جان كورد، 29 كانون الأول، 2010
نشر موقع أخبار الشرق عن موقع إخباري آخر، يوم الثلاثاء، 28 كانون1/ديسمبر 2010 خبراً مثيراً للضحك عن السيدة د. بثينة شعبان المستشارة السياسية للرئيس الأسد، ألا وهو أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لو كانت نزيهة وعادلة؛ لما اعترض أحد عليها، “ولكن مسار المحكمة إلى حد اليوم، ينبئ أنها مسيسة” كما نشر الموقع ذاته بأن السيد الرئيس بشار الأسد قد قال للسعوديين: “إذا أرتم لبنان قوياً فعليكم منع صدور القرار الاتهامي في اغتيال الحريري
ولكن، لم تأت السيدة بثينة شعبان بأي معلومات تفصيلية أو اثباتات تؤكّد بأن المحكمة الدولية مسيسة، كما لم يفصح السيد الرئيس بشار الأسد أيضاً عن السبب الذي يدعوه إلى إصدار هكذا “تهديد” مباشر إلى المجتمع الدولي عن طريق العاهل السعودي، في هذا الوقت بالذات
ومن قبل شجب الولي الفقيه الكبير، آية الله خامئني الايراني، المحمكة الدولية ورفضها، دعماً لوليد نظامه في لبنان، السيد حسن نصر الله، الذي كان أشد صراحة من الجميع في أن نهاية لبنان ومستقبلها مرتبطان بقبول أو برفض “القرار الظني” الذي سيصدر عن المحكمة الدولية، وهو قرار في طريقه للصدور، شاء هؤلاء جميعاً أو أبوا
إن مسار المحكمة الذي ينبىء السيدة بثينة شعبان بأنها مسيسة، قد بدأ تحت غطاء دولي لمنظمة الأمم المتحدة الدولية، وبدأت بالعمل فرق تحقيق اخصائية من بلدان مختلفة، لاعلاقة مباشرة لها بأهالي الضحايا ولا بالأطرف المشكوك بأمرها في جريمة الاغتيال الكبرى تلك، وهذا المسار استمر رغم كل العوائق والمصاعب فترة طويلة من الزمن، وخلّف عشرات الألوف من الأوراق والصور والخرائط والتسجيلات وتحقيقات مع كثيرين من مدنيين وعسكريين، في البلد الذي حدثت فيه الجريمة وخارجه، ولكن بيلمار الذي لايزال المسؤول الأوّل عن التحقيق برمته، وهو إنسان معروف على الصعيد الدولي بخبرته في هذا المجال، قد آثر السرّية التامة والدقة، بحيث بدأ من الصفر تقريباً لاثارة بعض الأقول الشبهات لديه، فأفرج عن متهمين مسجونين بسبب القضية، وعطّل افادات شهود، ووضع أصولاً دقيقة لتحقيق يعتبر من أهم التحقيقات الدولية، قد يفوق التحقيقات التي جرت على أثر اغتيال الرئيس الأمريكي جون ف كينيدي، بفارق أن التحقيق الذي تولاّه بيلمار في جريمة الاغتيال يجري في إطار دولي والتحقيق في اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جرى في إطار وطني
فلماذا التشكيك من قبل جهة معيّنة، هي محور ايران – سوريا – حزب ألله في هذا المسار الدولي، رغم تأكيد هذا المحور باستمرار على براءته من ذلك الفعل الشنيع؟ ولماذا التهديد بتصفية وجود لبنان كدولة إن صدر “القرار الظني” عن مكتب بيلمار؟
والسؤال المحيّر هو: كيف تستطيع سيدة تحترم نفسها الادعاء بأن هكذا محكمة ذات هكذا مسار طويل وتكاليف ضخمة وخبراء دوليين وأرشيف كبير للغاية محكمة مسيسة ولكنها في الوقت ذاته تغمض العين عن تحقيقات صورية ومحاكم صورية في بلدها الذي فقد كل لون من ألوان العدالة القانونية في ظل نظام تعمل فيه السيد بثينة شعبان مستشارة للسيد الرئيس؟ ألهذه الدرجة وصلت في ريائها ونفاقها الذي فاحت رائحته وبدأ الناس يسخرون منها بسببه في شتى أنحاء المعمورة؟
هل على بيلمار أن يتعلّم من خبراء الجريمة السورية الذين “حققوا!!!” في جرائم اغتيال شيخ الشهداء محمد معشوق الخزنوي، أو اللواء محمد سليمان أو عماد مغنية، وجرائم اغتيال الشباب الكوردي، أو الجرائم التي حقق فيها خبراء التحقيق السوري في لبنان، يوم كانت لبنان تحت أيدي الاحتلال السوري؟ أم على السيد بيلمار أن يأتي إلى دمشق وينضّم إلى من يتعلّم على أيدي قضاة “محكمة أمن الدولة العليا الاستثنائية” في سوريا؟
وماذا يريد السيد الرئيس قوله للمجتمع الدولي؟
-هل يريد التلميح بكلامه إلى أن حزب ألله الذي يتلّقى أوامره من مدينة قم الايرانية سيشعل فتيل الحرب الأهلية مجدداً في لبنان؟ وعلى المجتمع الدولي رشوته وصدّه عن حرب مدمّرة بالغاء القرار الظني عن المحكمة الدولية؟ والرئيس السوري في هذا يلعب دور المخبر الذي لاحول ولاقوّة في أيديه ؟ هذا الدور الذي لايقبله أي رئيس دولة على نفسه، وبخاصة دولة عظيمة وقوية وقادرة على ابتلاع لبنان في سويعات قلائل، في حين أنها عاجزة عن استرجاع شبر واحد من أراضيها المحتلة؟
-أم الرئيس الأسد خائق مذعور من أن تكون وراء الأكمة أكمة؟ فصدور أي قرار ظني من المحكمة الدولية يتهم حزب ألله سيكون له مقعول سقوط حجرة من أحجار الدومينو المرصوفة وراء بعضها، وبالتالي فإن عدوى اتهام حزب ألله سينتشر بين بيروت وطهران ويسمم الأجواء التي يعيش فيها النظام السوري برمتها؟
ومهما يكن، فإن اتخاذ هكذا موقف معارض بشكل صارخ لصدور القرار الظنّي الذي سيصدر – كما يبدو- مهما كانت النتائج وخيمة للفرقاء، يثير الشكوك في أن النظام السوري مرعوب، حيث أنه من جهة يعارض صدور القرار ولايضع بين أيدي بيلمار أي جديد حول مشبوهين آخرين في المنطقة، فهل جاءت صحون طائرة من السماء واغتالت الشهيد رفيق الحريري وأكثر من (20) إنسان معه في ظل الاحتلال السوري ورغم تواجد كل شبكات الرصد والتجسس والمراقبة السورية في لبنان، أم أن دولة مجاورة أطلقت صاروخاً غير مرئي ليعبر سماء لبنان الذي كان في حماية سلاح الجو السوري آنذاك؟
ونصيحة للسيدة بثينة شعبان باعتبارها مستشارة سياسية في دولة أن لاتطلق تصريحات تكشف بانعكساتها عري نظامها الذي تدافع عنه، فإن أي مقارنة بين مسار التحقيق لدى المحكمة الدولية وبين مسارات التحقيق لدى المحاكم العسكرية والأمنية السورية ستجعل الناس ساخرين مستهزئين بما يجري على ساحة القضاء السوري اليوم… فإذا قلنا بأن المحكمة الدولية مسيسة، دون أن نذكر شيئاً عن محاكمات بلادنا، فهذا يعني أننا نكيل بمكيالين ونوزن بميزانين، وهذا هو النفاق يا سيدتي الكريمة