem bi dem, wateyên wan li gor baweriyên xwe yên olî, rewşên siyasî û mercên derdora xwe guhartine. Pareke mezin ji wan jî bi rêya hozanvanan wekî helbestên çêrokî hatiye qelemkirin.

Bo nimûneya windabûnê, ez dikanim vê bibêjim: Hêja Bîlal Hesen, ku temenê wî di ser 70 salan re ye, li gundekî nêzîkî bajêrê min bi cîh û war bûye, û xwe pir bi çanda navçeya Kurdaxê “Çiyayê Kurdan“ re gêro kiriye, û gelek çêrçêrokên kurt û kin jî wekî binxêzkan xistine pirtûka xwe ya li ser pend û şîretan (Birr 1), di dema nivîsandina vê lêkolînê de telefon min kir, û wek dibêjin: Şor ji şorê…Ji min pirsiya tu çi dikî, min gotê ku ez bersiva pirseke mamhosteyê delal Mustefa Reşîd di warê efsane û çêrokên me yên berê de dinivîsim. Hêja Bîlal Hesen got:“Berê Bûd dihatin gundên me û çêrok bi şev ji me re dibêjtin. Carina heta ber destê sibê. Kalemêrên me jî gelek çêrok dizanîn û digotin. Hema nayin bîra min.“ Lê ji ber ku min pir mereq kir, ez navên hinekan ji wan bizanim, gote min ku ji wan efsane û çêrokan van hersêk hebûn:

-Hêlîna Lûlê (an jî Hêlîna Fangfang Qoşê)

-Dêwê Heftserî

-Koleman û dêwê Bêcan

Paşê pareke piçûk ji ya dawî, ku hîn di bîra wî de mabû, ji min re got. Dêwekî ne wekî dêwên dî bû, herdem dihate welatekî û ziyaneke mezin bi xelkê wî welatî dikir. Koleman jî lehengekî welêt bû û bi dêw re dikete pevçûnê, hercar zora wî dibir, ew dikuşt, lê paş kuştinê dêw dîsa radibû û rewş rewşa berê. Koleman nema dizanî çi bikira, li dawiyê ew bir şikeftekê, di şikeftê de bi zincîrekê ew girêda û nofirka dawî ji zincîrê bi singekî xist û sing kuta zinarekî di dîwarê şikeftê da. Ew bi sal û mehan di wir de girêdayî ma. Heta rojekê jinek bi dota “qîza“ xwe re hate li ber devê şikeftê, ku bi axê xetimî bû, li pincêr geriya, dota wê dît ku quleke piçûk li wir heye, têre dengek tê. Rabû ew qul kola û fireh kir. Dît ku şikefteke. Gava ketiye hindirê wê, dêw li ber wê keçikê geriya, lava kir û ji keçikê xwast ku ew bi kevirekî li sing bide, heta piçekî xar dibe û xelqeya zincîrê jê dişimite. Keçikê gelek caran bi kevirekî li seriyê sing da, ew daket û zincîr jê vebû. Gava dêw xwe azakiriye, yekser dest avêt nava keçikê, ew xist bin piyê xwe, revand û bir…[Ev kolana qulikekê di çêroka “Sê gul û sê bira“ de jî heye]. Ev efsane wilo diçe, û wekî dixuye pir kevine, ji ber ku efsaneyên dêw û lehengan, giş berî hatina Îslamê nav Kurdistanê belav bûbûn, û têde “Pêdaçûn–Mubalexe“ gelek hebû. Dêw bi heft seriyane, wekî di efsaneyên Girîkî de, an dêw bêcan e, tê kuştin û dîsa vedijî. Şûna bin pêyên Rustemê Zal wekî ciyê bêderekê ye, bejmêra wî nizanim çend gaz in….an hespê Kulik cehniyê  mehînekê ye, ku ew bi hespekî zireyî “beh’rî“ re li gan ketibû…Teyrê Sîmir wekî keçeke ciwan û çeleng e, wekî mirovan dipeyive û dikane mêrekî li ser pişta xwe hilgire û heft roj û heft şevan di ser ewiran re bifire…

Ev kelepora pir maldar bi fantaziya, ku îro bûye hevîrê gelek roman û film û şanoyên, ku bi milyardan pere bo xudanên wan tînin, wekî filmên “Xudanê Gustîlkan“ û “Avatar“ an jî romana “Avalon“ û “Harry Potter“, mixabin bê hemdê me winda dibe, ji ber ku Kurdan ewana nenivîsandin û her zanîneke ku neyê nivîsandin winda dibe…

Hîn di dema Ehmedê Xanî de, li ser efsaneyên me Kurdan dihate peyivîn, mixabin Ehmedê Xanî tenha bi vê şêweyê di dastana xwe ya navdar “Mem û Zîn“ de li ser wan  gotiye:

Kurdî, Erebî, Derî û Tazî                   Terkîb kirin bi hezl û bazî

Hindek ji fisaneyê di Bohtan            Hindek di bihan e, hin di buhtan

Bohtî û Mehmedî û Silîfî                   Hin lee’l û hin ji zêr û zîvî

Xirmehr û Morik û Mirare                 Hindik di şefaf û hin di tarî

Tersîî‘ kirin wekî piçûkan                  Înane bo qeyserî û sûkan

Hin qisse û hin ji wan mîsalin            Hindik di h’elal û hin h‘eram in

Her qisse ji hisse behremendin          Her emsîle ger bizanî pendin

[Binêr: Ehmedê Xanî, Mem û Zîn, vejandina Perwîz Cîhanî, Merkezê neşirê Ferheng û edebiyatê kurdî, Orumiye, Sindoqê Postî: 717, rûpel: 377]

Çêrokbêjiya devkî di nav gelê Kurd de rast fireh û wekî dareke berhemdar ditê dîtin. Mixabin, ta niha pareke piçûk ji van berheman hatiye nivîsandin, tevî ku pir efsane, çêrokên gelêrî û çêrçêrokên xweşik in, û gava mera wan werbigerîne bo zimanekî cîhanî, wê bi zûkî navdar bibin.

Ji aliyekî dî ve, gelên derdora Kurdan û welatên di tixûb û serhedên Kurdistanê de ne, hinek ji wan berheman kirine yên xwe û ji nav destên Kurdan revandine. Ji wan jî efsaneya navdar: Rustemê Zal e, ku Faris dikine Farsî, û Sad Ehmedê Silîfî, ku Ermenî ji xwe re dijmêrin.

Wekî ez dizanim, cara yekê ev berhema hêja “Rustemê Zal“ ji aliyê herdu rojhilatnasên mezin, Albert Socin û Eugen Prym ve, di orta sedsala 19ê de, hatiye nivîsandin. Dibe ku berî wan jî kesekî ew nivîsandiye, hema ji ber egerên siyasî yên ku Kurdistan ji pir sedsalan ve têre çûye,  pir berhemên kurdî yên nivîskî bincil bûne, hatine wêran kirin an jî winda bûne. Min ew berhema hêja ya Prym û Socin, li gel hinek çêrok û çêrçêrokên dî yên wan civandine û bo Instîtuta Qeyserî ya Pêtersborgê li Rûsiya nivîsandine, bi tîpin “Latînî“ yên ne asan, cara yekê, di salên 1987-1988 de,  dît, û min paş demekê tîpguhastineke “Kurdiya nûjen“ jê re çêkir. Niha ew di nav pirtûka min a nebelavkirî de ye, ku min jêgirtek “kopiyek“ berî niha bi sê salan dabû weşanxaneya “Spîrêz“ a li bajêrê Duhokê ye. Navê pirtûkê, ya ku dora 200 rûpel e, ((Berhevoka Çêrokên Kurdî)) ye. Di va pirtûka min de, gelek çêrokên gelêrî hene, ewana jî evin: ((Çeleng Evdal, Evdirehman û keça Xanê, Ferx û Sitiyê, Medo û Henne, Mem û Zîn, Paşayê gurrî, Rovî û birrîna Şerîe’tê, Şah Meymûn, Sultanê Mara, Teyrê Sîmir, Wezîrê serhişk, Yek bi yekê, Yûsif Bajarî û keça firotî, Yûsifê ticar.))

Gava em li van çêrok û efsaneyan binêrin, emê bibînin ku di şêwe û dîmenên xwe yên çêrokî de giş çêrokên rojhilatî ne, bi wateya ku hîç hikariya çêrok û efsaneyên rojavayî “Europî“ li wan çênebûye, ji ber ku çêrokbêjî û efsanebazî pir ji zû ve di nav gelên rojhilatî de hene. Berî ku Europî bên herêmê. Kurd jî wekî neteweyeke rojhilatî, ya xudan keleporeke efsanî ya mezin û kevnar e. Lê tew naye jibîrkirin, ku hikariya ola Îslamê bi hêzdarî li çêrok û çêrokbêjên Kurd ji zû ve çêbûye. Di çêrok û efsaneyên kurdî yên kevin de –bo nimûne– navê Xwedayê Mîdî “Vayo“ (Bi wateya Bayo) tew naye zimên, û gava “Xwedê“, ku ji “Xod“ (wekî: Gott) hatiye, mebest ji vî navî “Ellah“ e, ku di Îslamê de tenha ew Xwedê ye, kesek ji wî pê ve nîne, û di hîç efsaneyeke kurdî de pirxwedayî nemaye, heta di memleketên ajal û goştxuran de jî, wekî ya Şahmaran, dîsa jî pirxwedayî ya kevin berşê û winda bûye. Hema dîsa jî, em dibînin ku efsaneyên wekî Şah Meymûn, Sultanê maran, Teyrê Sîmir, Rutemê Zal û hinekên dî, ji demên gelek kevin mayîne, û nijd bi nijd û pişt bi pişt, di nav gelê me de hatîne hewaldan û çanda me ya çêrokbêjiya devkî maldar kirîne, ji ramanên pirxwedayî, an yên Filletî û Cihoyî, hatîne paqijkirin.

Di nav çêrokên kurdî de, yên ku bêtir hikariya olî didine xuyakirin, û niha ditên bîra min, çêroka “Mem û Zîn“, “Hespê reş“, “Nihala Sîsebanê“, “Leyl û Mecnûn“, “Seyfulmuluk“, “Yûsif û Zelîxa“ û   “Zembîlfiroş“ in, ku hemî jî wekî “Beyt“ an “Epos“ hatîne nivîsandin û belavkirin.

Di “Hespê reş“,  de, ku min ew û “Cimcimê Sultan“ û “Nihala Sîsebanê“ jî bi tîpên kurdî yên nûjen amade kirîne, U’mer Bin Xettab, paşayê “Xelîfeyê duwemîn“ diçe nav gawiran, da ji pêxemberê Xwedê re –Selewat û silav lê bin – hespekî reş ê pir navdare ji “Gawiran“ bistîne, hema ewana hespê xwe nafiroşin û dixwazin zora wî bibin, pevçûnek di navbera wan de çêdibe û ew pevçûn dibe egera cengekê di navbera Gawir û Musilmanan de çêdibe, û çêrokbêj bizava xwe dike, pesindariya herdu mezinên Muslimanan U‘mer Bin Xettab û Îmam Elî –Xwedê ji wan razî be– bîne zimên û wan herduyan wekî hevdu cîhbilind bide xuyakirin. Eve jî diyar dike, ku Kurdan xwastiye xwe ji pevçûna olî û siyasî ya di navbera Sunne û Şîîe‘ de derxînin…Mixabin, hem cîhê bûyerên çêrokê û hem jî lehengên wê ne Kurd in.

Di “Nihala Sîsebanê“ de jî pevçûneke mezin di navbera Musilman û Gawiran de bi egera keçeke Filleh a pir xweşik û ciwan çêdibe. Ew keçik bo kesekî hatiye destê wê dixwaze, dibêje:“Here ji min re seriyê pêxemberê Musilmanan û peyrewên wî ji min re li cîhêqelengê min bîne…“

Di “Cimcimê Sultan“ de, mirovek pêrgî kelexoyê miriyekî ditê, wekî di “Hamlet“ a Shakespeare de, bi kelxoyê, ku pir ji zû ve ketiye axê dipeyive, û çêrok dixwaze gelek wate yên olî di seriyên çêrokhezan de biçîne, wekî tirsa ji Xwedê, jibîrnekirina mirinê, tewat û dilnermî, û gelek  bîr û baweriyên dî.

Di “Zembîlfiroş“ a Mele Bateyî de, ku hinek terzên wê yên cihê-cihê hene, Lawekî hejar, ê ku zembîlan çêdike û difiroşe, dikeve dava xanimeka mêşeng “SEXY“, hema ew ji ber tirsa Xwedê xwe digire, destê xwe di wê nade, tevî ku ew pir devşiliyê li ber wî dike. Gava ew lawik rê û çareyan nabîne, ew xwe ji burca koçka wê ve davêje xarê, hema Xwedê wî ji mirinê diparize…Eve çêroka pêxember Yûsif –Silav lê bin- û jina Fîrewnê Misirê, ku di Qurana pîroz de hatiye, tîne bîra me.

Tiştê seyr, ewe ku çêroka “Mem û Zîn“ a ku hozanvanê mezin şêx Ehmedê Xanî wekî helbesteke çêrokî hûnandiye, û di pêşgotina wê ya helbestî de heme bîr û baweriyên xwe yên felsefî, olî, neteweyî ramyarî û zaneyî de xistine, anîne zimên, an di stranbêjiya devkî ya gelêrî de, ku bi navê “Mem ê Alan“ e, û ji aliyê Roger Lescout ve, ji dev stranbêjin kurd û bi taybet Mişoyê Berazî û Sebriyê Mihacir li Beyrûtê (Lubnanê) hatiye girtin û nivîsandin, li ba Albert Socin û Eugen Prym, wekî metnê straneke gelêrî, ya bi navê “Mem û Zîn“ heye, ne bi navê Mem ê Alan.

Di “Mem ê Alan“ de, welatê Memê bi navê “Mixrîb“ e, tevî ku navê apekî wî “Temer beg“ e, ku navekî kurdî ye. Baweriya paqijiyê ji aliyê olî û civakî ve bêtir hatiye xortkirin, li gel heme nirxên civakî yên kevnare di civaka kurdî ya derbegî û axatî de, wekî wêrekî, camêrî, dostaniya dirist, paristina êl û malbatê, hezkirina bê nêzîkbûna govdeyî, baweriya mekin a bi Xwedê, fêlbaziya kesên deselatdar wekî wezîrê “şalyarê“ Mîr Zeyniddîn, bavê Zînê, bi wî terzî ku “Beko yê Ewan“ wekî “Mêfêsto“ yê Faust hatiye xuyakirin. Bêguman, ne tenê şanoya va çêroka kurdî ya pir navdar e li Kurdistanê ye, li navenda wê, ku Cezîra Botan e, kesayetiyên wê jî Kurd in, û piraniya wateyên wê, berî hatina Îslamê jî di nav civaka me de xort bûn. Hozanvanê mezin Ehmedê Xanî, ku ev çêrok bi guhartin di bin navê “Mem û Zîn“ de nivîsandiye, hem civaka kurdî û hem jî ola Îslamê baş dizanî, lew re “Mem û Zîn“ bi terzekî olî-felsefî, li gor rewşa Kurdistanê ya li ber çavên wî bû, û ketibû bin basikên “Sofîtiyê“  li qelem daye.

Em dîna xwe didinê, ku di navbera “Memê Alan“ û “Leyl û Mecnûn“ a Şêx Mihemmed Can de, cudahiya şanoya bûyerên wan heye. “Leyl û Mecnûn“ çêroka evîna mîrekî Ereb bi keçeke Ereb re ye, li welatê Ereban çêbûye, bi şêweya helbesteka çêrokî “Epos“ ji hezaran malik, wekî “Mem û Zîn“ a  Ehmedê Xanî, an “Seyfulmuluk“ Siyapûş, bi Kurdî ye, hema Mem ê Alan, tenha bi bajarekî pêjinî yê gelek mezin û bi navê “Mixribê“ destpêdike, lê teviya çêroka hem wekî helbest, hem wekî çêrok  û hem jî wekî straneke gelêrî ya taybet bi Kurdistanê ye, di nêv gelê me de maye.

[Li ser Memê Alan binêr: Pêşgotina Dr. Nuriddîn Zaza ji dastana Memê Alan re, weşanên Rêya Azadî jimare 8, Çapa duwê, Köln] û [li ser Mem û Zîn, binêr: Perwîz Cîhanî, Ehmedê Xanî, Mem û Zîn, bi tîpên erebî yên kurdîkirî, Orumiye, sindoqê postî 717, merkezê neşrê ferheng û edebiyatê Kurdî] û li ser Seyfulmuluk, vegere: Prof. Celîlê Celîlî, Siyapûş, Seyfulmuluk, Wien, sal 2000, ISBN: 3-926522-21-6]

Hema gava em li çêrokên me yên kevintir binêrin, wekî “Şah Meymûn“, “Rustemê Zal“ û “Şahmaran“ a ku ew jî bi hinde terzan heye, û hinek ji wan versiyonan ji aliyê hêja Lokman Polat ve, di pirtûkekê de hatîne danîn, an jî “Hespê Boz û Şehzade“, emê bêtir ji civaka kurdî ya kevin ve nêzîk bibin û hinek dîmenên wê binasin. Ev çêrok jî ji aliyê dostê me yê hêja L. P. ve di pirtûkeke dî de hatiye nivîsandin.

[Binêre: Lokman Polat, Çend varyantên Efsaneya Şahmaran, weşanên Helwest, Çanda Nûjen 23, Swêd – ISBN:91-972908-8-2] [Binêre, Hespê Boz û Şêxzade, Çend varyantên Efsaneya Şahmaran, weşanên Helwest, Çanda Nûjen 17, Sal 1998, Swêd- ISBN:91-630-1814-4

Min çêroka kurdî ya kevnare “Sê gul û sê bira” wekî  novêlekê amade kiriye, hema ta nehatiye çapkirin. Di vê çêrokê de lehengê wê ji aliyê du birayan ve ditê xapandin, ew di binê çalekê werdibe, li rêya qurtalbûnê digere, dawî qulekê di dîwarê çalê de dibîne, wê dikole, û bi cîhaneke fantaz a dêwan dikeve, pişt re ew li pişta beranekî suwar dibe, keçeka ku di wê jêrzevînê  de girtî bû bi xwe re azad dike, ew li pişta bazekî suwar dibe û di ser ewiran re difire, û ber bi welatê xwe ve vedigere, ku rastî nerastiyê binpê bike û zorbazê deselatdar bi bin keve.

Ajal di çêroka kurdî de:

Di çêroka “Sê gul û sê bira” de, mirov pir ji sirûştê hezdike, ew di ber gulekê de bi dêwekî re dikeve şer, ew jîna xwe dixîne tengahiyê, beran û baz û mar dibine lehengên çêrokî, hema çêrok ne ya ajalan e, wekî “Kelîle û Dîmne“ ya Ibin Elmuqeffee. Ev şêweya nêzbûnê ji ajalan ve, hevjiyan û hevtêgihîştinê bi wan re, di gelek çêrok û efsane û epos ên kurdî de heye. Di çêroka (Kulikê Silêmîn) de, xezal ji ber nêçîrvanên xwe, herdu kurên Silêmîn, Kulik û Kehr, direve, heft roj û heft şevan, ji çiyayê Şengalê ve ta bi deşta Heranê, li wir ewana xwe ji nişka ve di nêv neyaran de dibînin, û li dawiya çêrokê, Kulik di şergehê de ditê kuştin. Nêçîrvan bi pey xezalê dikeve, da wê bigire an bikuje, û pişt re dil û kezeb û goştê wê ji xwe re bibirije, hema di wê nêçîrê de, li ciyê xezalê, nêçîrvan bi xwe ditê damekirin û dikeve dava xezalê. Di dastana (Mihemed Henîfî) de, dîsa nêçîrvan bi pey xezalê dikeve, da wê bigire an bikuje, xezal ji ber wî direve û wî bi nêv koma gawiran dixîne, û ew bi wan re dikeve ceng û pevçûneke xûnî, hema li pêxemberê Musilmanan –Selewat û silav lê bin-, ku ji aliyê dayîkê ve bavpîrê wî, diyar dibe, ew li kurmamê xwe, bavê Mihemedê Henîfî digaze, Elî –Xwedê wî rûmetdartir bike– yê di cengekê de, li bin darekê vehesek dida canê xwe, pir li dûrî Medînê, paytexê Musilmanan, dengê Pêxember ji nişka ve di sîng û mejiyê xwe de dibihîse, hildigave, nee’ran li leşkerê xwe dide, û ber bi keleha Romî ve hespê xwe dibezîne, kurê xwe ji nêv şûr û rumên gawiran qurtal dike. Di Dastana (Sad Ehmedê Silîfî) de, ku bi (Siyabend an Siyamend û Xecê) navdar e, dîsa xezal dibe egera bi davxistina lehengê dastanê, Ji ber ku “Xec“ ji xwe re bi lîska xezalekê dikene, “Sad“ radibe û bi pey wê xezalê dikeve, ku xwe ji ser zinarekî davêje ser yekî dî, di nêv çiyayekî de. Li dawî “Sad“ tîrekê davêje û tîr li xezalê dikeve, gava “Sad“ xwe jê ve nêzîk dike, da seriyê wê bibirre, ew lingê xwe dilebitîne û li nava “Sadê Silîfî“ dide, “Sad“ ji beneke bilind ve di bin kendalekî werdibe, û pîkenekî şikestî û tûj ê darekê di pişta wî re derbas dibe, di zikê wî re derdikeve…Paş gelek hawar û qîrîn û heywaxiya “Xecê“, ji neçarî ew jî xwe bi ser yarê xwe de davêje…Ew jî ditê kuştin.

Gelo xezal di çêroka kurdî de “Qeder e“? an jî ew pêkar û acetekî wek gelek pêkar û acetên dî yên “Qederê“ ye? An jî Kurdan heznedikirin, ku mirov biçin nêçîra xezalan û wan ji Kurdistanê mehf bikin? Qey ji zû ve li ba Kurdan hişyariyeke jîn û sirûştparêziyê hebû, di nêv heme çêrok û efsaneyên wan de li ser hesp û xezal û firind û mar û şêran ditê hewaldan, û pir caran, di çêrokan de, wan ajal bi mirov re dipeyivin, wî diparizin, harîkariya wî dikin, û wî ji tengiyan jî qurtal û aza dikin?

Rast gelek şêweyên çêrok û eposên kurdî hene, hene bi “dawiyeke xweşik“, û di vir de divê em bînin zimên, ku heme çêrçêrokên bo law û keçikan, di nêv çêrokên kurdî de, wekî “Pîr û rovî“, “Kêlo“ û “Lawikê keleş“, ku niha teviya bûyerên wan baş nayin bîra min, bi dawiyeke şad “Happy End“ tev dibin, diçin serî, hema yên evîndariyê, wekî “Mem û Zîn“, “Leyl û Mecnûn“, “Sad Ehmedê Silîfî“, bi serpêhatî û êş diçine serî. Hene jî li ser lehengiya neteweyî ne, wekî “12 suwarên Merêwanî‘, û “Xanê Lebzêrîn“ ê ku wekî straneke gelêrî ye [Min tîpguhastina wê jî amade kiriye], hene jî, wekî me berê gotiye, li ser wateyên olî ne, wekî “Şêxê Sena’nî“ ya Feqê Teyran kiriye dastaneke pir hêja, û hene li ser civaka me ya axatiyê, wekî “Cenbelî“ an “Cebelî, ku bi pir terzan heye, û navdar e, an jî wekî “Bêrîvana Cindî“, ku herdu wekî stran belav bûne, û pir bi hûrikî û nêzikî li ser wê parê ji dûroka me ya civakî radiwestin. Stranbêj Eliyê Kapê ji Kurdaxê pir baş “Bêrîvana Cindî û Kakoyê Fille“ straye. Ji xwe “Cebelî“ an Cenbelî ji aliyê gelek nivîskaranve hatiye nivîsandin. Divê em bînin zimên, ku çêrokên li ser li ganketinê jî di nav Kurdan de hebûn û pir vekirî û asan û yekser li ser hezkirina govdeyî dipeyivîn, ji mêr û jin û kur û keçikan re dihatin gotin. Mixabin tiştek ji wan nehatiye nivîsandin. Di wan de,  kîrê mêran dibe piryek di ser çemekî re, an hêlikên wî wekî kundirên herdemî mezin in, û jin tew ji ganketinê têr nabin…wan çêrok jî bi “Happy End“ teva dibûn.

Li dawiyê: Ev mijar pêdiviyê bi sedan rûpel e, ez nikanim di gotareke kurt û kin de wekî vê, li gor daxwaza dilê xwe, li ser kelepora me ya efsaneyî û çêrokî, çi devkî û çi nivîsandî, çi wekî stran û çi wekî beyt û dastan, binivîsim, lê ez dikanim bibêjim, ku hinek tevlêbûnên pir kevnar ên çandeyên Somerî û Zerdeştî jî di nav çêroka me de hene, ji wan jî bê guman çêroka “Nîbêro“ û çêroka “Gilgamêş“, [min ji ber hêjabûna wê, ew li vê dawiyê wekî romaneke kurdî nivîsandiye], û tew naye ji bîrkirin, ku di çanda kurdî ya “Ezdahî“ de gelek çêrokên xweşik û delal ên bi wateyin olî û mirovî hene, ji wan jî çêroka “Mîr Meho“, ku bêguman berê navekî wê yê dî hebû, ji ber ku “Mîr“ û “Meh‘o“ herdu bi Erebî ne, hema ev çêrok tew li ba Ereban bi ber çavên min neketiye.

[Bo xwendina çêrokê vegere: Xidir Ebdo, Elcewhere Elmefqûde, Tarîxa Ezdahiyê, bi zimanê Erebî, Almaniya 2004, rûpel: 196]

Li min biborînin, ji ber tengbûna bergehê,  ez tew neçûm ser kelepora çêrokî ya zaravên dî, wekî “Şêrîn û Ferhad“, “Cîhangîr û Rustem“, an jî “Baram û Gulnar“ ên ku bi zarava Goranî, wekî Epos hatîne nivîsandin.

Bi hîviya careke dî, ku ez bi firehî û kûrtir li ser çanda me ya efsaneyî û çêrokî rawestim, bimînin di xêra Xwedê de.

Bonn, 10.08.2010

خطاب الأسد السوري بين الخوف والاستهزاء

جان كورد، ‏17‏ نيسان‏، 2011

المراقبون السياسيون للأوضاع السورية ترقّبوا الخطاب الأخير للسيد الأسد باهتمام، ولكنه جاء ضعيفاً وكئيباً بالنسبة لتوقعاتهم. الأصدقاء والأعداء انتظروا أن تكون فيه ثمرة ما، بعد يومٍ طويل وعامر سبقه بالاحتجاجات والتظاهرات في اكثر من 10 مدن سورية، طالبت بخلع النظام واسقاطه

على أثر إلقاء الأسد لخطابه اتصل بي صديق أوروبي عن طريق الايميل، وهو يقضي بضعة أيام حالياً في ربوع كوردستان وأرسل لي مع الايميل بياناً مشتركاً بالانجليزية للأحزاب الكوردية السورية سائلاً عن رأيي الشخصي فيه، وكتب في آخر رسالته بأنه لا يدري كيف انتهى خطاب الأسد السوري وما جوهره أو ما الهدف منه، فأجبته بأن إلقاء الخطاب من عدمه، لم يغيّر من حال الشارع السوري شيئاً لصالح النظام، بل ساهم بقوّة في مزيد من التساؤلات والمطالبات برحيل الأسد وبطانته الحاكمة

لقد فرضت الأحداث الجسام في الشارع السوري نفسها على الرئيس ومن حوله وليس لأنه أحب قول شيء ما بمناسبة أداء اليمين الدستورية من قبل الحكومة الجديدة. ومع ذلك فقد جاء الخطاب مملاً ومرهقاً لكثيرين من السوريين، وأنا شخصياً لم أتابعه حتى النهاية. والجزء الأكبر الذي سمعته خلا من عبارات صريحة عن “الحريات” و”الديموقراطية” و”حقوق الإنسان”.. إنه لم يتطرّق إلى انتخابات نزيهة أو وقف للقمع الوحشي الذي يرتكبه نظامه ومن التحق به من البلطجية والشبيحة والمرتزقة، في حين أكد الخطاب على ضرورة محاربة “المخربين” بلا هوادة، والمخربون في نظر النظام “يجلبون السلاح من لبنان والعراق” ولربما يتهمون غداً الأردن وتركيا أوأنه سلاح اسرائيلي يدخل البلاد عبر الجولان المحتل كذلك، كما أضمر استهزاءً بالحراك الشعبي الكبير، الذي حاول الأسد تفادي ذكره وتجاوز هذه المشكلة الكبرى بابتسامات باهتة بل وبضحك أيضاً، في حين لاتزال أمهات وعوائل الضحايا تذرف الدموع

يبدو أن كل تظاهرات الشعب السوري وثورة الغضب التي أسقطت في مدن عديدة تماثيل جلالة الأب والابن لم تقنع هذا الرئيس “المستملك” بأنه في خطر ومملكته في حال اضطراب وبأن حكومته الجديدة رغم تصنت أفرادها لكلامه باهتمام مصطنع بادٍ للعيان قد بدأت حياتها على كف عفريت. هذا الخطاب الذي ظهر أثناءه الرعب مرتسماً على وجه صاحبه لم يكن موجهاً للشعب فالشعب غير موجود في دفتر هذا النظام، ولم يخاطبه المستملك مباشرة، وانما كان خطاباً لبطانته ووزرائه الذين هم أحوج ما يكونون لحبوب الهلوسة ليغمى عليهم فيتناسون الواقع الخطير مثله وليس لهذا الخطاب الذي لايختلف في رداءته عن خطابات الرئيس اليمني، وقد يعلم الأسد المستملك مثله “مسبقاً” بأن الشعب لايريد الاستماع إليه

إنه خطاب للإعلام السوري الذي أدخل نفسه في جحر النظام وهو مطية للظلم والأكاذيب المفبركة لأسياده عوضاً أن يكون صوتاً للشعب ومدافعاً عن الحقيقة، إنه خطاب للاعلام السوري الشبيه بالاعلام الغوبلزي النازي أو الصحافي الصدامي، وإنه قبل كل شيء لزرع بعض الشجاعة في قلوب البلطيجة الذين يضربون المحتجين بالهراوات ويطلقون عليهم النار وكذلك هو خطاب للمرتزقة الآخرين من حملة الأقلام…وعلى كل حال فإنه لم يكن خطباً لائقاً برئيس جمهورية أو بملك من الملوك

الرئيس المستملك لم يتقيّد بالنص المكتوب له، فهل فعل ذلك لأن النص كان مختصراً وهو يحب الأحاديث الطويلة المطاطية على العكس من أبيه الذي كان يحبّذ السكوت؟ أم لأنه أراد الايحاء بأن الذي يقوله هو شخصياً أهم مما يقدّم له من الحرس القديم والجديد، وهو يجيد الكلام بأرشق العبارات البعثية وبأعذب البيانات التفاؤلية من مستشارته الشعبانية، وما يقوله هو القول الفصل ولا أحد يقدر على الاملاء عليه

في الحقيقة ذكّرني هذا المستملك برئيس دولة من أمريكا اللاتينية في أحد الأفلام السينمائية ألقى خطابه أمام كاميرا التلفزيون ونياشين القوّة وأنواط الشجاعة تزيّن صدره، وعندما انتهى تراجعت الكاميرا لترينا فوهات البنادق الموجهة إلى صدره

أراد المستملك إظهار نفسه بهذا الخطاب قوياً لايزال ممتطياً صهوة جواده، وما الحكومة سوى أتباع وأشياع متملقين ومنتفعين من حوله، وأن “كل شيء تحت السيطرة” كما يقول المتحدثون بالانجليزية، ولكن مردود خطابه قد عاد بالنتائج السلبية على نظامه وحاشيته المترفة، لأن الشعب لم يتراجع عن الاحتجاج والمطالبة باسقاطه، ويبدو أن الفرامل الجديدة المصنوعة من “إصلاحت ورشوات وتعديلات شكلية” لن توقف قطار الثورة الذي يسير عبر الشرق الأوسط كله بصورة تثير الرعب في قلوب الحاكمين

الخروج من النفق السوري

جان كورد
‏12‏ نيسان‏، 2011 

أدخل النظام الأسدي – البعثي الذي لايزال قائماً في سوريا بلادنا في نفقٍ مظلم، منذ أن لجأ إلى الاستخدام المفرط للقوّة تجاه المحتجين والمتظاهرين المطالبين بالاصلاحات الجذرية والتغيير الحاسم في أسس حياتهم السياسية – الاقتصادية، ولن يخرج النظام بذاته من هذا النفق إلاً بوجه شاحبٍ أو كالح تعلوه قترة، في حين ستخرج البلاد رغم كل ما يصيبها من ويلات عظيمة أقوى من قبل، وكذلك شعبها الذي لا يقوم بهذا الذي يمارسه في الشارع إلا وقلبه مطمئن إلى أن مستقبله سيكون أفضل بزوال هذه الطغمة المستبدة برقابه منذ عقودٍ طويلة… وهذا شأن كل النظم السياسية التي لاتكترث بكرامة المواطنين وتهون لديها حياة الناس وأموالهم وأعراضهم ويذيقونهم العذاب، منذ عهودالفراعنة المصريين وإلى يومنا تساقطت بسبب سوء تقديرها لقوةالشعوب المنتفضة ولايغالها في سفك الدماء.

تقوى الاحتجاجات وتتوسع على الساحة السورية رغم كل محاولات التمييع وتسويد الصفحات ومحاولات السيطرة عليها من قبل النظام، ورغم كل التنازلات والتراجعات والرشوات التي يبديها ويعرضها، وتعلو في الشارع السوري وعلى الصعيد الدولي الأصوات المطالبة بتقديم المسؤولين عن حمامات الدم المروّعة للمحكمة الدولية بتهم ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية، كما يقوم بعض رؤساء الدول والأحزاب والهيئات العالمية بادانة هذه الأعمال الدموية، التي حدثت وتحث في سوريا الأسود الآن…

ولكن ليس أمام المعارضين للنظام خطة واضحة السطور يقدمونها للعالم الخارجي الذي لا تعيش سوريا بمعزل عنه ولشعبهم الذي يطمح لايجاد قيادة معارضة تحظى بثقته التامة وتسير أمامه لا تهرول خلفه.

هناك عفوية وتضحيات جسام، شعب عار الصدر يقاوم الأرتال العسكرية وحشود البلطجية والشبيحة والمرتزقة المجلوبين من خارج البلاد، إضافة إلى الكثير من الأجهزة القمعية التي يسمونها ظلماً وعدواناً بأجهزة الأمن… وكلها قوى مدججة بالسلاح، مهيأة لهكذا أحوال وظروف، تجيد القتل والإرهاب بأعصاب باردة ولايرّف لها جفن لدى قيامها بالتمثيل بجثامين الضحايا على مرأى ومسمع العالم.

تختلف الرؤى والتحليلات والاستنتاجات مع تواجد حلول جزئية غير حاسمة  تبيّن كيفية الخروج من هذا النفق المعتم وقلّة هم الذين يدرون حقاً إلى أين يسير القطار السوري !!!

برأيي لا تكفي الخطب النارية والحماسيات والبكاء على المصحوب بالأشجان العنيفة على ضحايا هذه الكارثة الوطنية التي تمرّ بها البلاد، ولا ينفع أي عقارٍ ما لم نتفق على أن ما بين النظام القائم والشعب المنتفض حالة حرب عدوانية، المهاجم فيها هو النظام والمدافع عن نفسه هو الشعب. وفي الحرب يلجأ المتحاربان إلى كل الأساليب التي تساعد لاحراز النصر وتحقيق الهدف، فالحرب خدعة…

وعلى هذا الأساس يضطر المحارب إلى وضع خطة قتالية، قد تظّل سرّية حتى النهاية، وذلك بعد أن توضّح له إطار المعارك ومسرح الحرب ولمس بيده قوّة الخصم وتعرّف على نقاط ضعفه، والشروط الذاتية والموضوعية وتكوّنت لديه صورة واضحة عن مجريات الأحداث في ظرفيها المكاني والزمني…

وعلى هذا الأساس يجب تثبيت بعض النقاط الهامة – حسب قناعتي – للتحرّك على ضوئها من أجل الخروج من النفق المظلم بأقل عدد من الضحايا وبأقل تدمير للممتلكات العامة وبأقل خسائر مادية للشعب السوري

– النظام قد يتمكّن من إخماد بؤر الاحتجاجات والانتفاضات في سائر المدن، واحدة تلوالأخرى، ولكنه عاجز عن ذلك حيال تظاهرة مركزية جامعة ومستمرّة (كمظاهرة ساحة التحرير في القاهرة) في مدينة سورية واحدة كبيرة مثل حلب أو دمشق، فذلك سيجلب اهتماماً سورياً واقليمياً ودولياً أعظم وسيثير رغبة المؤسسات الاعلامية العملاقة للتغطية المباشرة رغم كل العراقيل والعوائق التي يضعها النظام أماماها وسيزيد من مخاوف المهاجمين والمندسين من قبل النظام، وستشل الحياة الاقتصادية بصورة سلبية للغاية بالنسبة للنظام الذي يحتاج إلى المزيد من الأموال حالياً.

– يجب أن لا يمنع أحد المواطنين الذين يهربون من جراء حملات القمع الشديد ليجدوا لهم مأوىً آمناً في البلدان المجاورة، فهذا سيدفع بالقضيةالسورية إلى التدويل الذي بدونه يصعب إجبار نظام غارق في الإرهاب على التراجع. وتجارب الشعوب عديدة في هذا المضمار، في البوسنة والهرسك، في كوردستان العراق، وفي ليبيا مؤخراً، حيث عبور مواطني بلدٍ من البلدان بحشودٍ ضخمة يثير مخاوف المجتمع الدولي ويدفعه للتحرك ضد النظام الذي يرهب شعبه بحيث يهرب من وطنه… وهذا لا يعني أوتوماتيكياً لجوء المجتمع الدولي إلى ممارسة العنف – كما في ليبيا الآن-، فقد ظلت منطقة الحظر الجوي على كوردستان العراق مدة تزيد عن 11 عاماً دون أي تدخّل عسكري ضد نظام البعث العراقي في تلك الفترة. ولكن لا يمكن التساهل مع نظام مستعدٍ لارتكاب المجازر الجماعية مثلما فعل نظام القذافي مثلاً… والذي يضحي بشعبه من أجل شعارات حزبية ومثالية لا يستطيع قيادة ذلك الشعب الذي يتعرّض للمجازرالرهيبة بالتمنيات القلبية أو بتضحيات الشعب فقط، وانما بانتهاج سياسة حكيمة ومؤّثرة داخلياً وعلى المستوى الدولي.

– طالما الشعب في مواجهة شاملة لنظام شمولي يستخدم كل أسلحته وأساليبه الماكرة لاجهاض الثورة فلا بد من جمع شمل المعارضة التي تزعم أنها تقود نضالات هذا الشعب، جماعاتٍ وأفراداً… وهذا يقتضي عقد مؤتمر وطني سوري، في الداخل السوري إن تمكنت المعارضة من ذلك، أو في أحد البلدان المجاورة إن وافق بلد منها على ذلك، دون شروط وقيود، أو في أوروبا وسواها، أو حتى على القمر والمريخ إن اقتضى الأمر ذلك…

وبالتالي يمكن تكوين “مجلس وطني للتغيير”  من ممثلي القوى الحاضرة في هكذا مؤتمر ومن ممثلي منظمات حقوق الإنسان، وكذلك من الشخصيات المستقلّة العاملة في جبهة المعارضة والمناضلة من أجل التغيير، ولكن قبل كل شيء يجب الاستماع جيداً إلى ممثلي الشباب ومنظماتهم وتجمعاتهم المكافحة في الشارع السوري، والاتصال بالعناصر المتذمّرة من النظام، عسكريين ومدنيين، سياسيين وديبلوماسيين ونقابيين، بهدف كسبهم إلى صف النضال الوطني  والاستفادة منهم في خدمة جبهة التغيير الوطني…

ولا أريد الاطالة في هذا، لأن الوقت من ذهب، وعلينا أن لا نضيّعه …

الثورة مستمرة ب”هوية” أو بدون هوية

جان كورد، ‏8‏ نيسان2011

النظام السوري القائم مقدم على تقديم مختلف التنازلات، في ذات الوقت الذي تتزايد اجتماعاته مع رؤساء المخابرات والشرطة وزعماء الأحزاب التابعة المدجّنة والمسؤولين عن تأمين أكبر قدرٍ ممكن من “الشبيحة” و”البلطجية”… وهذه السياسة المزدوجة التي تفوح منها رائحة العطور الرخيصة ورطوبة السجون معاً سياسة عريقة لدى سائر الدكتاتوريات والنظم الاستبدادية… ولكن الشعوب التي تمخر بسفينتها البحار الهائجة لاتخاف من العصي الغليظة ولاتنخدع بفتات الحلويات التي تنثرها السلطة لتحريف مسارها وايقافها عن مسيرتها… وهكذا الشعب الكوردي في سوريا، تماماً مثل الشعب العربي وسائر المكونات الأخرى التي تتألف منها التركيبة السكانية للبلاد

لقد حرم هذا النظام بالذات، نظام البعث الأسدي، شعبنا الكوردي من ممارسة سائر حقوقه القومية، فمنع تعلّم الطفل الكوردي في المدرسة لفظة “باران” من لغته الأم إلى جانب لفظة “مطر” العربية، ومنع الأغنية الكوردية من أن تغنّى في الراديو والتلفزيون السوري منذ أن اغتصب البعثيون الحكم في عام 1963، بل رفض تسمية المواطن الكوردي بأنه “كوردي” حتى في مرسومه التشريعي الأخير، الذي سيتم تسويقه على أنه من “إنجازات البعث العظيمة” والذي صادف إصداره يوم ميلاد البعث في 7 نيسان، فالجنسية المغتصبة ستمنح للمواطن في محافظة الحسكة، وهو المواطن الكوردي دون سواه، ولكنه سيسجّل ك”عربي سوري” أي سيحرم من حقه القومي بذريعة أن البلاد كلها عربية  وما على الكوردي إلاّ أن يقبل بذلك أو يرحل… وبالتأكيد هناك مع الأسف في المعارضة من لايقل شراسة عن البعث الحاكم في هذا الصدد

وفي الحقيقة لاندري كم من الوقت سيمّر حتى يحصل الكوردي فعلاً على حق المواطنة العربية هذه، وكم من الرشاوى سيدفعها للبيروقراطيين، وكم سيتم تعذيبه للتأكّد من صحة الورقة التي بين يديه، تلك الورقة الحمراء الشاحبة التي حوّلته أو حوّلت أباه أو جده إلى “لاجىء أجنبي” في أرض وطنه، فورثها عنهم وأصبح بذلك ضحية من ضحايا العنصرية التي دام أمدها… وما مصير الذي لم يمتلك هذه الورقة أي “المكتوم” غير الوارد اسمه في السجلات،… ماذا سيصدر السيد وزير الداخلية من قرارات واجراءت معرقلة ومعوّقة للحصول على الجنسية العربية السورية… وما حجم التدخل الأمني في ذلك؟ فالذي يمنع المواطن من نقل ملكية عقارٍ صغير إلا عن طريق “الأجهزة الأمنية” سيمنع  اقتناء هوية سورية أيضاً مالم توافق على ذلك هذه الأجهزة… أي أن هذا المسكّن السحري قد لايعطي أي مردود لازالة هذه المعاناة دون معاناة أكبر

أن تكون كوردياً، يعني أن تقبل الجلوس على مقاعد خلفية في سائر المعاملات القانونية والاجرائية مالم تكن عميلاً للأجهزة الأمنية أو دافع رشاوي يومية أو يكون لك ساند يسندك في دمشق أو حلب أو الحسكة، حتى صار امتلاك دعم هكذا شخصية من الفضائل الكبرى التي يفتخر بها المرء

إن كان انتزاع الجنسية من مئات الألوف من المواطنين الكورد بجرّة قلم وعن طريق الوراثة قبل عقود من الزمن صحيحاً من وجهة نظر قانونية أو حسب لائحة حقوق الإنسان فلماذا يعاد له هذا الحق فجأة وبمرسوم تشريعي من رئيس البلاد؟ وإن كان خطاً فلماذا لم يتطرّق المرسوم إلى ذلك الخطأ التاريخي الثقيل الذي أرهق حياة جزءٍ هامٍ من المواطنين “العرب!” السوريين، وهل يمكن اعتبار هذا الاجراء “من “الإصلاحات والانجازات!” أم أن الظروف المستجدة فرضت على الرئيس مثل هذا المرسوم، خوفاً من استفحال الأمور، وبهدف تحييد الكورد ولو لفترة وجيزة عن ملعب الكرّ والفرّ…؟ لماذا لم يتطرّق المرسوم إلى تعويض المتضررين من استمرارعقوبة التجريد من حق المواطنة طوال حكم البعث حتى آخر عيد ميلادٍ له؟

الكورد الذين في منطقتي كوباني (عين العرب) و كورداخ (جبل الأكراد) أو ما يسمى الآن ب”جبال حلب!” لم يفقدوا جنسيتهم السورية بحكم ذلك الاحصاء الاستثنائي الحقير في عام 1962، فكان وضعهم أفضل من إخوتهم وأخواتهم في الجزيرة، ولكنهم مشاركون في الانتفاضات السورية التي انطلقت منذ الخامس عشر من آذار الحالي، رغم امتلاكهم هذه الهوية العربية السورية، فالموضوع هنا ليس وجود “هوية عربية سورية” أو عدم وجودها، وانما القضية هي قضية بقاء نظام أو عدمه… فالكورد والعرب اتحدوا ومعهم سائر مكونات الشعب السوري على أن الوقت قد حان  لاحداث تغيير جذري في بنية النظام وعقلية النظام وتراكيبه السياسية المتخلفة، ولم تعد تنفع الرشاوي والاعترافات و”الاصلاحات!”…فمن يضمن لنا نحن الكورد أن لايقع هذا النظام إن استمر حياً في أخطاء تاريخية أخرى سوى ديمومة الاحصاء الاستثنائي ضدنا أو حرماننا من سائر حقوقنا كقومية متميّزة عن القومية العربية في البلاد؟ من يضمن لهذا الشعب أن لاتمّر سائر معاملاته الادارية عن طريق الأجهزة الأمنية؟ من يضمن أن لايحكم الأسد حتى يكبر ولده فيعينّه أو يوصي بتعيينه خلفاً له، مثلما فعل أباه، فتصبح سوريا التي استقلّت عن فرنسا كجهورية دولة ملكية صرفة؟ من يضمن لنا أن يترفّع جلاوذة النظام ووحوشه المفترسة عن تعذيب النساء والأطفال والرجال لدى اعتقالهم بسبب أو بدون سبب؟ ومن يضمن لنا أن لايصبح “قانون مكافحة الأرهاب!” المزمع إصداره ليحل محل “قانون الطوارىء” سلاحاً أخطر على الحريات السياسية والاعلامية والدينية والاقتصادية من قانون الطوارىء ذاته؟ … ومن يضمن لنا أن لايستمر النظام في تعزيز أجهزته القمعية والأمنية على حساب تحقير دور الجيش السوري؟ كما من يضمن لنا أن لاتتحوّل البلاد في ظل التدخل الفارسي المستمر في سوريا إلى مزرعة لحزب الله والباسداران وعصابات الاغتيال الايرانية الشهيرة، فيقضى على أيديهم على كل عالم يقف في وجه تشييع السوريين؟

الاصلاحات تتم وتنفّذ بارادة حرّة، من قبل شعب حرّ، وتوكيل شرعي صحيح للنظام من خلال انتخابات نزيهة وحرّة وتحت اشراف دولي، فهل هناك من يضمن لشعبنا السوري أن لايصّر رئيسنا ومن حوله على البقاء في الحكم وعدم هجر “قصر الشعب” على غرار باغبو رئيس ساحل العاج الذي خسر الانتخابات وعرّض بلاده لحرب أهلية ولكنه بقي مختفياً في قصره رافضاً التنازل لشعبه الذي وقع خياره الديموقراطي على سواه…؟

الكورد مشاركون في الثورة سوى العملاء والمرتزقة من الجاش الذي يشاركون النظام على مستويات مختلفة للوقوف في وجه الثورة، ولايهم أن يحمل الكوردي في كفاحه العظيم إلى جانب إخوته وأخواته السوريين هوية عربية سورية أو هوية بلادٍ أخرى كما هو حال الآلاف منهم في المهاجر أو كانوا “لاجئين أجانب” في وطنهم، بلا هوية عربية سورية… فهم لايكافحون فقط من أجل هوية سورية في للعيش بها في ظلام الاستبداد، وانما من أجل الحرية والكرامة التي تنص عليهما لائحة حقوق الإنسان، وبالتأكيد من أجل نيل سائر حقوقهم القومية التي تنص عليها المعاهدات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الشعوب والقوميات والأمم

فالثورة اليوم ثورة بلا هوية…تجتاز الحدود دون جواز سفر، بل دون إذن مسبق من الأنظمة المستبّدة… إنها روح الإنسانية المستيقظة

السلطة السورية ونظام الجاش

جان كورد، ‏الأربعاء‏، 06‏ نيسان‏، 2011

الجاش كلمة كوردية محرّفة عن اللفظة العربية (جحش أو جحوش)… وهي معروفة لدى الكورد، وطنيين وعملاء في الوقت نفسه، فلقد اعتمد نظام البعث العراقي لأكثر من عقدين من الزمان على كتائب وفصائل للجاش، ودفع لها الأموال، وبنى لها نظاماً عسكرياً أساسه قوى العشائر الكوردية التي كانت معادية للثورة التي قادها القائد الأسطوري مصطفى البارزاني، الذي كان شعاره الايماني (يقيني بالله يقيني) وكان القرآن الكريم لايفارقه طوال سنوات الكفاح التحرري للشعب الكوردي

الجاش كان نظاماً له رؤساء وعمداء يسمون ب”سروكى جاش”، ومنهم من كان يسمى ب”جاش 66″ أي دخلوا في سلك الخدمة القتالية للنظام الصدامي منذ عام 1966، وكانوا من أخطرهم وأشدهم عداءً للثورة الكوردية. واستطاع صدام حسين من خلال الترغيب والترهيب تطوير نظام الجاش إلى قوة عسكرية – سياسية هائلة لاتتوانى عن التقتيل والتعذيب والاغتيالات والتدمير، وكذلك الاستيلاء على ممتلكات الكورد المعارضين للحكومة المركزية، بل تمكّنت السلطة من بناء مجلسين “تشريعي وتنفيذي” للجاش ليعطيهم صفة سياسية تدير منطقة ما كان يسمى ب”الحكم الذاتي”، ووصل عدد هؤلاء العملاء والمرتزقة الكورد الذين وقفوا ضد شعبهم حتى أثناء “حرب الأنفال” الرهيبة التي شنّها نظام البعث الصدامي على شعب كوردستان إلى ما يزيد عن مائتي ألف مرتزق

ولكن، تعرّض النظام العراقي لهزات عنيفة، بسبب الضربات القوية التي تلقاها بسبب الحرب الطويلة الأمد مع ايران، ومن ثم الضربات القاتلة التي سددتها إليه قوات التحالف الدولي أثناء غزو قواته العراق، وإفنائها بسرعة صاروخية وقوة تدميرية هائلة، ورأى الجاش الأكراد أن مصيرهم قد أصبح ضبابياً أو مجهولاً، ولاينكر أن جزءاً كبيراً منهم كان قد التحق بقوات الجاش خوفاً على نفسه أو عائلته أو أملاكه، ولم يكن انضمامه إليها عن عقيدة أو إيمان بأنه يخدم خدمة شريفة للوطن المشترك. فهبّ الجاش وكانوا مسلّحين تسليحاً جيداً، وتمكّنوا من فرض سيطرتهم على العديد من المراكز الحكومية والعسكرية المتواجدة في كوردستان العراق خلال فترة وجيزة، وهذا ما شجّع الشعب على الثورة، فاندلعت انتفاضة الكورد الشاملة في عام 1991م وأضطر صدام حسين إلى ارسال قوات ضخمة مزوّدة بمختلف الأسلحة، وساهم في نجاحه آنذاك أن قوات التحالف الدولي سمحت له بإخراج طائراته العمودية (الهليوكوبترات) وزجها في قصف ورمي السكان المدنيين، ورافق ذلك تهديد من رجالاته من أمثال طارق حنا عزيز وعلي حسن المجيد التكريتي وعزت الدوري باستعداد النظام لقصف المدن الكوردية بالغازات السامة من جديد، كما فعل في عام 1988 في مدينة حلبجة ووادي باليسان وغيرهما…. وانتشر الرعب كالنار في الهشيم… ثم حدثت نكبة الهجرة المليونية الشهيرة للشعب الكوردي صوب الحدود التركية والايرانية…وأضطر المجتمع الدولي إلى التدخل واحداث منطقة حظر جوي على مناطق واسعة من اقليم كوردستان العراق

نعم، لقد انتفض الجاش مثل غير الجاش من وطنيين ومعارضين وثوار في وجه النظام الذي كان يغدق عليهم بالأموال والأسلحة والألقاب والمناصب والأوسمة ويقوّي علاقاته بهم، حتى صار رؤساء الجاش كالقطط السمان

أخذت الحكومة التركية ذات النظام، نظام الجاش وسمتّه ب”كوى قوروجي” أي “حماة القرى…فوزّعت الأسلحة على القرويين الكورد، وبخاصة رجال العشائر المتاخمة للحدود الايرانية – العراقية السورية، وشجّعتهم على الحرق والقتل والاغتيال والتدمير بلا رحمة، حتى وصل عددهم في وقت من الأوقات إلى أكثر من 80.000 منتسب، رغم أن قوات حزب العمال الكوردستاني كانت تضربهم بيدٍ من حديد، إلا أن عددهم كان في تزايد مستمر… ولكن هذا النظام أثبت فشله في تركيا أيضاً نظراً لوعي الشعب الكورد وثباته على المطالبة بحقوقه واستعداده للتضحية من أجلها

السلطة السورية القائمة بدأت أيضاً منذ سنوات طويلة بتجميع قوى كوردية عشائرية تحت أمرة شخصيات مقرّبة من الرئيس الراحل حافظ الأسد، ومنهم شقيقه جميل الأسد، الذي جمع أموالاً طائلة من الكورد بتنظيمهم في تنظيم مشبوه باسم “جمعية المرتضى” التي كانت غالبية أعضائها من الكورد. ولكن يبدو أن النظام السياسي لأخيه لم يكن يفسح له للتمادي في بناء قوة “الجاش” تلك. واعتمد النظام أيضاً في دفع بعض الناس من الكورد الموالين له إلى الاعلان عن “فرسان صلاح الدين” الذين ظلوا مجرّد اسم على يافطات كبيرة في مداخل “حي الأكراد” بدمشق، ولم يتمكنوا من تطوير أنفسهم سياسياً لأن النظام استطاع التضييق على الحركة السياسية الكوردية في البلاد من خلال تسخير أحزاب “كوردستانية” كانت لها مواقف مؤيدة للنظام الأسدي – البعثي حتى فيما يخص الوجود القومي الكوردي في البلاد، ومعادية للحركة السياسية الكوردية، ومن ذلك تصريح الزعيم العمالي الشهير السيد عبد ألله أوجالان فيما يخص الكورد في سوريا (أنظر كتاب: سبعة أيام مع القائد آبو). ثم عندما ساءت العلاقات بين النظام وأولئك الموالين، فإن النظام قد لجأ إلى دفع بعض التجار الكورد ومنهم مروان الزركي لتشكيل حزب باسم التجمع الوطني الديموقراطي ليلعب دور البديل بين الشعب الكوردي وعلى المنوال ذاته، إلاّ أن وعي الشعب الكوردي قد أحبط تلك المحاولات أيضاً واستمرّت في نضالها الحركة الكوردية السياسية التي مزّقتها الانشقاقات وأضعفتها ونخرت فيها بعض ديدان النظام على مستوى القيادات المتقدّمة مع الأسف

ومع بداية محنته السياسية الحالية التي أحدثتها تأثيرات الثورة العربية الكبرى المعاصرة في المنطقة، شرع النظام في استدعاء قواه “الكوردية” المخلصة من بعض الزعامات الباهتة اللون ومن عملاء مأجورين وشريحة من رؤساء العشائر، لينتظموا في سلك “نظام الجاش” الذي لم يتبلّور بشكل واضح كما في العراق وتركيا ولكنه يسير في ذات الاتجاه، اتجاه القيام بدور “البلطجية” و”الشبيحة” للنظام الأسدي المذعور من انتفاضات الشعب السوري… وهنا يجدر بالذكر محاولة المدعو عمر أوسى الذي يعمل علانية لتلميع صورة النظام أمام الشعب الكوردي والادعاء بأن النظام “صديق قديم” للشعب الكوردي وهو “ديموقراطي ووطني” وعامل على إنجاز “الاصلاحات التاريخية” وقادر على احباط “الفتنة” وعلى أن الكورد مخلصون أوفياء له…. ومن ثم احضار النظام لبعض رؤساء العشائر الذين لم يكن لهم في يوم من الأيم أي دور يذكر في النضال السياسي للشعب الكوردي ليقدّمهم كمحاورين باسم الشعب الكوردي… وبقي أن يشكّل لهم مجلساً رئاسياً “سه روكاتيا جاش” ليدخل في خدمته كما دخل الجاش في العراق والكوي قوروجي في تركيا في خدمة السياسة الحكومية من قبل

إن انتعاش الحراك الشبابي الكوردي المطالب بالتغيير الجذري في سياسات البلاد وفي ممارسات وسلوكيات الحركة السياسية الكوردية في الوقت ذاته هو الضمان لافشال المشروع السوري لاقامة وتقوية “نظام الجاش” هذا… ولذا فعلى كوادر الحركة السياسية الكوردية المخلصين والناضجين دعم الشباب في نشاطاتهم وتوجههم الصحيح بكل قوة ودون تردد

النظام الأسدي وتحييد الكورد

جان كورد، ‏02‏ نيسان‏، 11

إخوتي السوريون، وأخواتي السوريات من كل لون ومشرب

لن آخذ من وقتكم الكثير، فأنتم مشغولون بالتأكيد، منكم من وضع روحه على كفه وخرج ليقارع النظام الذي لايصغي لشعبه ولكنه يناور ويتكتك في حين أنه لايكف عن سفك الدماء كأي نظام فرانكشتايني آخر في هذا العالم، ومنكم من يحاور الإعلاميين (قطط النظام) الذين لايدرون ماذا عليهم أن يقولوا في هذه المهزلة الكبيرة، وبخاصة بعد أن خذل رئيس النظام حتى أقرب المقربين إليه من المستشارين والمستشارات، من التابعين والتابعات، ومن سائر الذين كانوا يتوقعون أن ينثر عليهم الرئيس الضاحك من الدرر في خطابه الذي سيأخذ مكانه القياسي في كتاب الجينيسيس العالمي بين أسوأ الخطب السياسية منذ أن تفنن الفلاسفة اليونانيون في ذلك وإلى يومنا هذا

أوّد أن أقول بعض الجمل القليلة الواضحة بصدد المحاولات الفاشلة التي قام بها النظام منذ بداية هذا العام الزاخر بالانفجارات الشعبية في العالم العربي ل”رشوة” الشعب الكوردي وحراكه السياسي – الثقافي في البلاد السورية

لقد أثبت شبابنا الكوردي يوم الأوّل من نيسان، ومن ورائه مجمل الطيف السياسي الكوردي السوري، وعمقه الثقافي الواسع، في الداخل والخارج، بأن النظام لم يتمكّن من تحييد الشعب الكوردي في هذا الصراع الكبير الذي نسميه عن حق ب”الثورة السورية الكبرى” الثانية منذ الكفاح التحرري ضد الاستعمار الفرنسي

وفشل النظام في “رشوة” شعبنا عن طريق ذكر اسمه “كورد” على لسان البثينة الشعبانية الظريفة في طلعتها الصحافية البهية قبل الخطاب الأخير للرئيس الضاحك، أو حضور بعض مسؤولي الحكومة والشرطة مراسيم الاحتفالات الشعبية بعيد نوروز “اليوم الجديد” الكوردي، في ظل الراية القومية لشعبنا، أو عن طريق الوعود المعسولة برفع الغبن عن المتضررين من مشاريع البعث العنصرية، وهم مئات الألوف من البشر، أو بالافراج عن بعض المعتقلين الكورد السياسيين دون غيرهم، أو بممارسة التهديد والوعيد باستخدام الشبيحة والبلطجية ضدنا… فالشباب الكوردي قد خرج إلى الشارع، مفنداً مثل الشباب العربي الرئيس الذي قال بأن سوريا لن تشهد احتجاجات ومظاهرات. خرج وهو يحمل الراية الوطنية السورية التي يتعرّض في ظلها لارهاب البعث المستمر، ويهتف باللغة العربية (حرية، سلمية، سورية، سورية) عوضاً عن لغته الكوردية، ويؤكّد على أن تظاهرته السلمية الرائعة هذه لم تكن هذه المرّة لدعم الأشقاء في البلدان الأخرى، وانما لإخوتهم السوريين، في درعا واللاذقية ودوما والصنمين وحمص ودمشق وسواها من المدن… وبذلك فشل النظام في سياسة تحييد فئة هامة من الشعب السوري لابعاده عن الفئات الأخرى… كما أجبر الشباب عجائز حركتهم الكوردية السورية أيضاً على الخروج عن صمتهم، منذ أن أعلنوا عن نيتهم على الخروج إلى الشارع

فمن ذا الذي لايزال يقول بأن الكورد متواطئون مع هكذا نظام، وهم الذين ثاروا عليه قبل غيرهم في عام 2004 بانتفاضة شامخة أريقت فيها وعلى أثرها دماء شبابهم كما يراق الدم العربي اليوم في درعا وغيرها…؟ من الذي يتجرّأ على أن يقول بأن اهتمام الكورد منصّب فقط على مشكلتهم وقضيتهم القومية؟ فالكورد (قرون الحديد أولو البأس الشديد) لن يدعوا إخوتهم السوريين يعانون أكثر مما عانوه من شرور وفساد هذا النظام الذي يجب أن يأخذ مكانه بعد الآن في متحف الشمع اللندني، في جناح المجرمين الكبار في التاريخ

الشعب الكوردي الذي يدافع طبعاً عن وجوده القومي ويسعى من أجل نيل حقوقه القومية العادلة جزء لايتجزأ من المجتمع السوري ذي الطيف الواسع الكبير، ويحمل قسطه من المسؤولية الوطنية ويقوم بواجباته مثلما يطالب بحقوقه، فاطمئنوا بأن سياسة تحييد الكورد قد فشلت منذ أن وطأت أقدام فتياننا وفتياتنا الشارع للتظاهر في اليوم الأوّل من نيسان… وكما أن في نيسان تتفتح براعم الزهور والأشجار المثمرة، فإنّ البرعم الكوردي قد تفتّق عن ايمانٍ عميق بالنصر وثقة بالنفس واصرار على التجدد والحياة

الشعب الكوردي هو الذي قال عنه شاعر العرب الكبير محمد مهدي الجواهري

شعب دعائمه الجماجم والدم       تتحطم الدنيا ولايتحطم